آخر الأخبار

هل يغير الذكاء الاصطناعي مستقبل معايير الجمال؟

شارك الخبر

في أبريل/نيسان 2017، بدأت صور عارضة أزياء في منتصف العشرينيات من عمرها تُدعى شودو غرام بالظهور على موقع إنستغرام. كانت تتمتع ببشرة بنية داكنة مضيئة وملامح متناسقة تمامًا، وفي سلسلة من الصور، كانت ترتدي حلقات العنق المرتبطة بقبيلة نديبيلي في جنوب أفريقيا.

وسرعان ما اجتذب جمالها الغريب المتابعين، حيث تمت مشاركة صورها على صفحات تحتفي بالنساء ذوات البشرة الملونة، مصحوبة بوسوم مدح مثل "الأسود جميل" (blackisbeautiful)، في إشارة إلى حركة ثقافية بدأت خلال ستينيات القرن الماضي على يد أميركيين من أصول أفريقية.

في صور نُشرت في أغسطس/آب 2017، ارتدت غرام قميصًا أصفر نابضًا بالحياة من ماركة الملابس "سول سكاي" (SOULSKY)، علامة تجارية للملابس الكاجوال والرياضية. وجاء في تعليق على إحدى الصور "لا أستطيع أن أصف مدى امتناني للعلامة التجارية سكاي سول لإرسالها لي هذا القميص الجميل"، مع الإشارة إلى مصمم الشركة الذي أعاد بعد ذلك نشر الصورة على موقع الشركة، وما زالت حتى اليوم تتصدر الصفحة الرئيسية للموقع.

 

أعرب معظم المتابعين على إنستغرام عن إعجابهم بجمال غرام، رغم وجود بعض الأصوات المعارضة. وكتب أحد المعلقين "أشعر بأنه يجب عليك أن تخبرني عندما يكون الأشخاص الذين يعرضون ملابسك ليسوا في الواقع أشخاصا".

عرف هذا الشخص شيئًا لم يدركه العديد من آلاف متابعي شودو غرام: أنها لم تكن عارضة أزياء بشرية، بل شخصية تم إنشاؤها بواسطة الحاسوب.

منذ ذلك الحين، أخذت الصور المولدة بالحاسوب -التي تُعرف اختصارًا بـ"سي جي آي" (CGI)- في التحسن بشكل كبير، وصولا إلى الصور التي ينشئها الذكاء الاصطناعي، لدرجة أن الكثير من الناس غير قادرين على تمييزها عن الصور الحقيقية، ومع استمرار تطور هذه التكنولوجيا، أصبحت التحديات التي تواجه إدراكنا لما هو حقيقي هائلة، وتتآكل ثقتنا فيما نراه.

يغيّر هؤلاء الأشخاص الافتراضيون بالفعل صناعات مثل عرض الأزياء والتسويق، ولكن هل يمكنهم تقديم انعكاس للإنسانية أكثر تنوعًا مما كان متاحا تاريخيًّا أم أنهم مقدَّر لهم أن يعكسوا معايير الجمال الضيقة التي انجذبت إليها هذه الصناعات منذ مدة طويلة؟

الجمال في عصر الذكاء الاصطناعي

تغيرت معايير الجمال الأنثوي عبر الزمن، فإذا نظرنا إلى العصر الكلاسيكي اليوناني، تبرز عبارة "الجسد الجميل يعد بروح جميلة" لسقراط. في هذا الوقت، كان يُعتقد أن النسب المثالية هي المفتاح لامرأة جميلة.

في عصر النهضة، تمت الإشارة إلى قانون الجمال من خلال لوحة "ولادة فينوس" للفنان الإيطالي ساندرو بوتيتشيلي التي أنجزها في منتصف ثمانينيات القرن الخامس عشر، وكانت المعايير تنحصر في البشرة البيضاء، والخدود الوردية، والعيون الكبيرة الواضحة، والشفاه الحمراء.

بين عامي 1950 و1960، ظهرت الممثلة الأميركية مارلين مونرو بوصفها واحدة من أكثر رموز الجنس شعبية في الخمسينيات، وقامت النساء بتبييض شعرهن مثلها، كما حظي الجسم الشبيه بالساعة الرملية بشعبية كبيرة كأكثر الأجسام جمالًا وجاذبية، وارتدت معظم النساء المشدات و"الكورسيهات" لتحقيق هذا الشكل.

مصدر الصورة
يعمل الذكاء الاصطناعي عن طريق جمع كميات هائلة من البيانات من مصادر مختلفة (شترستوك)

وفي أيامنا هذه، برز الذكاء الاصطناعي بوصفه تقدما تكنولوجيا قويا، مما أثار الانبهار والقلق، كما أحدث تطويره ثورة في كيفية عملنا وتواصلنا وحتى إدراكنا لأنفسنا، وأثار استخدمه مناقشات بشأن تأثيره المحتمل على تشكيل جوانب مختلفة من الحياة اليومية والمجتمع والتأثير عليها، أحد هذه المجالات هو إدامة معايير الجمال، التي غالبًا ما يتم انتقادها لأنها تروج للمعايير غير الصحية.

ويعمل الذكاء الاصطناعي عن طريق جمع كميات هائلة من البيانات من مصادر مختلفة مثل المنشورات الصحفية على الإنترنت والأوراق الأكاديمية والكتب والمدونات ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، والتي يستخدمها المطورون لتدريب برامج الذكاء الاصطناعي، وتمكينها من أداء المهام وإنشاء المحتوى.

وفي العصر الرقمي، حيث يريد الجميع إثبات أنه ليس لديهم عيوب، ساهمت وسائل التواصل في إدامة جميع أنواع معايير الجمال الوهمية على مر السنين، والآن يفعل الذكاء الاصطناعي ذلك من جديد حتى أصبح من الصعب تمييز "البشر" الذين يتم إنشاؤهم بواسطة الذكاء الاصطناعي عن البشر الحقيقيين، ونتيجة لذلك، أصبح الناس أقل تصديقًا لما تخبرهم به أعينهم.

على سبيل المثال، عندما يطلب المستخدم وصفة أو صورة، تقوم خوارزميات الذكاء الاصطناعي بتحليل البيانات المجمعة لتقديم استجابة مناسبة، ومع ذلك، فإن الاعتماد على مثل هذه البيانات يثير أيضًا مخاوف بشأن تحيزات المجتمع التي يمكن تضمينها في أنظمة الذكاء الاصطناعي.

لا معايير للجمال في عصر المؤثرين المزيفين

تتحسن الصور المولدة بالحاسوب حتى أصبحت في متناول الأشخاص الذين يرغبون في تجربة الفن الثلاثي الأبعاد بأنفسهم. بفضل التقدم التكنولوجي، أصبح المؤثرون موجودين الآن على وسائل التواصل، وهذا الاتجاه آخذ في النمو.

ويعمل هؤلاء المحبوبون الرقميون على طمس الخطوط الفاصلة بين الواقع والعالم الافتراضي، ويعيدون تعريف التسويق المؤثر، ويثيرون أسئلة رائعة حول الأصالة والاتصال في العصر الرقمي.

منذ ظهورها لأول مرة، أثارت عارضة الأزياء الرقمية شودو غرام نوعًا مختلفا من الجدل، ينبع من حقيقة مفادها أنها امرأة سوداء مبتكرها هو رجل أبيض يبلغ من العمر 28 عامًا، وهو المصور البريطاني والفنان الرقمي المقيم في لندن كاميرون جيمس ويلسون، مؤسس "ذا ديجيتالز" (The Diigitals)، أول وكالة عارضات أزياء رقمية بالكامل في العالم، ومبتكر 7 مؤثرين افتراضيين بما في ذلك "كوفي" (Koffi) و"برين" (Brenn) و"داجني" (Dagny) و"آسبن" (Aspen) و"غالكسيا" (Galaxia) وغيرهم.

كانت هذه الانتقادات الواسعة النطاق موجهة للوجه الرقمي الأسود، وتحمل شكلا من أشكال العنصرية، لكن كل هذا تغيّر بعد أن قدمت علامات تجارية، مثل "فنتي بيوتي" (Fenty Beauty) لمستحضرات التجميل و"سامسونغ" (Samsung) وشركة "سمارت كار" (Smart Car) ومجلة "كوزموبوليتان" (Cosmopolitan) الدولية، أعمالا للمرأة.

تحدت شودو غرام تصورات معايير الجمال في صناعة الأزياء، وتصدرت حملة دار الأزياء الفرنسية الفاخرة "بالمان" (Balmain) قبل خريف 2018، وحملة شركة الملابس الرياضية الإيطالية "أليس" (Ellesse). علاوة على ذلك، ظهرت على السجادة الحمراء في حفل توزيع جوائز الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون "بافتا" (BAFTA) لعام 2019، وفي تجربة فيديو في "دبي مول" لصالح مجلة "ڤوغ" المعنية بالموضة وأسلوب الحياة العربية، وأيضًا في صحيفة "ذا نيويوركر" وغيرها العديد.

قطعت غرام خطوات كبيرة في الدفاع عن الجنس البشري الافتراضي بعد أن كان هناك نوع من التحيز ضد عارضات الأزياء ذوات البشرة السوداء، ومن النادر اختيارهن للترويج للعلامت التجارية العالمية، لذا فهي تمثل السمراوات وتستلهم منهن، وكما يقول كاميرون، فإن الهدف من إنشاء غرام هو نشر التمكين والشمولية.

من خلال تصميمها، تقتدي غرام بعارضات أزياء حقيقيات، إذ إن عينيها مستوحاة من عيون عارضة الأزياء الصومالية زارا محمد عبد المجيد مع تجاويفها العميقة الجميلة، لكن مظهرها مستوحى من دمية باربي المسماة "أميرة جنوب أفريقيا"، التي ترتدي حلقات حول رقبتها، مثل غرام.

بدأت ردود أفعال وسائل التواصل تجاه شودو غرام تتغير، ومن الغريب أنه حتى أولئك الذين يبدو أنهم يعرفون أنها ليست بشرية يستمرون في التعبير عن إعجابهم بجمالها، وكان من بين معجبيها مشاهير سود مثل الممثل الأميركي مايكل بي جوردان، والملحنة أليسيا كيز، والممثلة الأميركية تايرا بانكس، وعارضة الأزياء البريطانية ناعومي كامبل، التي انتقدت في الماضي صناعة الأزياء بسبب افتقارها التاريخي إلى تمثيل السود.

ولم تكن غرام أول عارضة أزياء افتراضية اقترنت بالشخصيات المؤثرة في عالم الموضة والأزياء، فقد سبقتها الشابة البرازيلية الأميركية المنمشة ميكيلا سوزا، أو ليل ميكيلا، التي تعرض الملابس ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

إقرأ أيضا