آخر الأخبار

المحاضر الاقتصادي إياد الشيخ أحمد لـ”الصنارة”: اذا توقفت الحرب سنواجه فترة صعبة قصيرة لكن سنعود الى النمو الاقتصادي لأن الاقتصاد الاسرائيلي متين

شارك الخبر

زياد شليوط


كشفت “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية-OECD” في تقرير أعدته عن قائمة تحتوي على مقارنة بالأسعار، منتجات ومواد غذائية وخدمات أيضا، في الدول الغربية. ويتضح من هذه القائمة ان أسعار الغذاء والمشروبات في اسرائيل، هي ثاني أعلى الأسعار في القائمة من بين الدول المتطورة، بحيث أن الأسعار في كوريا الجنوبية، هي فقط الأعلى من الأسعار في البلاد .

ووفقا للقائمة فان أسعار الغذاء والمشروبات في إسرائيل هي أعلى بنسبة تصل الى 52% من معدل الاسعار في الدول المتطورة، أي أنه مقابل كل 100 شيكل يدفعها المواطن الاسرائيلي ثمنا لسلع غذائية او مشروبات، فان المواطن في دول غربية يدفع 52 شيكل فقط . كما تكشف القائمة ان أسعار الخبز في البلاد هي ثاني أغلى أسعار في الدول المتطورة، اذ ان سعرها أعلى من الأسعار في تلك الدولة بحوالي 49%. وأيضا شمل التقرير أسعار الجبن والحليب والبيض فهي في البلاد أغلى من كل أسعار الدول المتطورة باستثناء دولة واحد، وهي كوريا الجنوبية.

المحاضر الاقتصادي ومدير الحسابات إياد الشيخ أحمد علق على ما جاء في التقرير، لصحيفة وموقع “الصنارة”، قائلا: ” هذا ليس أمرا جديدا، فموجة ارتفاع الأسعار موجودة أكثر من سنتين. وما يؤثر ويدفع نحو ذلك أمران وهما: أولا ارتفاع أسعار السكن التي ارتفعت في السنوات العشر الأخيرة، وثانيا ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وهذا أعلى من دول الأخرى في العالم بـ 52% هذان السبب الأساسي في ارتفاع الأسعار.

وردا على سؤال ما الذي يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الاسرائيلي في ظل الحرب، قال: “بشكل عام نواجه أمران ارتفاع أسعار غلاء المعيشة وسعر الفائدة البنكية المرتفعة ولا ننسى أن فرع البناء في ظل عدم وجود عمال فلسطينيين أدى الى ضغط كبير عليه وهو فرع مركزي، والثاني عجز كبير في ميزانية الدولة، حيث سنواجه ارتفاعا في ضريبة القيمة المضافة الى 18% وفي نواحي ضريبية أخرى، برأيي الوضع الأساسي الصعب يكمن في فرع البناء، بينما المرافق الاقتصادية الأخرى قوية، وما يثبت ذلك أن الشيكل يحافظ على قوته وسعره مقابل الدولار، وهذا مؤشر على متانة الاقتصاد الاسرائيلي. تبقى المشاكل بالأخص في البناء والسياحة، لأن فرع السياحة تلقى ضربة قاسية في تراجع أعداد السائحين الوافدين الى البلاد”.

الصنارة: كيف سيكون انعكاس انتهاء الحرب قريبا على الوضع الاقتصادي؟

إياد: إذا توقفت الحرب قريبا فان التوقعات واردة بعودة الدورة الاقتصادية إلى ما كانت عليه قبل الحرب. ويتوقع أن يحدث نمو اقتصادي في عام 2025، لكن ليس قبل أن نسد العجز المالي الكبير أولا، وهذا سيؤدي الى ضغوطات على الناس كأفراد أو كأصحاب مصالح تجارية، بسبب تقليصات في الوزارات الاجتماعية ورفع الضرائب لكن برأيي بعد ممكن مع نهاية 2025 أن نخرج من هذه الأزمة ونعود الى البحبوحة الاقتصادية.

اذا توقفت الحرب سنواجه فترة صعبة قصيرة لكن سنعود الى النمو. لكن المواطن العادي هو من سيتحمل العبء، فهو من يدفع مقابل غلاء المعيشة المرتفع. الثاني لا يوجد ارتفاع في الرواتب موجودين في فترة غلاء مرتفع ومستمر منذ 2022 بعد الحرب الروسية وبدأت موجة جذورها من أزمة كورونا والحرب اثرت على ارتفاع الأسعار في العالم بالمقابل دون رفع أجور العمال.

الصنارة: حتى أن التأمين الوطني أعلن عن تقليصات لجمهور المؤمنين!

إياد: التأمين الوطني تراجع بسبب العجز. الدولة لا تسمح لنفسها اضافة ميزانيات للوزارات الاجتماعية، وتقليص الميزانيات معناه رفع غير مباشر للضرائب لأننا ندفع الثمن، عندما تقوم الحكومة بتقليص الميزانيات في الخدمات للمواطن، يعتبر هذا بشكل غير مباشر بمثابة فرض ضرائب جديدة. 

الصنارة: لكن التوقعات أن تدوم الحرب لأشهر طويلة، كيف سيكون الوضع عندها؟

إياد: برأيي اذا استمرت الحرب ولم تتغير الظروف فان الأوضاع الاقتصادية ستزداد سوءا، ولا أحد يعرف ماذا سيجري في المستقبل، لأننا وصلنا الى عجز 8% من الميزانية، وهذا عجز كبير فهل ميزانية الدولة تتحمل عجزا كبيرا أم لا؟ نرى اليوم خطوات للحكومة حتى تقلل العجز في ميزانيتها.

الصنارة: هل يمكن للانسان أن يستثمر في ظل هذا الوضع الذي تصفه دون أن يعرض نفسه للخسارة؟

إياد: من الخطأ أن نقول اليوم فيما اذا يمكن للشخص أن يستثمر في البلاد أم لا. لأن الاستثمارات أنواع متعددة، في وضع اقتصادي صعب عليه أن يجري “دراسة جدوى” للاستثمار الذي يريده. لسنا في مرحلة انهيار اقتصادي، بل أزمة اقتصادية وهناك فارق بينهما. لسنا مثل تركيا مثلا، نحن في مستوى تضخم مالي لا يعتبر كبيرا نوعا ما. نسبة البطالة غير مرتفعة وما زالت في مستوى معقول والمرافق الاقتصادية ما زالت متينة، ولسنا في حاجة لنقل الاستثمارات لخارج البلاد فهذا خطأ، الأجواء الاقتصادية جيدة، صحيح هناك أزمة وعجز مالي وظروف صعبة، ولكن كل هذا بعيد عن الانهيار الاقتصادي. 

الصنارة: لكننا نقرأ في الصحافة الاسرائيلية تقارير سلبية عن الوضع الاقتصادي في اسرائيل، كيف يتفق هذا مع ما تذهب إليه في كلامك؟

إياد: من الطبيعي أن تتعرض دولة في حالة حرب مستمرة منذ تسعة أشهر لأزمة اقتصادية. هناك مبدأ معروف يقول بأنه لا يمكن أن يكون نمو اقتصادي وبحبوحة اذا لم يكن هناك هدوء. ثانيا إن الحكومة لا تتعامل مع الأمور الاقتصادية بشكل جذري، والمقالات الصحفية تنتقد بشدة سياسة وزير المالية الحالي (سموطريتش)، الذي لا يتعامل مع القضايا الاقتصادية بالشكل المطلوب، هو أكثر رجل سياسة منه رجل اقتصاد. من هنا على وزير المالية أن يتعامل مع الموضوع بشكل مهني، لكن توجهه سياسي وهذا واضح وهنا ينصب النقد عليه.

الصنارة: هل نفهم بأن من هاجر من البلاد وسكن في الخارج يعود لأسباب سياسية فقط، وهل من الخطأ الاستثمار في الخارج؟

إياد: يمكن أن يكون هناك تأثير للوضع الاقتصادي، لكن يبقى العامل الأمني المرتبط بالوضع السياسي هو الأقوى. إن من يستثمر عادة هو من لديه أموال، ونحن لدينا طبقة في اسرائيل يمكنها أن تستثمر في داخل البلاد وخارجها، فالاستثمار الخارجي موجود منذ عدة سنوات، وواحدة من الأهداف أسعار السكن، لأنها مرتفعة في اسرائيل فهناك فرصة اليوم لاستئجار أو شراء بيوت في الخارج أرخص بكثير مما هو عليه في اسرائيل، وبرأيي أن الاغراءات في الأسعار في اليونان وقبرص وحتى دبي أكبر، لأن الأسعار هناك أرخص من شراء شقة في تل أبيب مثلا وغيرها من المدن.

الصنارة: هل شراء البيوت في تلك الدول أمر صحي أم له انعكاسات سلبية؟

إياد: ليس لدي خبرة في العقارات. برأيي أن على كل انسان قبل أن يستثمر أن يقوم بالمسح المطلوب وأن يحصل على استشارة مهنية  وقانونية صحيحة، لأن هناك مبالغ كبيرة، كل عملية استثمار بمبلغ كبير بحاجة الى ترو ودراسة وبحث ومعرفة الأوضاع والجدوى الاقتصادية.

الصنارة: طالما سمعنا منكم نصائح لمجتمعنا العربي بالتوقف عن الاسراف المالي في المناسبات، وأمامنا عطلة الصيف والأعراس وبعدها افتتاح السنة الدراسية، كيف تفسر عدم التجاوب مع دعوات الاقتصاديين وكيف تقيم الوضع؟ 

إياد: للأسف الشديد ما زال معظمنا يجهل التغيير الذي نمر به اقتصاديا. كانت نسبة الفائدة البنكية صغيرة جدا وتكاد تصل الى صفر، وكانت امكانية الحصول على قروض متوفرة من اجل زيادة الاستهلاك، لكن الفائدة البنكية اليوم لا تسمح للفرد أن يزيد من مستوى حياته او من الاستهلاك بالاعتماد على القروض. وللأسف علينا أن نعمل على التربية في المدارس من خلال برنامج ارشادي في التربية المالية والاستهلاك الحكيم. في مجتمعنا لا يدرس طلابنا هذا الموضوع ونفتقر للتربية المالية، واعتدنا على تقليد الآخرين دون مراعاة الفروق في الدخل والامكانيات المالية. مجتمعنا يعاني أكثر وبشكل مقلق من دخول السوق السوداء اليه وهذا ما يجب التعامل معه.  

 

الصّنارة المصدر: الصّنارة
شارك الخبر

إقرأ أيضا