آخر الأخبار

الحرب والمال والنفط.. كيف تشكّلت عملية بيع أسهم "أرامكو" العملاقة؟

شارك الخبر
مصدر الصورة

كشفت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، عن كواليس عملية بيع أسهم في شركة النفط السعودية العملاقة "أرامكو"، بالطرح الثانوي، والتي تأجلت لأكثر من مرة بسبب اندلاع الحرب في الشرق الأوسط والتقلبات الكبيرة في أسعار النفط.

واستنادا إلى مقابلات مع عشرات الأشخاص الذين شاركوا مباشرة في العملية وطلبوا عدم الكشف عن هويتهم، قالت "بلومبيرغ" إن بيع المزيد من أسهم أرامكو "كان يجري الاستعداد له قبل عامين تقريبا، حيث بدأ أقرب مستشاري ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في عقد اجتماعات سرية مع مصرفيين ومستثمرين ومستشارين، لتحديد موعد بيع المزيد من أسهم عملاق النفط".

ولم يستجب ممثلو أرامكو والحكومة السعودية لطلبات التعليق من بلومبيرغ.

وهذا الشهر، جمعت السعودية بموجب سعر بيع أسهم أرامكو في الطرح الثانوي، الذي يمثل فقط 0.64 بالمئة أو 1.545 مليار سهم من أسهم الشركة المصدرة، نحو 11.2 مليار دولار، وذلك بعد تسعير السهم عند 27.25 ريالا سعوديا.

"تمويل رؤية 2030"

ويُعد هذا الطرح، وفق "بلومبيرغ"، بمثابة "نجاح للرئيس التنفيذي للشركة أمين الناصر، وكبار مصرفيي وول ستريت الذين شاركوا في إبرام الصفقة، التي طالما أرادها ولي العهد، حيث خصص جزءا كبيرا من عملية بيع الأسهم للمستثمرين الأجانب (60 بالمئة)، وهو الأمر الذي لم يحدث في الطرح العام الأولي قبل أعوام".

ورافق الاكتتاب العام الأولي لأسهم شركة أرامكو بقيمة 29.4 مليار دولار قبل 5 أعوام تقريبا، "نوبات غضب وتحولات مفاجئة جعلت المملكة تعتمد بشكل شبه كامل على المستثمرين المحليين"، وفقا للوكالة.

ومع نجاح الطرح الثانوي، قال أحد المشاركين في العملية، حسب "بلومبيرغ"، إنها "الصفقة التي كان من المفترض أن يكون عليها الاكتتاب العام الأولي في 2019".

ونقلت الوكالة عن زميل في معهد بيكر للسياسات العامة بجامعة رايس في هيوستن بالولايات المتحدة، جيم كرين، قوله: "نحن نشهد محاولة شاملة لجمع رأس المال الاستثماري لمشاريع رؤية 2030 العملاقة. وبما أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر المأمولة لم تتحقق بالكامل، فقد لجأت الحكومة السعودية إلى أرامكو".

ويمكن أن يؤدي نجاح العملية إلى إنشاء نموذج لعمليات بيع أسهم أرامكو المستقبلية، والتي تبدو الآن محتملةن "حيث يسعى ولي العهد للحصول على سيولة للمساعدة في تمويل مشروعه لتحول الاقتصاد (بعيدا عن النفط) ضمن (رؤية 2030) والتي تبلغ قيمتها عدة تريليونات من الدولارات"، حسب "بلومبيرغ".

كواليس الصفقة

في عام 2019، شهد الاكتتاب العام الأولي لشركة أرامكو "صراعات مريرة بين البنوك الاستثمارية والمسؤولين السعوديين، الذين كانوا غاضبين لأن الاكتتاب العام حقق في النهاية تقييما بقيمة 1.7 تريليون دولار، وهو أقل بكثير من الهدف الذي كانوا يسعون إليه عند 2 تريليون دولار في ذلك الوقت".

لكن عملية بيع الأسهم هذا العام سارت بسلاسة أكبر بكثير من الطرح العام الأولي، وفق "بلومبيرغ"، حيث كان الطرح قيد الإعداد لسنوات، وتمكن المصرفيون من العمل معا بشكل أكثر تماسكا، مما سمح للصفقة بالسير قدما في الأشهر الأخيرة، حتى مع اندلاع الحرب في الشرق الأوسط والتي أدت إلى تقلبات كبيرة في أسعار النفط.

وذكرت "بلومبيرغ" أن أقرب مستشاري ولي العهد -بما في ذلك رئيس مجلس إدارة أرامكو ياسر الرميان- بدأوا قبل عامين في عقد اجتماعات سرية مع مصرفيين ومستثمرين ومستشارين لتحديد موعد بيع المزيد من أسهم عملاق النفط، الذي طالما اعتُبر أحد جواهر المملكة".

وأضافت: "توقعت وزارة المالية وجود فجوة تمويلية في المستقبل في إطار تمويل مشروعات رؤية ولي العهد، كما لم يكن الاستثمار الأجنبي المباشر يرقى إلى المستوى المأمول به من قبل السعودية.. أتاح التفكير في بيع حصة أخرى من أرامكو وسيلة جيدة لمساعدة الحكومة على جلب المزيد من السيولة".

طرح تاريخي واختبار لـ"إدمان النفط".. تهافت على أسهم أرامكو السعودية
جذبت عملية الطرح الثانوي لأسهم شركة النفط السعودية العملاقة أرامكو طلبات تزيد على الأسهم المعروضة للبيع خلال ساعات من بدء تلقي الطلبات، الأحد، في صفقة تاريخية يمكن أن تجمع ما يصل إلى 13.1 مليار دولار واختبارا مهم للإقبال العالمي على أصول المملكة.

وفي إطار ذلك، عرضت البنوك على لجنة حكومية، تضم الرميان، ووزير المالية محمد الجدعان، ووزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم، مجموعة متنوعة من الخيارات، بما في ذلك قيام صندوق الثروة السيادية، الذي يديره الرميان أيضا، ببيع جزء من حصته في أرامكو.

كما كان هناك اقتراح آخر للبيع المباشر إلى مستثمرين آخرين، لكن في النهاية، وفق الوكالة، تم الاستقرار على تقليص الحكومة لحصتها في عملاق النفط.

وبحلول نهاية العام الماضي، كانت اللجنة قد أعطت الضوء الأخضر للمضي قدما في الصفقة، ولم يتبق سوى مسألة تحديد الوقت المناسب، حسب "بلومبيرغ"، التي أشارت إلى أن "إحدى الخطوات الأولى كانت إعادة المستشار المالي الأسطوري مايكل كلاين، وكذلك مصرفيي شركة (مويليس وشركاه) كمستشارين"، حيث تمكنت كلتا الشركتين من الحفاظ على علاقاتهما مع الحكومة السعودية بعد العمل على الاكتتاب العام لشركة أرامكو.

موعد الطرح

وعلى عكس عملية الاكتتاب العام الأولي، كانت أسهم أرامكو تتداول بالفعل، مما يعني وجود رؤية واضحة حول كيفية قيام المستثمرين بتقييم الشركة، ونتيجة لذلك، كانت حدة التوتر أقل بكثير، وفقا للوكالة.

ومع ذلك، كان من الصعب تحديد الوقت المناسب للصفقة، حيث تم التخطيط لطرح محتمل في فبراير، قبل أن يتم التخلي عن ذلك بسبب مخاوف من التوترات السياسية في الشرق الأوسط، حسب الوكالة.

كما تم بحث إمكانية طرح الأسهم خلال أبريل، قبل التراجع عن ذلك أيضا بعد أن جاءت الضربات الجوية الإيرانية ضد إسرائيل، التي أدت إلى زيادة حدة التوترات مرة أخرى.

وقالت الوكالة: "رغم أن الأسواق تجاهلت كل هذا التوتر الجيوسياسي، ونادرا ما كان يتجاوز سعر برميل النفط 90 دولارا، فإن قلق المستثمرين تحوّل على ما يبدو من التهديد بتوسع نطاق الصراع في المنطقة، إلى ضعف الطلب".

ومع ذلك، طلبت الحكومة من أرامكو، حسب "بلومبيرغ"، إتمام الصفقة "قبل النصف الثاني من يونيو". وقد أطلقت أرامكو رسميا عملية بيع الأسهم في وقت متأخر من مساء يوم 30 مايو.

وقالت: "سرعان ما انطلق الرئيس التنفيذي للشركة والبنوك العاملة في الصفقة، حيث تحدثوا مع أكثر من 100 مستثمر في الفترة التي سبقت الإطلاق الرسمي للصفقة في 2 يونيو".

وأضافت: "قادهم الطرح إلى الوصول لأماكن بعيدة ومتنوعة، حيث تحدثوا إلى صناديق الثروة السيادية الإقليمية، وأكبر مديري الصناديق في جميع أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا".


إقرأ أيضا