مع الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على المواصي في غزة، والجمود الذي يحيط بالمفاوضات مع حماس، تندد عائلات الرهائن بتعامل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو مع المفاوضات بعد تسعة أشهر على الحرب.
وقال مسؤول للقناة "12 الإسرائيلية" إن إسرائيل تواجه "لحظة الحقيقة بالنسبة للرهائن"، إذ أنه من الممكن التوصل إلى اتفاق في غضون أسبوعين، على ما أفاد تقرير لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
وأوضح المسؤول المشارك في المفاوضات "أن إصرار نتانياهو على بناء آلية لمنع تحرك المسلحين لشمال غزة من شأنه أن يعطل المحادثات لأسابيع".
ويطالب نتانياهو بآلية تنفيذ لمنع مسلحي حماس من العودة إلى شمال غزة، ودعا إلى احتفاظ إسرائيل بالسيطرة على طول الحدود بين غزة ومصر.
وتتسق تصريحات هذا المسؤول مع تصريحات لمصدرين أمنيين مصريين لوكالة رويترز، السبت، أن محادثات وقف إطلاق النار في غزة توقفت بعد مفاوضات مكثفة لثلاثة أيام فشلت في التوصل إلى نتيجة قابلة للتطبيق، وألقيا باللوم على إسرائيل في عدم وجود نية حقيقية لديها للتوصل إلى اتفاق.
وذكر المصدران اللذان تحدثا لرويترز وطلبا عدم الكشف عن هويتيهما أن سلوك المفاوضين الإسرائيليين يكشف عن "خلاف داخلي".
وبحسب المصادر، فإن الوفد الإسرائيلي كان يمنح موافقاته على عدة شروط قيد البحث، ثم يعود بتعديلات أو يطرح شروطا جديدة قد تهدد بإغراق المفاوضات.
وقالت المصادر إن الوسطاء اعتبروا "التناقضات والتأخير في الردود وإدخال شروط جديدة خلافا لما تم الاتفاق عليه سابقا" مؤشرات على أن الجانب الإسرائيلي ينظر إلى المحادثات على أنها إجراء شكلي يهدف إلى التأثير على الرأي العام.
وأضاف المصدران أن "الجانب المصري أبدى غضبه من تلك التأجيلات والبنود الجديدة... المفاوضات توقفت الآن لحين إثبات الجانب الإسرائيلي أنه جاد في مفاوضاته".
الشعور بـ "عدم وجود نية حقيقية للمحادثات" وتعطيل نتانياهو للمفاوضات، لا يتوقف عند المشاركين فيها، بل يمتد إلى عائلات الرهائن الذي ساروا نحو القدس لمطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بـ "التوقف عن عرقلة الاتفاق".
وقالت والدة رهينة بعد أنباء عن قصف المواصي لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إن "الجميع يؤيد تصفية الحسابات مع.. حماس، ولكن ليس على حساب أحبائنا".
وأضافت "نتنياهو، لا تدفن الرهائن، أخبر الجميع الآن أنك تدعم الصفقة المطروحة على الطاولة".
وتشير تقديرات محللين وخبراء سياسيين تحدثوا لموقع "الحرة" إلى أن المفاوضات بشأن صفقة وقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين ستتوقف بعد قصف المواصي، على الأقل في المدى القريب.
وقال مصدر أمني إسرائيلي لوكالة فرانس برس إن هذه العملية "توجه رسالة مفادها أن اسرائيل ستواصل استهداف القادة الكبار في حماس رغم أنها تستمر في التفاوض بهدف التوصل الى اتفاق حول الرهائن".
وانتقدت عائلات تحدثت للصحيفة من أن "العراقيل" التي يضعها نتانياهو أمام اتفاق إطلاق سراح الرهائن، قد تكلف "الرهائن" حياتهم، مطالبينه بوضع "الاعتبارات الشخصية والسياسية جانبا، وإعادة الرهائن إلى ديارهم".
وقال منتدى عائلات المخطوفين والمفقودين في بيان الجمعة: "نشعر بالفزع والصدمة إزاء هذا السلوك غير المسؤول الذي من المرجح أن يؤدي إلى إهدار فرصة قد لا تعود أبدا. حتى أن يعود الجميع إلى رشدهم ويعملون معا، قد لا يكون هناك أحد يمكن إعادته".
وأضاف "كل دقيقة هي دهر بالنسبة لنا وكل ثانية هي جحيم بالنسبة لهم. نناشد رئيس الوزراء: نحن ندعم صفقة نتانياهو. والآن جاء دورك لدعم الصفقة التي وضعتها على الطاولة".
ونقلت الصحيفة عن تقرير آخر بثته هيئة البث العام الإسرائيلية "كان"، إذ أكد مسؤولون مشاركون في المفاوضات أن "نتانياهو يتحكم في كل تفاصيل المحادثات، ويدير المفاوضات بمفرده عمليا"، مشيرين إلى أنه "يستثمر المزيد من الوقت في التعامل معها" في إشارة إلى مماطلته لمد أمد التفاوض.
من جانبها نقلت قناة "12 الإسرائيلية" عن مسؤولين أنهم يرجحون أن نتانياهو "يحاول تأخير الاتفاق لأنه من المرجح أن يخسر ائتلافه بسببه، مع تعهد الأحزاب اليمينية المتطرفة بالانسحاب إذا تم التوصل إليه".
قال نائب رئيس حركة حماس في غزة خليل الحية لقناة الجزيرة السبت إن حماس تنتظر ردا من الوسطاء على المقترحات المقدمة لإسرائيل.
وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن الخميس قد أعلن أن إدارته تحرز "تقدما" نحو التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.
وقال بايدن خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض عقب قمة لحلف شمال الأطلسي "الناتو" إن "الولايات المتحدة تعمل منذ أشهر للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة وإعادة الرهائن إلى ديارهم وتمهيد الطريق للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط".
وأضاف "هذه قضايا صعبة ومعقدة. لا تزال هناك ثغرات يجب سدها. نحن نحرز تقدما. الاتجاه إيجابي، وأنا مصمم على إنجاز هذا الاتفاق ووضع حد لهذه الحرب التي يجب أن تنتهي الآن".
وتابع بايدن "هناك كثير من الأمور التي كنت أتمنى لو كنت قادرا على إقناع الإسرائيليين بفعلها، لكن خلاصة القول هي أن لدينا فرصة الآن. حان وقت إنهاء هذه الحرب".