قضت محكمة روسية بالسجن 16 عاما للصحفي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش الذي يعمل مراسلا لصحيفة "وول ستريت جورنال" في روسيا بتهمة التجسس لمصلحة الولايات المتحدة.
وكان جهاز أمن الدولة الروسي اعتقل غيرشكوفيتش في 29 مارس/آذار من العام الماضي في مدينة يكاترينبورغ، بدعوى جمع معلومات سرية عن أنشطة إحدى شركات المجمع الصناعي العسكري الروسي، وذلك بناء على تعليمات من الحكومة الأميركية وفق جهاز الأمن الروسي.
وجاء النطق بالحكم خلال جلسة عقدت أمس الجمعة، في محكمة سفيردلوفسك الإقليمية بمدينة يكاترينبرغ، وسط روسيا. وأفاد بيان للمكتب الإعلامي للمحكمة الروسية بأن غيرشكوفيتش (32 عاما) رفض التهمة الموجهة إليه.
ولم تعلن موسكو عن إثباتات على اتهام غيرشكوفيتش بالتجسس، ورفض الكرملين مجددا الجمعة تقديم تفاصيل عن التهمة. وقال المتحدث باسمه ديمتري بيسكوف "إن اتهامات التجسس أمر حساس جدا، ولا يمكننا الإدلاء بمزيد من التعليقات، والمحاكمة مستمرة".
ويعدّ غيرشكوفيتش أول صحفي غربي يُدان بالتجسس في روسيا. وفي حال لم يستأنف هو أو الادعاء الحكم خلال أسبوعين، فسيُنقل إلى السجن، وهي عملية قد تستغرق أياما أو حتى أسابيع عدة.
لم تستغرق محاكمة الصحافي الأميركي بعد 16 شهرا من الاحتجاز سوى 3 جلسات منذ 26 يونيو/حزيران الماضي، كما فُرضت السرية على كامل الإجراءات ولم يتسرب أي شيء من الجلسات المغلقة.
وتعدّ إدانته بمنزلة شرط لتبادل محتمل للسجناء مع واشنطن، فموسكو لا تبادل المحتجزين إلا في حالة إدانتهم.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن وبعض كبار المسؤولين طالبوا بالإفراج الفوري عن الصحفي الذي كان يملك اعتمادا من الخارجية الروسية.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن في بيان "نعمل بلا كلل للإفراج عن إيفان، وسنواصل فعل ذلك". وأضاف أن غيرشكوفيتش "استهدفته السلطات الروسية لأنه صحافي وأميركي".
وفي نهاية يونيو/حزيران، ندد البيت الأبيض بما وصفه بأنه محاكمة "صورية"، مكررا أن غيرشكوفيتش "لم يعمل قط لمصلحة الحكومة الأميركية".
من جانبه، هاجم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب منافسه الرئيس جو بايدن، مدّعيا أنه على عكس الرئيس الديمقراطي، سينجح في إخراج غيرشكوفيتش من السجن "فورًا" بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني، من دون أي مقابل. ولم يحدد المرشح الجمهوري كيف ينوي تحقيق ذلك.
وأقرّت موسكو بأنها تفاوضت على إطلاق سراحه، وتطرق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه إلى قضية فاديم كراسيكوف، المسجون في ألمانيا في قضية اغتيال نُسبت إلى الأجهزة الخاصة الروسية.
وتحتجز روسيا عددا من الأميركيين الآخرين بينهم الصحافية الروسية الأميركية ألسو كورماشيفا التي اعتقلت عام 2023 بتهمة انتهاك قانون "العملاء الأجانب"، والجندي السابق في البحرية بول ويلان الذي يقضي حكما بالسجن 16 عاما بتهمة التجسس التي ينفيها.
وتحاكم الروسية الأميركية كسينيا كاريلينا منذ 20 يونيو/حزيران في إيكاترينبورغ أيضا، بتهمة الخيانة العظمى من طريق التبرع بالمال لجمعية تدعم أوكرانيا.
وحُكم على أميركي آخر هو مايكل ترافيس ليك الخميس في موسكو بالسجن 13 عاما بتهمة تهريب المخدرات.
وإثر صدور الحكم على غيرشكوفيتش نددت "وول ستريت جورنال" به ووصفته بأنه إدانة "فاضحة". وقال مسؤولون في الصحيفة -في بيان- إن هذه الإدانة "تأتي بعدما قضى إيفان 478 يوما في السجن، محتجزا ظلما، بعيدا عن عائلته وأصدقائه… كل ذلك لأنه أدى عمله بصفته صحافيا". وتعهدت الصحيفة مواصلة النضال لإطلاقه.
كذلك رأت مديرة الحملات في منظمة "مراسلون بلا حدود" ريبيكا فنسنت أن "الإدانة… هي نتيجة محاكمة لا يمكن في أي حال اعتبارها عادلة أو حرة. ينبغي إلغاء هذا الحكم فورا".
وأثار سجن غيرشكوفيتش منذ مارس/آذار العام الماضي موجة تضامن واسعة في وسائل الإعلام العالمية، كما أثار استياء القادة الغربيين.
واعتبر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الجمعة أن إدانة المراسل "حقيرة".
ورأت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أن هذه الإدانة "جزء من دعاية بوتين الحربية".
وأعلنت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا أن غيرشكوفيتش ضحية "محاكمة صورية ذات دوافع سياسية"، معتبرة أن الحكم الصادر بحقه "نقيض للعدالة".
ورأت الأمم المتحدة أن الحكم على غيرشكوفيتش يثير "قلقا كبيرا" على حرية التعبير.