آخر الأخبار

ميانمار: المقاتلون الشباب ينتصرون على جيش النظام الحاكم

شارك الخبر

يُحضر رجلان مكبري صوت ضخمين، إلى قمة التل الصخري. وعلى عمق نحو 800 متر، في بلدة هباسانج، تقع قاعدة عسكرية ميانمارية مترامية الأطراف.

إنه يوم حار للغاية - تصل درجة الحرارة لأكثر من 40 درجة مئوية - وعلى أعمدة الخيزران، يحمل المزيد من مقاتلي المقاومة الشباب مجموعة بطاريات كبيرة وثقيلة ومكبر صوت.

يقود التحرُك ناي ميو زين، وهو نقيب انشق عن الجيش بعد أن قضى 12 عاماً في الجيش، قبل أن ينضم إلى المقاومة.

ويأتي زين إلى هنا لحث الجنود الموجودين في القاعدة والموالين للجيش الحاكم في البلاد، على تبديل ولائهم، ومع سترته المموهة ذات اللون الأخضر الداكن المتدلية على كتف واحدة، يبدو وكأنه عيستعد لاعتلاء المسرح.

في عمق غابة في ولاية كاريني في شرق ميانمار، تواجه قوتان بعضهما البعض في قتال مستمر بطريقة أو بأخرى منذ عقود. لكن التقدم السريع الذي حققته المقاومة في الأشهر الأخيرة يشير إلى أنها قد تكون لها الأفضلية هذه المرة.

تقف الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا على مفترق طرق - فبعد عقود من الحكم العسكري والقمع الوحشي، أوصلت المجموعات العرقية بالتعاون مع جيش جديد من المتمردين الشباب، الدكتاتورية إلى نقطة الأزمة.

وفي الأشهر السبعة الماضية، سقط ما بين نصف إلى ثلثي مساحة البلاد في أيدي المقاومة. وقُتل عشرات الآلاف من الأشخاص، بما في ذلك العديد من الأطفال، منذ أن استولى الجيش على السلطة في انقلاب عام 2021. ونزح حوالي 2.5 مليون شخص، ويواجه الجيش تحدياً غير مسبوق لحكمه في محاولة لإحباط المقاومة المتنامية. ويقصف الجيش بانتظام المدنيين والمدارس والكنائس بطائراته الحربية (المقاومة التي ليس لديها أي شيء).

وقبل تشغيل معدات الصوت الخاصة بالضابط المنشق ناي ميو زين، أطلق الجيش النار على موقعه.

ومع إشارة من إصبعه وميكروفون في يده، يصيح غير متأثر: "يا جماعة، توقفوا عن إطلاق النار! توقفوا عن إطلاق النار، أرجوكم. فقط استمعوا لخمس دقائق، عشر دقائق". ومن الغريب حقاً أن يتوقف إطلاق النار.

ويخبرهم عن 4000 جندي استسلموا للمعارضة في ولاية شان الشمالية، ويبلغهم عن الهجمات الأخيرة بطائرات بدون طيار التي شنها المتمردون على المباني العسكرية في عاصمة البلاد نابيداو؛ ويضيف: "الرسالة هي أننا ننتصر، ونظامكم يسقط، وحان وقت الاستسلام".

هنا في هباسانغ وفي جميع أنحاء ولاية كاريني، وفي معظم أنحاء البلاد، اندلعت المعارك كاسرة حالات الجمود، إذ يهدد تمرد كبير حكم المجلس العسكري. لقد أنهى الانقلاب العسكري في عام 2021 الحكومة المدنية المنتخبة، ولا تزال زعيمتها أونغ سان سو تشي مسجونة، إلى جانب قادة سياسيين آخرين.

ومع ذلك فإن هذا الصراع لا يحظى بالتغطية الإعلامية الكافية ــ حيث ينصب قدر كبير من اهتمام العالم على أوكرانيا والصراع بين إسرائيل والفلسطينيين في غزة. لا توجد حرية صحافة، ونادراً ما يُسمح للصحفيين الأجانب بالدخول رسمياً، وعندما يدخلون يخضعون لرقابة شديدة. ولا سبيل لسماع الجانب المقاوم من هذه القصة خلال الزيارات المعتمدة من الحكومة.

سافرنا إلى ميانمار وأمضينا شهراً في شرق البلاد نعيش جنباً إلى جنب مع جماعات المقاومة التي تقاتل عبر ولاية كاريني، المتاخمة لتايلاند، وولاية شان، المتاخمة للصين.

سافرنا عبر مسارات الغابة والطرق الخلفية، إلى الخطوط الأمامية حيث تم عزل الجيش ومحاصرته لأسابيع، ويسيطر المقاتلون على أرض مرتفعة، كما هو الحال في هباسانغ. وفي مناطق أخرى، مثل موبي، إلى الشمال، تكبدت المعارضة خسائر فادحة أثناء محاولتها شن هجمات مباشرة عبر أراضٍ مليئة بالألغام. وهناك، وفي لويكاو، عاصمة الولاية، أصبحت قوة التمرد وحدوده واضحة للعيان.

وفي هباسانغ، كانت المقاومة تلعب لعبة الإنتظار، واثقة من أن لها اليد العليا. وما زال نحو 80 جندياً محاصرين داخل القاعدة منذ أكثر من شهر، ويعتقد أن نحو 100 آخرين قتلوا أو أصيبوا.

وعلى قمة التل، عبر مكبر الصوت الخاص به، يعرض ناي ميو زين قضية الاستسلام: "لقد حاصرناكم، ليس هناك احتمال لوصول طائرة هليكوبتر، هل تنتظرون دعم القوات البرية؟ لا لن تأتي، لديكم الوقت اليوم لتقرروا ما إذا كنتم ستتحولون إلى جانب الشعب أم لا.

يُخيم الصمت على القاعدة العسكرية بالأسفل.

يحثهم ناي ميو زين على التخلي عن مين أونغ هلاينغ، الجنرال المسؤول عن المجلس العسكري الحاكم.

"سوف يتم إنقاذ حياتكم بالتأكيد، هذا هو أكبر وعد يمكنني تقديمه. لذا، لا تكونو حمقى. هل تفضلون حماية ثروة الطاغية مين أونج هلاينج حتى أنفاسكم الأخيرة؟ والآن، أنا في انتظار الترحيب بكم".

تمر لحظات، ولا يُسمع سوى صوت الذباب يطن على قمة التل، حيث ربما تفكر قوات المجلس العسكري في الرد. إنه ليس قراراً سهلاً، فإذا استسلموا وعادوا إلى المناطق التي يسيطر عليها الجيش، فمن المحتمل أن يُحكم عليهم بالإعدام.

إجابتهم تأتي بصوت عال. "نهائياً". أطلقوا النار مرة أخرى على المكان الصخري الذي يتحصن به المتمردون ويبدأون في الاختباء، لن يكون هناك استسلام اليوم.

يواصل ناي ميو زين البث بصرف النظر عن ما يحدث. ومن جانبه، عبر الراديو، تبنى قائد عملية الاستيلاء على القاعدة نهجاً مختلفاً، إذ يتبادل معهم الشتائم على نفس الوتيرة.

في هجمة من الافتراءات، يتهمهم بأنهم كلاب حراسة مين أونغ هلاينغ، وأنهم غير مخلصين لبلدهم.

ويرد الجنود بإهانات خاصة بهم. ومع انقطاع الإمدادات من الرجال والغذاء، ظلوا ثابتين على موقفهم، راسخين في إيمانهم بأن من حق المؤسسة العسكرية أن تحكم البلاد.

إن الفجوة الأيديولوجية بين الجانبين لا يمكن حصرها.

ويستمر نهج العصا والجزرة لمدة 30 دقيقة أخرى أو نحو ذلك، قبل أن ينسحب المقاومون.

في مناشدته الحماسية للاستسلام، أبلغ ناي ميو زين عن غير قصد عن موقع الرجال قائلاً: "أنا على بعد 400 ياردة بجانب مكبرات الصوت"، وهم قلقون بشأن هجوم مدفعي أو هاون، وفي وقت لاحق من ذلك المساء، تعرض التل لضربة مباشرة دون وقوع إصابات.

نام ري يبلغ من العمر 22 عامًا لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك الخبر

إقرأ أيضا