آخر الأخبار

لم تضحكني مسرحيّتك يا جورج هذه المرّة... وللأسف 'مصيرنا معلّق بهالحمار!'

شارك الخبر

كتبت ماريان زوين في موقع mtv:

لم تضحكني مسرحيّتُك يا جورج خباز هذه المرّة، ولو نجحتَ بسرقةابتساماتي في بعض المشاهد. 

أنا أعترف أنّني ربّما جدّ غاضبة من الوضع السياسي الحالي، وليس بالسّهل عليّ أن أتقبّل الضحك على المآسي، ففي داخلي غضبٌ كبير... أحد الأسباب التي كنتَ صرّحتَ إنّها أبعدتك عن خشبتك المسرحيّة الأقرب الى قلبك، لأنّ بعد ما جرى في السنوات الخمس الماضية، سبق وقلتَ في مقابلة صحافيّة: "بدا لي كل شيء صغير أمام حجم الحدث الحاصل وقت الانفجار، فكيف لي أن أتغاضى عن وجع الناس وأخفي الحقيقة، وأتكلّم بمرح وكأن شيئاً لم يكن؟ كان هناك غصّة تمنع التعبير". 

غصّتي كانت تمنعني من الضّحك أيضًا، ولكنّني أعترف مرّة أخرى، أنّه وبالرغم من قساوة المشاهد، ذكاء نصّك الذي ينتقل بسلاسة بين التراجيديا والكوميديا، طرافتكما المعتادة عادل كرم وأنت، عفويّتكما واحتفرافيتكما، تغلّبت على بشاعة القصّة، كما أنّ السينوغرافيا البسيطة التي جسّدت جبهات ثقيلة، ساهمت في أن أتنفّس أكثر خلال عرض قصّةِ حبست انفاس كثر على مرّ التّاريخ، وما زاد النّفس، نفسًا كانت موسيقى لوكاس صقر العبقريّة التي تدخل القلوب وتحفر فيها من دون استئذان!

لكن عمليًّا، مسرحيّتك يا جورج،أغضبتني، أبكتني، استفّزتني وجعلتني أسأل أكثر من سؤال…

مشهد رقصكما، بينما مشاهد القتل والدمار خلفكما متواصلان، لم يضحكني… بل جعلني أسأل:"حتّى متى سنظلّ نرقص على أحزاننا، على جثثنا، على ماضينا المدمّر، هروبًا منه وليس بعد شفائنا منه؟"

⁠"كل الناس ضحايا بالحرب حتّى المقاتلين"، صحيح، وضحكات الجمهور اكبر دليل على ذلك، خصوصًا عندما ضحك قرابة ٨٠٠ شخص من مالئي صالة العرض في مسرح كازينو لبنان، بعد اكتشاف "ابو الزوز" أنَّ بطل فيلم تلك الصبيّة كان ذاك "حامل كيس البندورة البريء" ضحيّة تقنيصه… "ما الذي يضحك بهذا الخبر التعيس؟"، سمعتُإحداهنّ تهمس على كرسيّها الغارق في عتمة الصالة، فأجبتها من دون أن أعرفها، وعيناي مسمرّتان على وقفة "ابو الزوز" "المحردب" والتي زادتها الدّنيا بثقلها عليه… أجبت "ايه، هيدا شي ببكّي!" 
وأكملنا معًا العرض، وأدركت مرّةً اخرى كم مرّة نهرب فيها من جروحنا دون ان نداويَها، نهرب عبر ضحكة زائفة، ونعتقد انّه "قطوع ومرق…"

⁠مشهد "ابو مطوة" الذي "تعوّد عالحمرنة صراحة"، وقَبِل بشعار "الحمار"، "أحسن ما ياكل قتلة"، أحزنني، ليس فقط تعاطفًا مع "ابو مطوة" ضحيّة بيئته التي قبل أن تضعه في أقلّ المراتب خوفًا من عقوبته اذا انتفض عليها، بل معنا نحن الضحايا الكثر اليوم الذين وبحسب قوله: "مصيرنا معلّق بهالحمار!"

أمّا مصير الزفاف في ٢٠-٨-٢٠٢٠ لموظّف "البور" ابن "ابو مطوة"، فبقي مجهولًا... هي وظيفة "كيّف فيا لان بتعملّو برّاني" "وصار في يفتح بيت"… تساءلت: هل فتح البيت؟ او قضى في ٤ آب كأكثر من ٢٠٠ ضحيّة  لانزال بعد اربع سنوات، نجهل هويّةقاتلهم، وفريقٌ، واضحة هويّته السياسيّة يمنع جهارةً إكمال مسار العدالة لهؤلاء…

ومن هذا السؤال، من قضيّة عايشتها، سألت أكثر عن حرب لم اعايشها، لكنني قرأت عنها وسمعت قصص ابطالها وضحاياها…

سألت، إذا كنّا اليوم نشهد بوضوح على محاولة لتزييف الحاضر أمام أعيننا كي لا تبقى الحقيقة للتاريخ، فمن قال إنّه لم ينشط هذا الدور سابقًا كي تشوّه حقيقة "الحرب اللبنانية"، "حرب الآخرين على ارضنا"، وتصبح ببساطة فقط مجرّد "حربًا اهليّة"، تقاتل فيها المسلم والمسيحي، المسيحي مع المسيحي والمسلم مع المسلم؟

هل مشكلتنا هي فعليًا في جوهرها بين من "تعمّد بالميرون" ومن "يطرش بيته نبيدي"؟  أم هي مشكلة غبن؟ مشكلة حقوق وواجبات غير متساوية بين جميع المواطنين، وفائض قوّة غير شرعيّة، وأجندات خارجيّة يتمّ اسقاطها على أرضٍ سبق وعاشت ازدهارًا لم يُراد له ان يستمرّ؟

أمن العدل ان نختصر حربًا بشخصيتين لرجلين بحثا عن تقديرٍ لهما فقاتلا؟
⁠لم يكن جميع من حارب "جهلةً" او "باحثين" عن دور… ألم يكن هناك من قاتل قناعةً منه بكلمات أغنيات لكبار، كبرنا معهم وردّد أسماءهم نصّ "خيال صحرا"؟ ألم يكن هناك من قاتل قناعةً منه بـ "سبقونا الابطال وقالو ارضي ما بتنطال... يا منكون رجال أبطال، احرار وبيبقى الوطن… يا منموت كلنا وبينتهي الوطن"؟

أمن العدل أن نضع الطرفين في سلّةٍ واحدة؟ من قال إنّ التاريخ يجب ان ينصف كل الاطراف سواسية؟
وإذا لم تنجح بعد مدارسنا وجامعاتنا بطرح التاريخ بجرأة ووضوح، أليس من مسؤوليّة أسمى الفنون، وبنظري هو المسرح، أن يطرح الاشكاليّات بعمقها وألّا يختصر الحلّ بـ"إنّهنضلّ نغلي هالخبّيزة!"

الحلّ لا يكمن بال"خبّيزة"، يتضّح لنا ذلك إذا تعمّقنا في نصّ جورج، وهذا ما دفعني الى التفكير بما هو الحلّ إذًا... خبّاز كان سبق وصرّح بأنّه لم يعالج المشكلة ولم يبحث عن حلول في هذا العمل... وكان واضحًا أنّ مسرحيّة "خيال صحرا" أرادت ان تغطّي زاوية واحدة من هذه الحرب اللبنانية وهي زاوية يمكن ان تلتقي مع أكثر من حرب ربّما غير لبنانيّة، وهي الجوانب الانسانيّة المتشابهة لهذين المحاربين، ولماضيهما كلٌ على جبهته، إيمانًا منهما أّنهما يبنيان لمستقبل افضل، لكنّ ذلك لم يحصل! 

وهنا بيت القصيد... هنا يكمن السّؤال… لماذا ذلكلم يحصل؟
لماذا لم تتحقّقبعد الدّولة السيّدة الحرّة المستقلّة؟دولة يعيش فيها المواطن بكرامة، ينال فيها حقوقه، "وما بيشحدها من الزّعيم!"
الحقّ عمين؟
برأيي الحقّ حقّ وليس وجهة نظر… ويجب اظهاره… ولائحة أسماء من تفوّهوا بهذا الحقّ تطول… كثيرون منهم اغتيلوا لأنّهم قالوا "الحقيقة" ولو لم تكن "حقيقةً" لما قتلوهم… 

ما الحلّ؟ أن نشتم الجميع وأعتكف الشّأن العام وقضيّتي الاعلاميّة؟
لم أخرج بهذه الخلاصة!

خرجت بخلاصتين،

الاولى: 
"لماذا كانت تلك النتيجة؟" موضوع تستحقّ معالجته في مسرحيّة مقبلة… ومن كلّفته الحقيقة ثمنًا باهظًا، يستحقّ أن يُنصَف!

والثانية، هي أنّ مسرحيتك يا جورج أغضبتني، أبكتني، استفزتني وجعلتني اسأل أكثر من سؤال، وانا أدرك تمامًا انّك تشرح دائمًا أنّ هذا هو الدور الفعلي للمسرح…

"مبروك الرّجعة… ناطرينكبأكتر بعد… لأن بهال٤ سنين، صار الوجع كبير.. وكتير امور بطّلت متل قبل..."

MTV المصدر: MTV
شارك الخبر

إقرأ أيضا