آخر الأخبار

ما الذي كشف عنه مقتل إسماعيل هنية في طهران حول الوضع الأمني والاستخباراتي الإيراني؟

شارك الخبر

أثار اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران تساؤلات حول النظام الأمني والاستخباراتي الإيراني، لا سيما أن الحادث يأتي ضمن قائمة طويلة من الاغتيالات لشخصيات إيرانية أو مرتبطة بإيران داخل البلاد وخارجها.

وقد اغتيل هنية يوم الأربعاء 31 يوليو/تموز، بينما كان في العاصمة طهران لحضور مراسم تنصيب الرئيس الجديد مسعود بزشكيان.

وسارعت إيران وحماس إلى اتهام إسرائيل، التي من جهتها لم تعلق على الاتهام، فيما ذهبت بعض القراءات إلى توجيه أصابع الاتهام إلى جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) مباشرة.

ومن ذلك موقع أكسيوس الأمريكي الذي نقل عن مصدرين "مطلعين" أن الموساد "فجّر قنبلة كانت مزروعة في غرفة هنية" بمقرّ إقامته الرسمي في العاصمة الإيرانية طهران.

وجاءت عملية اغتيال هنية في طهران، بعد اثنتي عشرة ساعة فقط من اغتيال إسرائيل القيادي البارز في حزب الله فؤاد شكر بغارة نفذتها مسيرة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية، في العاصمة اللبنانية بيروت.

وليست هذه المرة الأولى التي تحاول فيها إسرائيل قتل هنية، بحسب كايلي مور-غلبرت، باحثة العلوم الأمنية في جامعة ماكواري الأسترالية.

وفي مقال نشرته مجلة فورين بوليسي، أشارت كايلي إلى تصريحات الساسة الإسرائيليين في أعقاب هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول بأن قيادات حماس هم "أموات يمشون على الأرض".

وعادة ما يضطلع جهاز الموساد بعمليات الاغتيال خارج إسرائيل. وفي يناير/كانون الثاني، أكد رئيس الموساد ديفيد برنيع أن الجهاز "ملزَم" بقنص قادة حماس، قائلاً إنه "قد يستغرق الأمر وقتاً، لكن أيدينا ستطالهم أينما كانوا".

وفي حديث لبي بي سي قال سيد غنيم، الأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل، "إن عقيدة الاغتيالات لدى الموساد مترسخة وليست بالأمر الحديث، وإنْ كانت قد زادت في السنوات العشرين الأخيرة".

"لكن عمليات الاغتيال لشخصيات إيرانية كانت تتم خارج إيران، سواء بأيدي إسرائيلية أو غيرها" كما أضاف غنيم.

ولعل من أبرز هذه العمليات تلك التي سقط فيها قائد قوات فيلق القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، في الثالث من يناير/كانون الثاني 2020، في غارة جوية أمريكية بطائرة مسيّرة قُرب مطار بغداد.

وفي العاصمة السورية دمشق، في الأول من أبريل/ نيسان 2024، دمّرت ضربة جوية مبنى ملحقاً بالقنصلية الإيرانية، ما أسفر عن مقتل 16 شخصاً بينهم محمد رضا زاهدي القائد الكبير في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.

واتهمت سوريا إسرائيل بالوقوف وراء العملية، لكن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري رفض التعليق على الهجوم.

"لا أحد آمِن في هذا البلد"

ولا تكمن خطورة اغتيال هنية في كونه رئيس المكتب السياسي لحماس فحسب، وإنما في موقع عملية الاغتيال وتوقيتها، والذي أتى بعد ساعات معدودة من تنصيب رئيس إيران الجديد، وحيث العاصمة تغص بكبار المسؤولين الإيرانيين، وبوفود خارجية، وبقيادات الحرس الثوري الإيراني، وغيرهم من "الأهداف الإسرائيلية المثالية" بحسب كايلي مور-غلبرت.

وبهذه العملية، لم تضع إسرائيل إيران في موقف محرج فحسب، وإنما استطاعت بحسب مور-غلبرت أن تبثّ، ومن قلب طهران، رسالة مفادها أنه "لا أحد آمِن في هذا البلد".

ورأى مراقبون في اغتيال هنية على التراب الإيراني "عملية إحراج مكتملة الأركان" للجمهورية الإسلامية، ومن هؤلاء هالة إسفندياري زميلة مركز وودرو ويلسون، التي قالت إنه "أياً كان الرد الإيراني، فإن اغتيال هنية يعدّ وصمة عار على إيران؛ ذلك أن تأمين هنية كان من المفترض أن يكون أمراً بالغ الأهمية للسلطات المعنية".

وفي تقرير على الموقع الإلكتروني لمركز ويلسون، تساءلت إسفندياري عما يمكن أن يقوله مقتل هنية عن أنظمة الدفاع الجوي، فضلاً عن أجهزة المخابرات الإيرانية، قائلة: "هذه أسئلة ستحتاج إلى إجابات من النظام الإيراني".

وفي إيران، لم تكتف أصابع الاتهام بالإشارة إلى إسرائيل، وإنما تجاوزتْها كالعادة إلى الولايات المتحدة أو "الشيطان الأكبر" كما دأب نظام المرشد الأعلى للثورة على تسميتها.

وقال وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل خطيب إن "اغتيال هنية نفّذته إسرائيل بضوء أخضر من الولايات المتحدة"، لكن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن نفى "أي علاقة" لبلاده بعملية الاغتيال، وأردف بأن الولايات المتحدة "لم تتلق أي معلومات مسبقة" عن خطة لاغتيال هنية.

وإلى ذلك، رمى صباح زنكنة المحلل والدبلوماسي الإيراني السابق بالقول إن "هنية كان يحظى بضمانات أمنية أمريكية بأن إسرائيل لن تقوم باغتياله في هذه المناسبة، ومن ثمّ كان يتنقل بين الأماكن بشكل مكشوف دون أن يحاول التخفي عن الأنظار".

وفي حديث لبي بي سي، قال زنكنة إنه "لو لم تكن هناك ضمانات أمريكية لهنية، لربما كان توخّى الحذر أكثر، لا سيما في اتصالاته".

"لكن بالتأكيد لا يمكن القول إنه لم يكن هناك تقصير أمني" حسبما استدرك زنكنة، لكن هذه العملية "ليست شديدة التعقيد ولا هي اختراق أمني كبير لهذا الحدّ الذي يريد الإسرائيليون تصويره، بل هي عملية بسيطة بالنسبة لأجهزة الأمن والاستخبارات التي لا تحتاج لكي تقوم بها سوى إلى غطاء سياسي".

وتواجه إسرائيل اتهامات بالوقوف وراء سلسلة من الاغتيالات لعلماء ذرة إيرانيين وعلى التراب الإيراني منذ عام 2007، من أمثال مجيد شهرياري وداريوش رضائي نجاد، ومحسن فخري زادة، لكن إسرائيل تنكر هذه الاتهامات وترفض التعليق عليها.

"إهانة مقصودة"

وأتى اغتيال هنية بعد أيام معدودة من تصريح رئاسة المخابرات الإيرانية، في مقطع فيديو متداول، بأن "جميع أذرع الموساد الموجودة داخل إيران تمّ قطعها". وفي ضوء ذلك التصريح، رأى سيد غنيم أن عملية الاغتيال هذه هي "إهانة مقصودة لإيران".

وسواء تمّت عملية الاغتيال بمسيّرة من داخل إيران أو بعبوة قابلة للتفجير عن بُعد، "ففي كل الأحوال هناك اختراق شديد" بحسب غنيم الذي يشرح قائلا: "إذا كانت عملية الاغتيال تمت بعبوة متفجرة، فهذا يدل على هشاشة الأمن الداخلي الإيراني، وكذلك إذا كانت بصاروخ أرض-أرض موجّه من داخل إيران، أو بواسطة مسيّرة تحمل عبوة متفجرة صغيرة".

وإذا كان الموساد قد تمكّن من القيام بذلك في مكان في شديد التأمين، فإن ذلك لا يُظهر عمق اختراق المخابرات الإسرائيلية لإيران فحسب، وإنما يظهر كذلك مدى هشاشة المخابرات وأجهزة الأمن الإيرانية، بحسب ما ذكر موقع أكسيوس الأمريكي.

لكن صباح زنكنة يرى أن أجهزة الأمن في كل الدول لديها قدراتها؛ و"كما أن إسرائيل لديها قدرات داخل إيران، فأيضاً إيران لديها قدرات داخل إسرائيل، ولكن لحدّ الآن لم يصدر القرار السياسي للأجهزة الأمنية الإيرانية لكي تردّ بالمثل".

ويؤكد زنكنة قدرة الأجهزة الأمنية الإيرانية على هذا الرد بالمثل، قائلا: "ربما لو صدر مثل هذا القرار السياسي لرأينا العديد من الشخصيات السياسية والأمنية بل وحتى العلمية الإسرائيلية يتم اغتيالها".

وفي أغسطس/آب 2023، أعلن وزير الاستخبارات الإيرانية إسماعيل خطيب، أن "قوة أجهزة الاستخبارات في إيران كبيرة لدرجة أن لديها جواسيس في فرنسا والسويد وإنجلترا والعديد من البلدان الأخرى"، وفقاً لموقع إيران إنترناشيونال.

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك الخبر

إقرأ أيضا