رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام بالغرف التجارية علي عوف يقول في تصريح متلفز إن الإنسولين متوفر في صيدليات الإسعاف ولم ينقص ويتم بيعه بالروشتة والرقم القومي وتحليل السكري pic.twitter.com/dXGgI0ZQVB
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) August 30, 2024
القاهرة- بعد أن ودعت الصفوف المزدحمة، أمعنت الشابة ندى النظر فيما بين يديها، لا تصدق أنها أخيرا تمسك بالدواء الذي ظلت تبحث عنه طيلة 3 أشهر في الصيدليات والمستشفيات دون جدوى.
وأمام صيدلية الإسعاف بمنطقة وسط البلد في القاهرة، انتظرت ندى 5 ساعات، مع العشرات من المرضى أو ذويهم للحصول على الدواء، والبعض يحتمي بمظلة ضخمة وآخرون يفترشون الرصيف بينما ينسحب آخرون ثم يعودون للانتظار مرة أخرى.
ولا أحد يشكو الانتظار، وكلما شوهد الدواء المرجو بين يدي طالبه، يعم الرضا والصبر على المشقة، وحين ينتشر خبر غياب صنف معين تعود خيبة الأمل.
ويشهد سوق الدواء المصري، منذ أشهر، اختفاء عدد كبير من أصناف خاصة تتعلق بالأمراض المزمنة كالضغط والسكري والأمراض المناعية.
وتشير تقديرات شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية إلى نقص في حجم المعروض بالأسواق يبلغ حوالي ألف نوع من أصل 17 ألف صنف، غير أن الاستغاثات عبر منصات التواصل وشكاوى الصيادلة تؤشر إلى تفاقم الأزمة وتضاعف حجم الأدوية غير المتوفرة.
وتعاني والدة ندى من مرض السكري، وتحتاج إلى جرعة يومية من الأنسولين من نوع "ماكستراد 30".
وداومت المواطنة على شراء الصنف المستورد لضمان جودته، لكن حين ارتفع ثمنه نتيجة لارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه، اقترحت على والدتها -وهي موظفة على المعاش- صرف الأنسولين "النوع المحلي" من هيئة التأمين الصحي وهي جهة رسمية تصرف الدواء بالمجان لمن يمتلك بطاقة التأمين الصحي.
واستمرت في استعمال الأنسولين المحلي ولكن عندما توجهت قبل 4 أشهر إلى فرع الهيئة للحصول على جرعتها الشهرية، فوجئت بعدم توفره كباقي الأصناف التي اختفت فجأة من الأسواق. وبعد رحلة بحث طويلة، عرض عليها أحد العاملين بإحدى الصيدليات علبة واحدة بـ5 أضعاف ثمنها فاشترتها فورا.
ويبلغ عدد مرضى السكري المسجلين فقط بهيئة التأمين الصحي نحو 11 مليون مواطن حتى ديسمبر/كانون الأول 2022، وفق تصريحات رسمية.
ولم تتمكن والدة ندى من الحصول على الأنسولين مرة أخرى بأي سعر، مما اضطرها لاستخدام نوع آخر منه "حبوب" فتدهورت حالتها الصحية ونُقلت إلى المستشفى. وصادفت الابنة منشورا عبر فيسبوك يفيد بوجود أصناف أدوية كثيرة -مختفية من الأسواق- في صيدلية الإسعاف، فتوجهت على الفور إليها لتبدأ رحلة جديدة للحصول على الدواء.
وتقول ندى -للجزيرة نت- إنها صرفت من الصيدلية علبتين من الأنسولين بسعر 92 جنيها (قرابة دولارين) للعلبة الواحدة بزيادة بنحو 30% مقارنة بسعره قبل أزمة الدواء الأخيرة.
وتضيف أنها لم تستخدم الأوراق التي سبق وتم الإعلان عنها لصرف الأنسولين من الإسعاف وهي صورة بطاقة الرقم القومي والروشتة العلاجية للمريض وتحليل حديث للسكر فـ"لم يسألني الموظف عن أي مستند، فقط سألني إذا ما كنت أحتاج شراء علبة أم اثنتين وهو الحد الأقصى للصرف من الصيدلية".
تعد صيدلية الإسعاف منفذا لبيع المنتجات الدوائية للشركة المصرية لتجارة الأدوية. وفي يوليو/تموز الماضي، أعلنت الهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد الطبي عن افتتاح 13 فرعا لها في 12 محافظة لتسهيل وصول العلاج للمرضى.
وقد تأسست هذه الشركة عام 1965 وهي تابعة لوزارة قطاع الأعمال العام، ثم انتقلت ملكيتها عام 2020 إلى هيئة الشراء الموحد (حكومية) وتعد أحد أكبر مستوردي وموزعي الدواء بمصر. وتوجد في مصر نحو 84 ألف صيدلية موزعة على مختلف المحافظات، حسب الهيئة العامة للدواء.
وبحسب تجربة قامت بها الجزيرة نت لشراء دواء "يوروسولفين" (لا يتوفر بالأسواق) من صيدلية الإسعاف، لاحظت وجود 3 مراحل لصرف الأدوية هي:
وليست كل المحاولات ناجحة بصيدلية الإسعاف، فهناك أصناف دوائية غير موجودة مما يجعل السائل أمام مصير مجهول حيال المرض.
وذلك ما حدث مع أشرف الذي جاء لاهثا إلى الصيدلية من مدينة بنها (شمالي القاهرة، تبعد نحو 50 كيلومترا) ليبحث عن دواء "كونكور" الخاص بمرض الضغط. وانتظر في الصف الطويل لكنه صُدم بأن الدواء غير متوفر. ولم يعد أمامه سوى العودة إلى بلدته وزيارة الطبيب المعالج كي يحدد دواء آخر بدلا من النوع الذي داوم على استخدامه لسنوات وكان مناسبا لحالته.
تتنوع الأسباب التي يطرحها المسؤولون الحكوميون، والجهات المختصة بصناع ....