وبحسب مقال كتبته لويز لوكاس، في  صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، فإنه بالعودة إلى الوراء عشر سنوات، فقد بلغ متوسط العائد السنوي 2.7 بالمئة، أي ثلث عائد مؤشر إم إس سي آي.

وتفرض الأوضاع السلبية على مستوى العالم خلال السنوات الماضية، تأثيرات أكبر في العالم النامي. بينما تلك الأسواق نفسها استفادت بشكل أقل، في العقد الماضي أو ما يقرب من ذلك، من الأوضاع الإيجابية للاقتصاد العالمي.

ولأن هذه الأسواق أكثر تقلباً بطبيعتها، فإنها تصبح تحت رحمة صناعة السياسات العالمية وتدفقات رأس المال، وفق كاتبة المقال.

قوة الدولار

  • وتبعاً لذلك، فإن قوة الدولار الأميركي تعني أن المستثمرين الأميركيين والأوروبيين لن يحتاجوا إلى البحث عن العائدات في أماكن بعيدة.
  • كما تتضاءل التدفقات الداخلة وترتفع تكاليف السلع والخدمات المستوردة.
  • وتشير حسابات صندوق النقد الدولي إلى أن ارتفاع قيمة الدولار بنسبة 10 بالمئة يؤدي إلى انخفاض الناتج في الأسواق الناشئة بنسبة 1.9 بالمئة بعد عام واحد، ويستمر هذا التأثير لسنوات عدة.
  • كذلك فإن "تفكيك العولمة" يؤثر بشكل سلبي، لا سيما لجهة تفكك سلاسل التوريد المتعرجة عبر آسيا وأميركا اللاتينية، وكبح التجارة.

وتشير الإجراءات المتخذة في الولايات المتحدة الأميركية، على غرار حظر بعض الصادرات التكنولوجية إلى الصين والتعريفات الجمركية التي فرضتها في الآونة الأخيرة على مركباتها الكهربائية، إلى عدم حدوث تغيير يذكر على هذه الجبهة.

التجارة العالمية

انخفضت التجارة العالمية العام الماضي بنسبة 3 بالمئة إلى 31 تريليون دولار أميركي ــ أو 5 بالمئة في حالة السلع، وفقاً للأمم المتحدة.  وتحتل الصين مكانة أكبر مصدر للسلع في عدة أماكن.

ويشير المقال إلى أن التفاصيل الخاصة بكل دولة قد تفسد الأمور ــ وخاصة عندما تكون الدولة المعنية هي الصين، التي تشكل نحو ربع مؤشر MSCI للأسواق الناشئة. فقد انتهت قصة النمو الملحمية في بكين، والتي كانت دائماً ما تعتمد بشكل كبير على الاستثمار والعقارات، مع تعطل سوق العقارات في العام 2021. 

ويضيف المقال: لقد فر المستثمرون، الذين أصابهم الفزع بالفعل من تدخل بكين الواضح في قطاع التكنولوجيا، من السوق. ويبلغ مؤشر MSCI الصيني نصف ذروته في عام 2021 تقريباً.

ولكن الصين أطلقت في الشهر الماضي حزمة إنقاذ (هزيلة) لسوق العقارات. فيما من المتوقع أن تشهد الولايات المتحدة وأوروبا تخفيضات في أسعار الفائدة. كما بدأت أرباح الأسواق الناشئة في الارتفاع، ومن المتوقع أن ترتفع بنسبة 18 بالمئة هذا العام و15 بالمئة العام المقبل.

وتقول كاتبة المقال إن أصحاب النظرة المتفائلة إلى المستقبل قد يتجاهلون حتى التحولات الأكثر جوهرية، مثل إعادة انسيابية سلاسل التوريد، موضحة أن إعادة التصنيع إلى الداخل لا تقتصر على المصانع في الولايات المتحدة. فهناك مستفيدون آسيويون مثل فيتنام وماليزيا والهند التي تطبق أنظمة حوافز مرتبطة بالإنتاج . أما بالنسبة للصين نفسها فإن الجانب السلبي من التجاهل هو زيادة الاكتفاء الذاتي.

الذكاء الاصطناعي

ولكن ثمة جانباً أكثر إيجابية يتمثل في امتداد تأثير الذكاء الاصطناعي إلى شركات تصنيع الرقائق. فشركة تي إس إم سي، وهي الأكبر في العالم، توجد في تايوان. وإذا أضفنا إليها شركتي سامسونغ وSK Hynix الكوريتين الجنوبيتين، فإن الثلاثي يشكل 14 بالمئة من مؤشر MSCI للأسواق الناشئة.

كما تشهد أسهم شركة تينسنت، ثاني أكبر شركة بعد تي إس إم سي، ارتفاعا ملحوظا. فقد كشفت شركة التواصل الاجتماعي الصينية العملاقة عن نموذجها اللغوي الكبير في سبتمبر الماضي.

ولقد أجريت عديد من الانتخابات حتى الآن، بما في الانتخابات الهندية، وهذا يزيل مجموعة واحدة من أوجه عدم اليقين، على الرغم من أن اختيار الأميركيين في صناديق الاقتراع سيكون له تأثير كبير على هذه البلدان أيضاً.

فرص وإمكانات

من جانبه، يقول مدير المركز العالمي للدراسات التنموية والاقتصادية، صادق الركابي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إنه رغم أن الأسواق الناشئة تتمتع بعديد من الفرص والإمكانات التي تجعلها محور اهتمام المستثمرين، إلا أنها تتسم بتقلبات وحساسية مفرطة تجاه المتغيرات الدولية تتمثل في:

  • ارتفاع قيمة الدولار يفقد هذه الأسواق جاذبيتها بالنسبة للمستثمرين في الأسواق الأوروبية والأميركية، ويسهم في زيادة تكلفة المدخلات الإنتاجية سواء كانت سلعاً وخدمات.
  • كل ارتفاع في قيمة الدولار بنسبة 10 بالمئة يؤدي إلى تراجع الناتج المحلي للأسواق الناشئة بحوالي 2 بالمئة.
  • أسهمت التوترات السياسية وجائحة كورونا بالإضافة إلى الحرب في أوكرانيا في تراجع ملحوظ للعولمة، مما أثر على سلاسل التوريد وحجم التجارة العالمية التي كانت تعتمد عليها تلك الأسواق الناشئة.
  • تباطؤ النمو في الصين رغم حزم الإنقاذ التي تحاول دعم قطاع العقارات فيها.. بكين لم تعد إلى مستوى النمو الذي كانت عليه قبل خمسة أعوام.

ويضيف الركابي أنه رغم كل التحديات السابقة إلا أن هناك فرصاً كبيرة تنتظر الأسواق الناشئة، خصوصاً في العام المقبل، تتمثل في:

  • من المتوقع أن يخفض الفيدرالي الأميركي والمركزي الأوروبي أسعار الفائدة، مما سينعكس بشكل إيجابي على أرباح الأسواق الناشئة ويجذب إليها المزيد من المستثمرين.
  • تشكل إعادة هيكلة سلاسل التوريد العالمية فرصة لأسواق مثل الهند وفيتنام وماليزيا وكوريا الجنوبية، حيث تحاول هذه الدول أن تكون لاعباً مهماً في تغيير شكل التجارة العالمية.
  • تسهم التكنولوجيا في تحقيق أهداف هذه الأسواق، خصوصاً وأنها استثمرت رؤوس أموال كبيرة في الذكاء الاصطناعي وصناعة الرقائق، مما يجعلها فرصة استثمارية كبيرة ستساهم في دفع عجلة النمو للاقتصاد العالمي.

معاناة

في سياق متصل، يقول رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets، جو يارك، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن

  • الأسواق الناشئة ستظل في حالة من المعاناة خلال الوقت الحالي؛ خصوصاً أن هذه الأسواق مرتبطة اقتصادياً في المقام الأول بالفيدرالي الأميركي الذي اتبع سياسة رفع أسعار الفائدة خلال الفترة الماضية للسيطرة على التضخم.
  • كل السلع الأساسية والسندات المقومة بالدولار في هذه الدول مرتبطة بالعملة الأميركية، لذلك فالأسواق الناشئة مضطرة إلى أن تقدم سندات وأدوات استثمارية بفوائد مرتفعة.
  • الأسواق الناشئة مطالبة بعملية جذرية للإصلاح الاقتصادي بها خصوصاً وأن الفساد مستشري في كثير من هذه الأسواق ويؤثر بدوره على الناتج القومي وهو ما يتطلب إعادة الهيكلة الكلية للاقتصاد.
  • بسبب هذه العوامل أداء الأسواق الناشئة كان ضعيفاً في النصف الأول من 2024.

ويتوقع يارك أن اتباع الفيدرالي الأميركي سياسة خفض أسعار الفائدة في المرحلة المقبلة سينعكس بالإيجاب على هذه الأسواق وهو ما سينتج عنه الحد من وطأة ضغوطات الأسعار على هذه الاقتصادات وما تستهلكه من السلع، وأيضاً العوائد المطروحة على الأدوات الاستثمارية وعلى رأسها السندات.