إيران ما بعد اغتيال هنية.. خيارات الرد وتكاليف الردع السميك
شارك الخبر
في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على الرابط أعلاه للمشاهدة على الموقع الرسمي
طهران – في توصيفها العام تُعتبر عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية حدثا غير مسبوق في تاريخ الجمهورية الإسلامية في إيران منذ ثورة 1979.
غير مسبوق إذا ما تناولنا هوية الشخصية التي تم اغتيالها وهو إسماعيل هنية، وهوية الفاعل وهي إسرائيل، ودلالة المكان في شمال العاصمة طهران داخل مبنى هو مقر إقامة ضيوف الحرس الثوري، فضلا عن أهمية السياق الإقليمي والدولي وتقاطعاته مع سياقات الحالة الإيرانية داخليا.
من هنا، يبدو من الواقعية القول إن اغتيال هنية في طهران ثقيل وصعب، ويشكل تحدّيا مباشرا من إسرائيل وتحديدا رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو للقيادة المركزية في البلاد من خلال اغتيال يبدو أثقل على النظام الإيراني من اغتيال علمائه النوويين أو خبرائه العسكريين أو قياداته الأمنية.
انطلاقا من هذه المقدمة، وإذا كانت إسرائيل ممثلة بنتنياهو تعرف جيدا بأنه ليس بمقدور طهران السكوت عن اغتيال هنية على أرضها، ولا خيار أمامها في مجال أمنها القومي ومساحات نفوذها سوى القيام برد واضح ورادع، إذا، لماذا قامت بهذا الاغتيال؟ وما هدفها من ذلك؟ وما الذي يسعى إليه نتنياهو؟
لا يحصر العقل المركزي في النظام الإيراني مقاربته لعملية الاغتيال فقط في خط الصراع والمواجهة بين طهران وتل أبيب، بل يضعها في سياقاتها الأوسع إقليميا ودوليا. انطلاقا من هذا المفهوم، تحدد طهران أهداف إسرائيل من اغتيال هنية على أراضيها كالتالي:
في سياق المحدد الأميركي: ترى طهران أن الاغتيال هو خطوة استباقية من قبل نتنياهو لإعادة هندسة الشرق الأوسط وأحداثه وتقديم ذلك للرئيس الأميركي القادم كأمر واقع محكوم بمحددات ومصالح إسرائيل أولا، مما يعني عدم انتظار رؤية هذا الرئيس تجاه الشرق الأوسط بحيث يتم توظيف إسرائيل فيها كلاعب وفق المنطق الأميركي للرئيس الجديد.
في سياق المحدد الإيراني: فإن الظروف الإقليمية المتلاحقة خلال السنتين الأخيرتين كانت تحتم على طهران ضرورة جوهرية وإستراتيجية تتلخص في أهمية إعادة التموضع مجددا عسكريا وأمنيا في مساحات نفوذها الشرق أوسطية. وهذا ما بدأته إيران عمليا بعد استهداف إسرائيل لقنصليتها في دمشق مطلع أبريل/نيسان الماضي. وتبعته بإعادة تموضع سياسي من خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي اعتُبرت في أحد جوانبها تمهيدا لاستدارة إيرانية من خلال ترتيب الأولويات وأوراق القوة بهدف تصريفها سياسيا خاصة مع الولايات المتحدة. وعملية الاغتيال هنا تهدف إلى تقويض كل هذا المسار، وتفرض على إيران منطقا واحدا وهو، إما أن تدخل في حرب مفتوحة قد تنتهي بحرب مباشرة مع أميركا، أو أن تتراجع وتقبل بالمنطق الإسرائيلي كمحدد وحيد لشكل ومضمون الشرق الأوسط.
في سياق محدد "خلط الأوراق وقلب سلم الأولويات لدى الجميع"، تتحدث طهران عن جملة من النقاط أهمها:
سعي إسرائيلي لتثبيت عملي لمفهوم أنه لا خطوط حمراء لا مع إيران ولا مع حلفائها.
توجيه ضربة قوية للمحور برمته (محور المقاومة)، وعلى أرض الراعي الأول له وداعمه الأساس أي إيران، وهذا يضعها في موضع تضيق فيه خيارات الرد وتصبح محدودة.
استعادة الجزء الصلب من مفهوم الردع الذي سقط في خضم ما جرى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 في عملية "طوفان الأقصى"، وما تلا ذلك من أحداث مختلفة على جبهات متعددة.
محاولة القيام بهدم كلي للمكسب الذي حققته إيران عندما اتخذت قرارا غير مسبوق بضرب مباشر ومعلن ورسمي، وللمرة الأولى، لأهداف عسكرية في الداخل الإسرائيلي انطلاقا من أراضيها ردا على قصف قنصليتها في دمشق واغتيال قيادات مهمة في الحرس الثوري.
قطع الطريق أمام أي حالة من التقارب أو التفاهم في خط العلاقة بين واشنطن وطهران انطلاقا، مما أفرزته الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة أو ما ستفرزه الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة.
تنطلق إيران في قراءتها لاغتيال إسماعيل هنية في طهران من محددات تبدو ثابتة في صياغة تقييمها لما جرى، وتحديد شكل وسقف ومضمون الخطوة القادمة، ويمكن حصر هذه المحددات كما يلي:
عدم التفريق بين هوية الهدف الذي تم اغتياله وهو إسماعيل هنية وبين هوية صاحبة الأرض التي تم انتهاك سيادتها وهي إيران.
اغتيال هنية في طهران هو ضرب مباشر ورسمي للأراضي الإيرانية من قبل إسرائيل، وإهانة لهيبة البلاد في عقر دارها.
الاغتيال هو اختبار حقيقي للإرادة الإيرانية ومدى الحد الذي يمكن أن تذهب إليه في المواجهة مع إسرائيل تحت عنوان "لا حرب كاملة ولا سلام جزئيا".
عدم الرد قد يكون أسوأ في تداعياته وتكاليفه من الرد نفسه، لأن جزءا من العقل المركزي الإستراتيجي في طهران يسأل: ما الذي يمكن أن يردع إسرائيل مستقبلا ويضمن ألا تقوم باغتيال معلن للقيادات الإيرانية نفسها وسط طهران؟
الردع.. مكسب المحور الثمين
هناك مجموعة مؤشرات تدلل إلى أحد جوانب السياق الذي يجري التفكير به وهو مفهوم الرد الجديد، وكيف ي ....
لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي