آخر الأخبار

الحرب العالمية الأولى: كيف أدى تغيير مسار سيارة إلى إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط؟

شارك الخبر

قبل نحو 110 أعوام أسفر انعطاف خاطئ لسائق سيارة عن وقوع حادث اغتيال، وهو الأمر الذي تسبب بدوره في أزمة دولية سرعان ما تحولت إلى حرب عالمية راح ضحيتها نحو 20 مليون شخص وأدت إلى سقوط إمبراطوريات وإنشاء دول في مناطق مختلفة من العالم من بينها الشرق الأوسط.

فالحرب العالمية الأولى استمرت لأكثر من أربعة أعوام وشهدت أحداثا ومعارك واتفاقيات دبلوماسية عديدة خلال سياقات متشعبة، يمكن أن يؤدي تسليط الضوء على بعضها إلى فهم طبيعة العالم الذي نعيش فيه اليوم.

اغتيال الأرشيدوق

في يونيو/حزيران 1914 كان ولي عهد إمبراطورية هابسبورغ (التي كانت تضم بالأساس النمسا والمجر)، الأرشيدوق فرانز فرديناند، وزوجته الأميرة صوفيا يزوران مدينة سراييفو، عاصمة البوسنة، التي استقبلته بمحاول اغتياله من قبل مجموعة من القوميين من صرب البوسنة الذين كانوا يدعون إلى ضم البوسنة إلى صربيا.

ولي العهد نجا، بينما أصيب عدد من مرافقيه.

وبعد أن ألقى الأرشيدوق خطابا في قاعة مجلس سراييفو قرر أن يزور مرافقيه الذين كانوا يتلقون العلاج على أن يغادر بعد ذلك سراييفو مباشرة من دون أن يستكمل جدول الزيارة الرسمي، بحسب ما يروي المؤرخ كريستوفر كلارك في كتابه "السائرون نياما... كيف اشتعلت الحرب في أوروبا عام 1914".

وانطلق موكب ولي العهد في رحلة العودة لكن من دون أن يتم إخطار سائقي سيارات الموكب بالتغيير الذي طرأ على جدول رحلة الأرشيدوق.

وهكذا انعطف قائد السيارة الأولى إلى شارع كان من المفترض ألا يسلكه الموكب لتتبعه السيارة التي كانت تقل ولي العهد وزوجته وحاكم البوسنة أوسكار بوتيريك.

وعندما أدرك بوتيريك أن الموكب يسير في طريق لم يكن يفترض أن يسلكه، طلب من السائق العودة إلى الطريق الصحيح، ليقوم السائق بإيقاف السيارة استعدادا لتغيير مسارها.

لكن المصادفة الغريبة أن السيارة توقفت في مكان بالقرب من غافريلو برنسيب، وهو أحد أعضاء نفس الخلية التي حاولت اغتيال الأرشيدوق في صباح ذات اليوم.

أطلق برنسيب النار على ولي العهد وزوجته ما تسبب في مقتلهما.

وبعد اغتيال الأرشيدوق أعلنت إمبراطورية هابسبورغ في الثامن والعشرين من شهر يوليو/ تموز عام 1914 الحرب على صربيا لتسارع دول أوروبية إلى الانضمام إما إلى معسكر إمبراطورية هابسبورغ أو الانضمام إلى معسكر صربيا التي كانت تربطها علاقات قوية بروسيا.

ويذهب مؤرخون إلى أن حادثة اغتيال الأرشيدوق لم تكن إلا الشرارة التي أشعلت الحرب بين دول كان بينها الكثير من التوتر المرشح للانفجار في أي وقت.

وهكذا صار هناك معسكران للحرب العالمية الأولى، فهناك معسكر قوى "الحلفاء" الذي يضم في الأساس روسيا وبريطانيا وفرنسا في مواجهة معسكر قوى "المركز" المكون من ألمانيا وإمبراطورية هابسبورغ، لكن لاحقا ستتوسع خارطة الدول المشاركة في الصراع، فالولايات المتحدة وإيطاليا ستنضمان إلى معسكر الحلفاء بينما ستنخرط الدولة العثمانية في معسكر المركز في قرار سيكون له تبعات كبيرة على منطقة الشرق الأوسط.

سفن شاردة

ومثلما أدى انعطاف خاطئ لسيارات موكب ملكي إلى اغتيال الأرشيدوق، فإن رسو سفينتين حربيتين في المياه التركية هو ما تسبب في تسارع أحداث انتهت بدخول الدولة العثمانية الحرب.

فقبل سنوات من اندلاع الحرب كانت العلاقات بين الدولة العثمانية وألمانيا في تعاظم وهو ما كان يثير قلق دول أوروبية أخرى خاصة بريطانيا التي كانت تربطها علاقات نفعية قوية مع العثمانيين.

وفي الوقت الذي رأى فيه عدد من رجال الدولة في الحكومة الجديدة في إسطنبول أن من مصلحة بلادهم البقاء على الحياد، كان قادة بارزون آخرون يميلون إلى المعسكر الألماني، وعلى رأسهم أنور باشا وزير الحربية.

وبينما كانت السفن الحربية البريطانية والفرنسية تطارد سفينتين حربيتين ألمانيتين في مياه البحر المتوسط بعد أن قصفتا قواعد فرنسية في الجزائر، قررت السلطات في إسطنبول في العاشر من أغسطس/آب ذات العام 1914 السماح للسفينتين الألمانيتين بدخول المياه الإقليمية التركية، ما أثار حفيظة لندن وباريس.

لكن الدولة العثمانية قالت إنها اشترت السفينتين من ألمانيا لتعويض صفقة تراجعت بريطانيا عن تنفيذها لبناء سفينتين حربيتين لصالح الدولة العثمانية.

ويقول المؤرخ البريطاني يوجين روغان في كتابه "سقوط العثمانيين" إن المسؤولين العثمانيين حاولوا على مدار أسابيع مواجهة الضغوط الألمانية على إسطنبول لكي تعلن الأخيرة انضمامها إلى معسكر برلين في الحرب قبل أن تعلن الدولة العثمانية الحرب في نوفمبر/تشرين الثاني 1914.

رأت ألمانيا في القرار العثماني مكسبا لصالحها ليس لقوة الجيش العثماني بقدر ما يتعلق الأمر بردود فعل المسلمين في المستعمرات الخاضعة لحكم بريطانيا وفرنسا.

"جهاد صنع في ألمانيا"

جاء إعلان الدولة العثمانية الحرب ضد بريطانيا وفرنسا وروسيا في مشهد حمل بعض التناقضات، إذ مزجت مراسم الإعلان بين السياسة والدين بشكل يبدو بعيدا عن التوجهات الأيديولوجية العلمانية لجماعة الاتحاد والترقي التي كانت قد أطاحت بالسلطان عبد الحميد الثاني في عام 1909 قبل أن تسيطرعلى الحكم.

فالسلطان محمد الخامس، الذي لم يكن يملك أي سلطة فعلية، أعلن الجهاد ضد من وصفهم بـ"الكفار" من أعداء الإسلام بعد أن قلده شيخ الإسلام- أعلى منصب ديني في الدولة العثمانية - مصطفى خيري أفندي ما قال إنه سيف النبي.

وعقب إعلان الحرب وبدء المواجهات بين الجيوش العثمانية والروسية، بدأت ألمانيا في الترويج لحملة أيدولوجية تسعى لنشر "ثقافة الجهاد ضد أعداء الدولة العثمانية".

وهكذا تأسست في برلين عام 1915 وكالة أنباء الشرق تحت إشراف المستشرق الألماني الشهير ماكس فان أوبنهايم لتصدر من خلالها صحف تحث المسلمين على "الجهاد".

وضمت الوكالة عددا من المستشرقين بجانب مفكرين ومثقفين من العالم الإسلامي من أصحاب توجهات مختلفة مثل الكاتب اللبناني شكيب أرسلان والشيخ عبد العزيز جاويش أحد زعماء الحزب الوطني في مصر.

كما سمحت السلطات الألمانية للأسر ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك الخبر

إقرأ أيضا