آخر الأخبار

هذا يقيل ذاك .. والملاعب الرياضية العالمية بالجزائر إلى أين؟

شارك الخبر

الجزائر الآن ـ يبدو أنّ تدهور أرضيات الملاعب في الجزائر، أصبحت تطرح أكثر من علامة استفهام، في ظل غياب حلول جادة و نهائية لهذا الملف، الذي يعود للواجهة عشية كل استحقاق رياضي سواءً للمنتخب الوطني، أو الاندية الجزائرية المشاركة في المنافسات القارية.

الغريب أنّ ملعب الزعيم نيلسون مانديلا التي صرفت عليه الدولة الجزائرية الملايير، يظهر بتلك الصورة البائسة مع أول مقابلة في الموسم الجديد، فمن تابع لقاء مولودية الجزائر ونادي واتانغا الليبيري في إطار الدور التمهيدي لرابطة أبطال إفريقيا أمس الأحد شعر بالإهانة، وتمنى عدم بث المقابلة على شاشة التلفاز، حتى لا يستغل أولئك الحاقدون على الجزائر تلك الصورة لأرضية الميدان من أجل التهكم ونشر البلبلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أنّ الملعب كان  تحفة عالمية دشنت من طرف رئيس الجمهورية بحظور رئيسي الفيفا و الكاف . ونجحت الجزائر في ذلك اليوم في تسويق صورة رائعة عن الجزائر و منجزاتها الرياضية العالمية لصالح الشباب الجزائري .

وما يقال عن ملعب نيسلون مانديلا يقال أيضا عن ملعب 5 جويلية، الذي لا يمكن برمجة مقابلات حاليا على أرضيته لسوئها، رغم أنّه أيضا كان بعيدا عن الخدمة طوال الأسابيع الماضية، وهذا دون الحديث عن ملعب الشهيد “علي لابوانت”، الذي تدهورت أرضية ميدانه، قبل تطأه أقدام اللاعبين ، ما يطرح عديد التساؤلات التي لازالت دون إجابة لحد الآن ، بل تكاد تتحول مع الوقت إلى لغز حقيقي .

ـ الاختباء وراء الطقس أسطوانة مشروخة وكذلك باقي الأعذار 

تعوّد القائمون على تسيير الملاعب في كل مرة الاختباء وراء الطقس لتبرير الوضعيات الكارثية للملاعب، ففي الشتاء يقولون أنّ سوء الأحوال الجوية أثر على الأرضية، وفي الصيف يتهمون درجة الحرارة، ولكن هذه الأعذار لا نجدها في أوروبا وأمريكا والخليج، بل تجربة القائمين على ملعب الشهيد حملاوي بقستطينة تبطل هذه الإدعاءات ، فمن تتبع بطولة كأس أوروبا الأخيرة ورغم الانتقادات الكبيرة للأرضيات، إلا أنّها كانت في حالة جيدة ولم تؤثر الأمطار الغزيرة التي صاحبت المنافسة على أداء اللاعبين، أما في الخليج، فيكفي إلقاء نظرة إلى ملاعب قطر والسعودية التي انطلقت بهما المنافسة هذا الأسبوع، لتكتشف أنّ الحرارة التي تقارب في أغلب الأحيان 50 درجة مائوية، لم تؤثر على العشب، إلا إن كانت الشمس التي تسطع في الخليج ليست هي نفسها الشمس التي تلقي حرارتها عندنا. وبالتالي لا الإخباء وراء أسطوانة الطقس ولا باقي الأعذار مهما كانت مقبولة .

ـ هل تكفي الاقالات لتصحيح الوضع؟

الإجابة عن هذا السؤال تكون بالتأكيد “لا”، لأنّ الأمور لم تتغير، فكم من مدير ملعب أقيل لهذا السب، إلا أنّ الأمور لم تتحسن، والأكيد الجميع هنا يتذكر ما كان يحدث مع ملعب مصطفى تشاكر بالبليدة، وكم من مدير أقيل بسببه، بل وصلت الإقالة إلى مدير الشباب والرياضة، ولكن لا شيء تغير، والأكيد أنّ نفس الأمر سيتكرر مع ملعب نيلسون مانديلا، وإقالة المكلف بتسيير الملعب، مجرد ذر للرماد في العيون، مادام لا أحد بإمكانه إيجاد السبب الحقيقي لما يحدث، هل هو سوء التسيير، أو نوعية العشب أو أشياء خفية، حتى لا نقول مؤامرة.

وبالحديث عن المكلف بتسيير ملعب نيلسون مانديلا، فإنّ إقالته تعتبر عقوبة مخففة، لأنّ المشكلة لم تكن في الأرضية فقط، بل حتى المدرجات، كانت في أسوأ أحوالها، بسبب الأتربة والغبار، ما يعني أنّ المركب كان في حالة إهمال تام منذ نهاية الموسم الماضي، ولولا الصور التي نشرها بعض أنصار المولودية على مواقع التواصل الاجتماعي، لربما وجد هذا المسيّر عذرا، واتهم “الشمس” بأنّها وراء الصورة المخزية التي ظهرت عليها الأمانة التي كُلف بالاعتناء بها.

ـ مجهودات السلطات العليا في مهب الرياح

ربما لم تراهن السلطات الجزائرية منذ الاستقلال على تقديم صورة ناصعة عن الجزائر من خلال منشئاتها الرياضية، كما تفعل حاليا، وما تحقق في أربع سنوات لم يتحقق في عشرات السنوات، فقدّمت الجزائر لشبابها ملعب ميلود هدفي بوهران، الذي كان قدّم صورة رائعة عن الجزائر خلال ألعاب البحر الأبيض المتوسط، وجاء بعده ملعب نيلسون مانديلا، ليؤكد للعالم أنّ هذه الدولة الواقعة في شمال إفريقيا لها من الملاعب ما يجعلها تفتخر أمام الأوروبيين والخليجيين، وبتدشين ملعب الشهيد “علي لابوانت”، وبعده ملعب المجاهد حسين آيت أحمد بتيزي وزي، أكدت الجزائر أنّها جاهزة لاحتضان أكبر التظاهرات العالمية، وأنّها لا تحتاج إلى سنوات لتجهيز منشئاتها، لتنظيم كأس إفريقيا، بل لو طلب منها تنظيم أي تظاهرة رياضية بعد 24 ساعة لكانت جاهزة، بإضافة ملاعب 5 جويلية والشهيد حملاوي بقسنطينة و19 ماي بعنابة.

كل هذا كان بإرادة سياسية كبيرة قادها الرئيس عبد المجيد تبون، وجعل الجزائر التي كانت في السابق لا تكاد تجد ملعبا صالحا لاحتضان مقابلات الأندية الإفريقية، من أكبر الدول امتلاكا للملاعب، فما كان من الكاف إلا الموافقة على اعتماد 6 ملاعب كاملة، في انتظار إضافة ملعب الشهيد “علي لابوانت”، لتكون الجزائر صاحبة أكبر عدد من الملاعب المعتمدة من طرف الكاف، في وقت لا تملك تونس مثلا إلا ملعبا واحد، وهناك دولا كبيرة في إفريقيا تضطر إلى استضافة منافسيها خارج أراضيها.

ولكن من خلال ما يحدث لهذه الملاعب، ندرك أنّ الإرادة السياسية وحدها غير كافية، إذا لم توكل المهمات إلى أصحابها، وأنّ ضخ الملايير لإنشاء ملعب ثم وضعه تحت تصرف شخصا غير مسؤول أو بعيدا عن الاختصاص المطلوب، يعني ببساطة، هدرا للمال العام، وهو ما يجب على السلطات العليا تصحيحه، لأنّه لو بقيت الأمور تسير بنفس الطريقة، فلن يكون هناك ملعب مؤهل لاستضافة لقاءات الخضر في السنوات القادمة، رغم وجود العشرات من الهياكل الرياضية، ولكن بلا روح.

ـ ما هي الحلول الممكنة؟

من الصعب إيجاد الحلول عبر مقال صحافي أو تصريح للاعب عبر شاشة التلفزيون، فالحل هنا لا يكون إلا من طرف أهل الاختصاص، ولهذا على وزارة الشباب والرياضة، أن لا تعتبر إقالة المسؤولين هو الحل الوحيد، بعدما أكدت هذه الطريقة فشلها، ولكن عليها تشكيل لجنة وطنية، لدراسة المشكلة من كل جوانبها وبعد ذلك طرح الحلول، ومن المفترض أن تتكون اللجنة من خبراء في الفلاحة أولا، مع خبراء في الطقس ولن يكون هناك حرج إذا استبعد الرياضيون من هذه اللجنة، وبعد ذلك تعيين مدير ملعب يكون ملما جيدا بكل المتطلبات اللازمة للحفاظ على الملعب من كل جوانبه، ويكون الخبراء دائما إلى جانبه، فلا يتخذ أي قرار إلا بموافقتهم.

كما أنّ هناك من يطرح حلولا أخرى، كعدم ترك مهمة تسيير الملاعب لوزارة الشباب والرياضة، وتشكيل مؤسسة خاصة تضم خبراء من كل القطاعات المعنية، وتكون لها ميزانية خاصة، تضخ مباشرة من الوزارة الأولى، وهذا ما يعني منحها الاستقلالية التامة، حتى يبعدها عن الصراعات الهامشية أو عقد إتفاقية بين الملعب و شركة مختصة في العشب الطبيعي تكون على مستوة عالي .

الجزائر الآن المصدر: الجزائر الآن
شارك الخبر

إقرأ أيضا