وتشير عديد من التوقعات إلى أن الطلب على الوقود الأحفوري سيظل مستقرًا بشكل كبير في العقود المقبلة، مما يعزز الحاجة إلى استمرار الاستثمار في هذا القطاع لضمان تلبية احتياجات الطاقة المتزايدة على المستوى العالمي.

في هذا السياق، قالت شركة إكسون موبيل إن الطلب العالمي على النفط سيظل دون تغيير تقريباً بحلول العام 2050 وحذرت من أن أي تحرك لتقليص الاستثمار في الوقود الأحفوري من شأنه أن يؤدي إلى صدمة جديدة في أسعار الطاقة.

وفي توقعات أصدرتها مطلع الأسبوع، يوم الاثنين 26 أغسطس، قالت شركة النفط الأميركية العملاقة إن الطلب على النفط سيظل أعلى من 100 مليون برميل يومياً على مدى السنوات الـ 25 المقبلة - وهو التوقع الذي يفترض أن التحول في مجال الطاقة سيفشل في كبح جماح تعطش العالم للوقود الأحفوري.

حذرت شركة إكسون من صدمة نفطية عالمية جديدة إذا فشلت الشركات في مواصلة الاستثمار بما يتناسب مع الطلب، قائلة إن أسعار الخام قد تتضاعف أربع مرات مع انخفاض العرض.

انخفاض الانبعاثات

ورغم استمرار الطلب القوي على النفط والغاز، توقعت شركة إكسون أن تنخفض انبعاثات الكربون بنسبة 25 بالمئة بحلول العام 2050 بسبب زيادة كفاءة الطاقة، وإطلاق تقنيات مثل احتجاز الكربون والطاقة المتجددة.

وقال تقرير إكسون إن النفط والغاز سيظلان ضروريين للاقتصاد العالمي مع دفع النمو السكاني إلى زيادة بنسبة 15 بالمئة في إجمالي استخدام الطاقة بحلول العام 2050.

وفي حين أن الحاجة إلى النفط لصنع البنزين للسيارات الخاصة سوف تنخفض بمقدار الربع بحلول عام 2050، فقد توقعت شركة إكسون، أن الطلب من الصناعة - أكبر مصدر للاستهلاك - سوف يعوض ذلك.  

أمن الطاقة

كان الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) هيثم الغيص، قد شدد في تصريحات سابقة، على أن "نقص الاستثمارات في قطاع النفط والغاز قد يعرض أمن الطاقة العالمي للخطر"، لافتاً إلى أن المنظمة "متفائلة بخصوص الطلب وترى أن نقص الاستثمار يشكل تهديداً لأمن الطاقة".

تصريحات الغيص حملت تحذيراً من مغبة دعوات إيقاف الاستثمار في القطاع، وأنها سوف تأتي بنتائج عسكية. وأفاد بأن "الاستثمار في قطاع النفط والغاز مهم لأمن الطاقة". وقال الأمين العام: "طاقتنا الإنتاجية الفائضة تتراجع بشدة، قلنا ذلك مراراً وهو ما يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية لإدراك أهمية الاستثمار في هذا القطاع".

كما أكد الغيص على أن "الدعوات المطالبة بوقف الاستثمار في مشاريع نفطية جديدة مضللة ويمكن أن تؤدي إلى فوضى في مجال الطاقة والاقتصاد".

استقرار الطلب

من لندن، قال خبير اقتصاديات الطاقة، نهاد إسماعيل، في حديث خاص مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن:

  • الطلب على النفط سيستقر حتى 2050 أو ربما 2060، وسيكون الطلب تقريباً في حدود 100 مليون برميل حسب توقعات شركات النفط الكبرى.
  • الطلب على النفط لن يختفي حتى مع قدوم السيارات الكهربائية، ففي 4 يوليو الماضي خلال عيد الاستقلال الأميركي قُدر أن أكثر من 70 مليون سيارة كانت في الطرق للاحتفال مع الأقارب، وهذه السيارات منها 90 بالمئة منها تعمل بالبنزين وليس الكهرباء.
  • الطلب على السيارات الكهربائية واجه تباطؤاً خلال السنوات الأخيرة، حتى شركة "تسلا" تكبدت خسائر في النصف الأول من العام.. بما يعكس أن الاستثمار في السيارات الكهربائية بدأ يتراجع بسبب مشاكل أخرى مثل مقاومة المستهلك نظراً لارتفاع أسعارها، والسائق العادي يفضل البنزين لأنه يستطيع أن يعبئ سيارته لتغطية مسافة كبيرة، لكن في المقابل السيارات الكهربائية لو انتهى شحن البطارية أو المادة الكهربائية المخزونة في منتصف الطريق السريع بعيد عن نقاط الشحن فإنه ستكون هناك مشكلة للسائق.

على العالم أن يتوقف عن "شيطنة" النفط!

وأضاف: النفط سيبقى مصدراً رئيسياً للطاقة ربما حتى نهاية القرن والإنفاق على الاستثمار في الطاقة التقليدية سيستمر، وهناك تقديرات أن الاستثمارات في قطاع الطاقة الأحفورية تصل إلى 570 مليار دولار هذا العام.

  • لذلك النفط لن يختفي.. وعلى العالم أن يتوقف عن "شيطنة" الطاقة الأحفورية.
  • النفط سيكون جزءاً -بحلول نهاية القرن- من مزيج الطاقة: كالسيارات الكهربائية وربما الهيدروجينية.
  • الطاقة الكهربائية بشكل عام ستأتي من خلال مزيج يتألف من الطاقة النووية والغاز الطبيعي والنفط.
  • لمستهلك سيستمر في استخدام البترول لتشغيل مركبته أو سيارته لعشرات السنين.. وتقديرات شركة إكسون موبيل تؤكد ذلك (..).

كما أفاد بأن هناك استثمارات ضخمة أيضاً في مجالات الطاقة النظيفة والمتجددة، وخلال 2022 عندما بدأت الحرب في أوكرانيا وفُرضت عقوبات غربية عليها وتمت مقاطعة الغاز الروسي أدى كل ذلك إلى تحفيز العالم للاستثمار في الطاقة النظيفة.

واتفق إسماعيل مع التحذيرات المرتبطة بالتوقف عن الاستثمار في النفط أو خفضها وتأثير ذلك على أمن الطاقة (..) موضحاً على الجانب الآخر أن ثمة حاجة للاستثمار في الطاقة الأحفورية لأننا سنحتاجها لسنوات طويلة، والاستثمارات ستستمر حتى أن دول خارج منظمة "أوبك" ترفع الإنتاج، والولايات المتحدة تنتج قرابة 13.5 مليون برميل يومياً، والبرازيل 3.5 مليون ولديها مخطط لرفعه إلى 4.4 مليون السنوات المقبلة حتى الدول الصغيرة مثل غويانا في 2019 كانت تنتج صفر والآن تنتج 600 ألف برميل، لذلك الإنتاج يرتفع ودول أوبك قادرة على رفعه لتلبية الطلب العالمي.

ضرورة لتحقيق الاستقرار

من جانبه، أكد الخبير الإقتصادى، الدكتور كمال أمين الوصّال، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أنه:

  • لا شك أن استمرارية الاستثمارات فى قطاع النفط والغاز ضرورية لتحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة وضمان توافر إمدادات الطاقة.
  • أهمية هذه الاستثمارات تزداد بدرجة كبيرة فى ظل التوترات الجيوسياسية الحالية والتي تغطي رقعة كبيرة من العالم بدأت بالحرب الروسية الأوكرانية ولا تنتهى بالتوترات فى منطقة الشرق الأوسط حول أحد أهم الممرات البحرية.

وشدد على أن هذه التوترات السياسية وما نتج عنها من اختناقات في أسواق الطاقة تدفع في كثير من الأحيان إلى تهديد أمن الطاقة العالمي ومن هنا تزداد أهمية الاستثمارات فى قطاع النفط والغاز، يضاف إلى ذلك أن الاقتصاد العالمي ما زال يتأرجح بين التعافي الاقتصادي الحثيث  وبين الاستمرار فى حالة التباطؤ الاقتصادي التى لم يشهدها الاقتصاد العالمي منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.

وأوضح ال ....