آخر الأخبار

"ما زلت على قيد الحياة" رسائل أسماء لبي بي سي من أطلال غزة

شارك الخبر

منذ ست سنوات، كان بول آدامز مراسل بي بي سي على اتصال بخريجة شابة من غزة، وكانت رسائلها النصية تمنحه نظرة مختلفة عن الأهوال أو الانتصارات الصغيرة التي عاشتها خلال الصراع الحالي، ومخاوفها بشأن المستقبل.

يقول آدامز: يضيء هاتفي، إنها أسماء، تكتب "ما زلت على قيد الحياة".

كان ذلك في التاسع عشر من آذار/مارس 2024، حين عادت أسماء تايه إلى الظهور عبر تطبيق واتساب، بعد عدة أسابيع من الصمت وقالت "آسفة، الاتصال بالإنترنت سيء وهذه الأيام خطيرة"، ثم صمتت لشهرين آخرين.

الأمر مستمر على هذا النحو منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، اختفاءات طويلة، تتخللها موجات من الرسائل النصية، تظهر فيها الشابة البالغة من العمر 28 عاماً لفترة قصيرة، وسط كابوس أطول حرب في غزة.

يحدث ذلك دائماً في وقت متأخر من الليل، في مكان ما وجدت أسماء فيه إشارة لالتقاط شبكة الانترنت، وبعيداً في لندن، يرن هاتفي بينما تتوالى الرسائل.

التقيت بأسماء عام 2018، عندما كنت في غزة أغطي الاحتجاجات اليومية عند السياج الحدودي مع إسرائيل، حيث أحيا آلاف الفلسطينيين الشباب بغضب، ذكرى تهجير أسلافهم خلال الحرب الإسرائيلية- العربية عام 1948، قبل أكثر من 70 عاماً.

لم تكن أسماء جزءاً من الاحتجاجات، حين وجدتها كانت في منزل عائلتها على بعد أميال قليلة في جباليا، تكتب بهدوء قصصاً قرأتُ بعضها عبر الإنترنت، عن الحياة اليومية في مكان تحبه وتكرهه في نفس الوقت.

كان الكمبيوتر المحمول الخاص بها بمثابة بوابة عزيزة للعالم الخارجي. لم تعرف قط سوى قطاع غزة وشعوره الخانق بالعزلة. من غرفتها البسيطة، كانت تشاهد مدوني الفيديو ومستخدمي اليوتيوب وهم يستكشفون أماكن لم تستطع إلا أن تحلم بها.

كخريجة حديثة في مكان قليل الفرص دائماً ما يتكرر فيه العدوان، كانت الصور الغريبة التي تومض على شاشة الكمبيوتر ساحرة ولكنها مؤلمة.

وكتبت في ذلك العام "إنهم يوضحون لي مدى القيود التي أعاني منها".

كانت جباليا في الخمسينيات مخيماً للاجئين يتألف من الخيام وأكواخ الصفيح، ثم تحولت منذ فترة طويلة إلى مدينة صغيرة، حيث يعيش أكثر من 100 ألف شخص في مكان مليء بالمباني والأزقة المزدحمة ومصارف الصرف الصحي المفتوحة.

لكن على الرغم من ضيق المكان، إلا أن الشابة أسماء كانت متفائلة.

في سبتمبر/أيلول 2022، أطلقت أسماء عملها الخاص، ستار كافيه، وهي خدمة لتوصيل القهوة عبر الإنترنت. تدل حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي على أنها شابة متفائلة وريادية، تحقق أخيراً أهدافها القديمة وتخطط للمستقبل.

بعد مرور عام، وتحديداً في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفي منشور على إنستغرام يصور ببراعة منتجاتها التي تحمل علامتها التجارية إلى جانب مزهرية من الورود، كتبت أسماء: "شكرت الله على نعمة العمل الحر".

لكن ما لم تكن تعرفه هو أن نيزكاً كان يندفع في اتجاهها، على وشك أن يمحو كل شيء.

في اليوم التالي، اقتحم مسلحون من حماس السياج الحدودي، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي وأجنبي في المجتمعات المجاورة وفي مهرجان نوفا الموسيقي.

كان رد إسرائيل مختلفاً عن أي شيء رآه أهل غزة من قبل، حيث قتل جيشها عشرات الآلاف، وهجر أكثر من 80 في المئة من السكان، وجعل أجزاء كبيرة من قطاع غزة غير صالحة للسكن.

بعد ثلاثة أيام، في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول، أرسلت لي أسماء "مرحبًا بول، تسعدني رسالتك، نحن بخير... لكن لأكن صادقة، لا أشعر بالأمان على الإطلاق، قد نتعرض للقصف في أي لحظة".

على الرغم من سماعها لضربات جوية تضرب أهدافاً قريبة، كانت أسماء تأمل في أن تنتهي الحرب قريباً.

لكن ما يحصل لا يشبه الحروب السابقة في غزة، ففي غضون أيام، ألقت الطائرات الإسرائيلية منشورات، تطلب من الجميع في شمال قطاع غزة - أكثر من مليون شخص - الانتقال إلى الجنوب.

بدأت جباليا تفرغ من سكانها، لكن عائلة أسماء، المكوّنة من 13 فرداً، وتمتد لثلاثة أجيال بقيت في مكانها، خوفاً من أن يُثبت التوجه جنوباً أنه رحلة بلا عودة.

وبالنسبة لأحفاد اللاجئين الذين أجبروا على الفرار من ديارهم عام 1948، ولم يعودوا أبداً، فإن فكرة تكرار التاريخ تثير مخاوف عميقة.

لم يسافر سوى أجدادها، كبار السن والضعفاء، ووجدوا في نهاية المطاف مأوى في رفح.

ومع انقطاع الكهرباء، وفساد الطعام المجمد، وتزايد صعوبة الاتصالات، استخدمت الأسرة مولداً صغيراً كل بضعة أيام لشحن الهواتف المحمولة ومراقبة الأخبار، وأصبحت رسائل أسماء متقطعة.

أخبرتني في الخامس عشر من أكتوبر/تشرين الأول "الوضع خطير في جميع أنحاء قطاع غزة".

وفي نهاية أكتوبر/تشرين الأول، شهدت جباليا واحدة من أسوأ الغارات الجوية. قالت إسرائيل إنها استهدفت أهدافاً تحت الأرض تابعة لحماس وقتلت أعداداً كبيرة من المقاتلين. لكن المشاهد كانت مروعة، حيث كان المدنيون وعمال الإنقاذ يبحثون عن الناجين في الحفر الضخمة والمباني المدمرة.

اختفت أسماء. لم تعد تقرأ رسائلي على تطبيق واتساب، وتوقعت الأسوأ. ولكن بعد ستة أسابيع، عادت فجأة، وكتبت في الثاني عشر من ديسمبر/كانون الأول: "ما زلت على قيد الحياة بمعجزة من الله" لقد شعرت بالفعل أن الأمر كان معجزة.

وفي سيل من الرسائل التي تلت ذلك، وصفت أسماء الأسابيع الفوضوية السابقة، والقرار المتردد الذي اتخذته الأسرة بمغادرة جباليا، ومحاولات التوجه جنوباً التي أحبطتها شدة القتال، والرحلات المرعبة عبر مدينة في حالة حرب.

قالت: "لقد رأيت الكثير لدرجة أنني لا أجد الكلمات التي تصف ما يحصل... الشوارع مخيفة ورائحة الموت في كل مكان. الناس أصبحوا هزيلين ومرضى. أشعر وكأنني أع ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك الخبر

إقرأ أيضا