الواقعة التي هزّت ولاية البحر الأحمر يوم الأربعاء، أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص بينهم طلاب وضابط، لتكون هذه الحادثة الأولى من نوعها التي تضرب الولاية منذ بداية الصراع العنيف بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023. هذا الهجوم يعزز احتمالات انتقال ألسنة الحرب إلى الولاية الشرقية التي أصبحت موطنًا للعديد من الوزارات والسفارات الأجنبية بعد اختيارها عاصمة بديلة للخرطوم.
تفاصيل الهجوم
الهجوم وقع أثناء مهرجان تخريج طلاب الكلية الحربية بمعهد جبيت العسكري، حيث استهدفت طائرتان مسيرتان انتحاريتان موقع الاحتفال بعد وصول البرهان. وبحسب البيان الصادر عن مكتب المتحدث باسم الجيش، فقد تصدت الدفاعات الجوية للطائرتين، مما أسفر عن مقتل خمسة أفراد وإصابة آخرين بجروح طفيفة. تم إخلاء البرهان بسرعة إلى بورتسودان، العاصمة الإدارية البديلة، لضمان سلامته.
وقد بث إعلام مجلس السيادة صورًا للقائد العام للقوات المسلحة وهو يحضر مراسم تخريج الدفعات الـ68 من الكلية الحربية، بالإضافة إلى الدفعتين الـ20 والـ23 من التأهيلية، الكلية الجوية، والأكاديمية البحرية، وذلك في استاد معهد المشاة بجبيت.
الأوضاع المتصاعدة
هذا الهجوم يأتي في سياق تصاعد العنف في السودان، حيث شهدت الأيام الماضية سلسلة من الهجمات بالطائرات المسيرة على أهداف مختلفة في البلاد. قبيل هذا الهجوم، كانت كوستي في ولاية النيل الأبيض هدفًا لطائرات مسيرة، مما أسفر عن مقتل ضابط في جهاز المخابرات العامة وإصابة آخرين، إضافة إلى تضرر إحدى كليات جامعة الإمام المهدي. وقد شنت قوات الدعم السريع هجمات مماثلة على مدن أخرى مثل القضارف وشندي وكوستي وكنانة.
تعرضت مدينة كوستي التي تقع على بُعد 400 كيلومتر جنوبي الخرطوم لهجوم جوي غير مسبوق من قبل خمس طائرات مسيرة على الأقل وفقاً لشهود العيان، مما يجعل هذا الهجوم الأوسع والأعنف بالطيران المسير في تاريخ المدينة التي تحتضن الفرقة 18 مشاة التابعة للجيش.
وفي حادثة موازية، شهدت مدينة ربك، القريبة من كوستي، هجومًا آخر يوم الإثنين بواسطة طائرة مسيرة استهدفت معسكرًا للجيش، بالإضافة إلى هجومين متزامنين استهدفا قاعدة كنانة الجوية بالولاية.
كما شنت الطائرات المسيرة هجومًا على مقار حكومية في مدينة الدامر التي تبعد 310 كيلومترات شمال الخرطوم دون أن تُسجل أي خسائر بشرية.
منذ عدة أشهر، أصبحت قوات الدعم السريع تعتمد بشكل متزايد على الطيران المسير كوسيلة للهجوم على المدن التي يسيطر عليها الجيش. وقد بدأ هذا التكتيك بهجوم على إفطار رمضاني لكتيبة البراء بن مالك في عطبرة بولاية نهر النيل في أبريل الماضي والذي أسفر عن وقوع قتلى وجرحى.
وتواصل الحملة الجوية توجيه ضرباتها إلى مدن أخرى مثل القضارف في شرق السودان، وشندي في ولاية نهر النيل، بالإضافة إلى كوستي وكنانة في ولاية النيل الأبيض، مما يبرز تصاعد وتيرة الهجمات بالطيران المسير في النزاع القائم.
الوضع السياسي والمفاوضات
يأتي الهجوم في وقت حساس، حيث كان الجيش السوداني قد أبدى قبوله المشروط لدعوة من الولايات المتحدة والسعودية لإجراء محادثات سلام في سويسرا في أغسطس المقبل. في المقابل، أعربت قوات الدعم السريع عن رغبتها في التفاوض مع الجيش فقط دون التطرق إلى المحسوبين على التيار الإسلامي في الخدمة المدنية.
تجدر الإشارة إلى أن الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مستمر منذ أبريل 2023، مما أدى إلى أزمة إنسانية كبيرة ودمار واسع. وهناك دعوات للهدنة ومفاوضات تحت رعاية الولايات المتحدة والسعودية مع مشاركة محتملة للاتحاد الأفريقي والإمارات والأمم المتحدة.