أعلنت المنظمة الدولية للهجرة، أنها سهّلت العودة الطوعية لـ162 مهاجرا من تونس إلى بوركينا فاسو مطلع الأسبوع الماضي. وأشارت المنظمة في بيان صحفي، إلى أنه منذ كانون الثاني/يناير 2024، غادر أكثر من 4100 مهاجر تونس وعادوا طوعيا إلى بلادهم، موضحة أنهم يتحدرون من 28 بلداً.
سياسة أوروبا لتشجيع وتمويل عمليات العودة الطوعية
وشددت المنظمة على أن عمليات العودة الطوعية أصبحت ممكنة بفضل دعم الجهات المانحة، وشرحت أنه عند وصول المهاجرين إلى بلدانهم، "يستفيدون من الدعم والمساعدة في إعادة الإدماج بهدف إعادة بناء حياتهم في بلدهم الأصلي".
وبحسب المنظمة، عاد 2,557 مهاجراً طوعياً من تونس إلى بلادهم في 2023، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 45 % مقارنة بسنة 2022، عندما استفاد 1,614 مهاجرا من برنامج العودة الطوعية.
ووفقاً للمصدر ذاته، فإن حوالي 3,500 مهاجر طلبوا "العودة الطوعية" من دول المغرب إلى بلدهم الأصلي منذ بداية العام وحتى 25 حزيران/يونيو 2024، أي بزيادة قدرها 200% مقارنة بنفس الفترة من العام 2023. وأكثر المعنيين الغامبيون والبوركينيون والغينيون، وفقاً للمصدر ذاته.
وفي لقاء مع صحيفة "إل ميساجيرو" اليومية الصادرة في روما، يوم الأحد 21 تموز/ يوليو الجاري، صرح وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوسي، قائلاً "نحن نقدم بالفعل في ليبيا وتونس بدائل لمشاريع الهجرة (عبر البحر)، حيث نعيد المهاجرين إلى البلدان الأصلية، وكذلك نساعدهم على إعادة التوطين بفضل البرامج المصممة خصيصا، والمساعدة اللوجستية والمالية.
وخلال الاجتماع غير الرسمي لوزراء العدل والشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي والذي عقد في بودابست، قال الوزير بيانتيدوسي إنه "يظل من الأهمية بمكان الحفاظ على اهتمام كبير بظاهرة الهجرة، والموافقة على الميثاق الأوروبي يجب أن تكون مصحوبة بإجراءات ذات بعد خارجي منظم". وتابع "ومن هذا المنظور، يصبح من الضروري تعزيز استراتيجية أوروبا بشأن المساعدة في العودة الطوعية من بلدان العبور، مثل تونس وليبيا إلى بلدان الأصل.
وخلال زيارة قامت بها رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني إلى تونس في أبريل/نيسان، التزمت روما وتونس بالفعل بالاعتماد على "العودة الطوعية" لمحاربة الهجرة غير الشرعية، من خلال "إشراك المنظمات الدولية".
ويستفيد المهاجرون العائدون من "برنامج المساعدة في العودة الطوعية وإعادة الإدماج" التابع للمنظمة الدولية للهجرة، وهو ما يعني دفع تذكرة العودة بالإضافة إلى المساعدة في إعادة الاندماج في بلدهم.
وقال رمضان بن عمر، المتحدث الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إن الاتحاد الأوروبي يتحمل نصيبه من المسؤولية في عمليات العودة هذه. وأضاف "لقد أعطى الاتحاد الأوروبي كل الوسائل المالية واللوجستية والتقنية" لتونس لتنفيذ هذه السياسة "المناهضة للمهاجرين".
وأشار رمضان بن عمر إلى الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتونس، الموقع في 14 تموز/يوليو 2023. وتتمحور هذه الاتفاقية البالغة قيمتها 127 مليون يورو حول مكافحة الهجرة غير الشرعية، كما أنها تهدف إلى دعم تونس التي تعاني من صعوبات اقتصادية خطيرة. وفي المقابل، يجب على تونس منع انطلاق قوارب المهاجرين نحو أوروبا، ومكافحة المهربين وضمان عودة التونسيين الذين هم في وضع غير نظامي في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى عودة المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء المقيمين في تونس، إلى بلدانهم الأصلية.
معاناة المهاجرين في تونس
ويعيش المهاجرون ظروفاً معقدة في تونس منذ خطاب الرئيس التونس قيس سعيد، في شباط/فبراير 2023، والذي شبه فيه تواجد المهاجرين في بلاده بـ"خطة إجرامية" تهدف إلى "تغيير تركيبة المشهد الديموغرافي" في تونس. ووفقا لوزارة الداخلية التونسية، يوجد حاليا 23 ألف مهاجر غير نظامي في البلاد، أي 0.2% من السكان.
ويرى المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن هذه الزيادة في عمليات العودة الطوعية، غير مفاجئة، بسبب تعقيدات الحياة التي يعيشها الأفارقة من جنوب الصحراء في تونس، حيث خسر الآلاف منهم وظائفهم ومساكنهم، في أعقاب خطاب الرئيس سعيّد.
ووفقا للمنتدى، يُمنع السود بشكل متزايد من العمل واستئجار الشقق، وحتى "استخدام وسائل النقل العام"، في جميع أنحاء تونس.
ومنذ الصيف الماضي، شنت السلطات التونسية عمليات أمنية لإفراغ مدينة صفاقس (وسط البلاد) من المهاجرين القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء، وتم رصد عمليات احتجاز وترحيل إلى الصحراء مع ليبيا والجزائر، ما تسبب بوقوع وفيات بين المهاجرين بسبب العطش والجوع وارتفاع درجات الحرارة.
وعلى مدار الأشهر الأخيرة، قام فريق مهاجرنيوز بجمع شهادات من المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى المقيمين في تونس، والذين شرحوا أنه تم القبض عليهم من منازلهم أو في الشارع، ثم تركوا في الصحراء على الحدود الليبية أو الجزائرية. وأفاد البعض أنه تم اعتراضهم في البحر قبالة سواحل صفاقس ثم نقلوا في حافلات إلى خارج البلاد.
ويروي فرانسوا، وهو مهاجر كاميروني، كيف أُجبر في منتصف الليل عند مركز الساقيات الحدودي مع الجزائر، على السير نحو الدولة المجاورة، "التونسيون أنزلونا من الشاحنة الصغيرة. قالوا لنا أن نعبر الحدود إلى الجزائر وإلا أطلقوا النار علينا في الرأس".
وبعد طردهم من المدن، كان ينتهي الأمر بهؤلاء المهاجرين إلى الاختباء في شققهم، أو الاستقرار في مخيمات غير رسمية على مشارف المدن، لا سيما على طول الطريق الوطني بين صفاقس وجبنيانة. ويعيش المئات من المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى هناك حاليا في حالة من الخوف الدائم وعدم الاستقرار.