أقرّت مصادر أمنيّة إسرائيليّة بأنّ حركة (حماس) أقامت مخزنًا كبيرًا للمعلومات يشمل تفاصيل سريّة وحساسّة وشخصية عن آلاف أصحاب الرتب والمناصب في عددٍ كبيرٍ من قواعد سلاح الجوّ الإسرائيليّ المنتشرة في اسرائيل، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ التقارير السريّة تمّ جمعها من عدّة مصادر مكشوفة وأخرى سريّة.
وأوضحت صحيفة (هآرتس) العبريّة في سياق تقريرها أنّ اختراقات شبكة الإنترنيت والحصول على معلوماتٍ سريّةٍ يؤكِّد بما لا يدعو مجالاً للشكّ أنّ عدم وجود رقابة للحفاظ على المعلومات الشخصيّة يؤديّ حتمًا لتشكيل خطرٍ فعليٍّ على أمن الدولة العبريّة، مُضيفةً أنّه على الرغم من أنّ مصدر آلاف التقارير التي جمعتها (حماس) غيرُ معروفٍ، إلّا أنّها تثبت قدرات (حماس) في هذا المجال.
بالإضافة إلى ذلك، أكّدت الصحيفة، نقلاً عن المصادر عينها، أنّ التقارير التي جمعتها وأعددتها حركة (حماس) تُشكّل خطرًا كبيرًا على الجنود، من القتل وحتى الملاحقة عن طريق الإنترنيت، وحتى استخدام المعلومات لغرض تقديم دعاوى ضدّهم في المحاكم الدوليّة لمقاضاتهم بتهم ارتكب جرائم حرب، علمًا أنّ اسم العملية (انتقامًا لأطفال غزّة). ونقلت الصحيفة عن مصدرٍ أمنيٍّ إسرائيليٍّ غيرُ مختّصٍ في هذا المجال قوله إنّ قسمًا من المعلومات التي تمّ عرضها عليه تُعتبر مشكلةً، ولكنّها غيرُ خطيرةٍ، على حدّ وصفه. ولكن بالمُقابل، أوردت الصحيفة تصريحات رئيس شعبة الأبحاث السابق في شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان)، الجنرال غابي سيبوني، الذي قال إنّ المعلومات التي بحوزة (بنك المعلومات) التابِع لحماس تُشكّل خطرًا على الجنود، وأنّه عن طريق المعلومات الموجودة يُمكِن للحركة جمع معلوماتٍ أخرى عن أقارب الجنود وأصدقائهم، وحتى الوصول إلى معلوماتٍ حساسّةٍ ولأسرارٍ. وتابع الجنرال سيبوني قائلاً: “حماس وحزب الله وإيران يُحاولون جمع أكبر قدرٍ من المعلومات عن إسرائيل، وأنّ الجمهور في الكيان بات مكشوفًا لعمليات تضليلٍ من قبل هؤلاء الأعداء، وإذا تمكّنت هذه القوى من الوصول لأشخاصٍ فإنّ المشكلة تزداد خطرًا”، كما قال. عُلاوةً على ما ذُكِر أعلاه، أوضحت الصحيفة العبريّة أنّ حركة (حماس) باشرت في إعداد (بنك المعلومات) بعد الإخفاق الإستراتيجيّ الإسرائيليّ في السابع من أكتوبر الماضي، مع أنّ الموّاد الخام التي اعتمدت عليها هي أكثر قِدمًا، مُشيرةً إلى أنّه حتى اللحظة لم تُعرَف الجهة التي زوّدت (حماس) بالمعلومات وبشكلٍ مُركّزٍ، بيد أنّ الاختصاصيين في تل أبيب يُرجّحون أنّ الحركة اخترقت شبكة كليّات (عتيد) الإسرائيليّة، عن طريق خبراء إيرانيين، وأنّ هذه الشبكة تقوم بترتيب دوراتٍ تكنولوجيّةٍ لوزارة الأمن الإسرائيليّة، لافتةً إلى أنّ الشبكة المذكورة تعرّضت منذ أيّار (مايو) من العام المنصرم وحتى اللحظة لعشرات الاختراقات من قبل مجهولين، هم على الأرجح يتبعون لإيران. من جهته، قال آري بن عامي، وهو باحث في شؤون قرصنة الإنترنيت للصحيفة العبريّة إنّه حتى لو كانت المعلومات التي جمعتها حركة (حماس) غيرُ حسّاسةٍ، فإنّ القضية برّمتها مُثيرة وخطيرة، لأنّها تشمل تفاصيل عن أبناء عائلات الجنود والضبّاط الإسرائيليين، كما أكّد. الصحيفة العبريّة نقلت أيضًا عن مصدرٍ أمنيٍّ إسرائيليٍّ قوله إنّ قسمًا من التقارير التي جمعتها حركة (حماس) عن الجنود والضباط الإسرائيليين تمّ في وقتٍ سابقٍ، مُشدّدًا على أنّ الاختراقات تمّت لشبكاتٍ مدنيّةٍ وليس لشبكاتٍ تابعةٍ لجيش الاحتلال الإسرائيليّ، وأنّ تقارير (حماس) تؤكِّد مرّةً أخرى أنّ الحديث لا يجري عن قضيةٍ مدنيّةٍ للدفاع عن الخصوصيّة، على حدّ زعمه. الباحث في شؤون قرصنة الإنترنيت الإسرائيليّ، بن عامي ردّ على سؤال الصحيفة العبريّة حول مصدر جمع المعلومات بالقول إنّ لإيران تاريخ حافل في عمليات قرصنة إنترنيت ضدّ إسرائيل، وأنّ مجموعاتٍ مناهضةٍ للكيان، تعمل بإمرة طهران، وتقوم بنشر هذه المعلومات الحساسّة على منصّة (تيليغرام). واختتمت الصحيفة تقريرها قائلةً إنّها تواصلت مع عشرات الجنود والضبّاط، الذين وردت تفاصيلهم في (بنك المعلومات) التابع لحركة (حماس)، وبدا واضحًا أنّ قسمًا كبيرًا منهم تلقى تحذيرًا من مسؤولٍ أمنيٍّ إسرائيليٍّ رفيعٍ، فيما كان القسم الآخر متفاجئًا، وأضافت أنّ إسرائيل عملت بكلّ ما أوتيت من قوّةٍ لشطب المواد من شبكة الإنترنيت، وحتى أنّها تمكنّت من إقناع منصّة (تيليغرام) بإزالة بعض الحسابات، الأمر الذي يتعارض جوهريًا، كما أكّدت الصحيفة، مع الادعاءات الإسرائيليّة الرسميّة بأنّ الحديث لا يدور عن اختراقٍ أمنيٍّ خطيرٍ، بحسب قولها.