أطلقت السلطات في الجزائر، رفقة ناشطين ومبتكرين، حملة لاسترجاع الجلود في عيد الأضحى، للتوعية بقيمتها الاقتصادية كمادة أولية تُستخدم في الصناعة، ولجمعها على مستوى الأحياء بالاستعانة بتطبيقات ذكيّة تسهل الوصول إليها.
وكان الجزائريون في وقت سابق يستخدمون جلود أضاحي العيد كزرابي وأفرشة وكديكور يُزين المنازل، وهذا بعد تمليحها وغسلها وتنشيفها، حيث كان الجلد قطعة هامة من الأضحية لا يُستغنى عنها.
لكن هذه العادة زالت شيئا فشيئا مع الوقت، حيث استبدلت الديكورات القديمة بأخرى عصرية لا مكانة لجلود الأضاحي فيها، ما أدى إلى تفشي ظاهرة التخلص من تلك الجلود بشكل عشوائي عشية عيد الأضحى من كل سنة.
غير أنَّ مختصين طالبوا بضرورة الاستفادة من قيمتها الاقتصادية، من خلال جمعها بشكل منظم، وتوجيهها إلى المصانع المختصة بصناعة الجلود والألبسة، خاصة أنَّ عدد الأضاحي التي تُنحر بهذه المناسبة من كل سنة، هو 4 ملايين رأس، ما يعني حجما كبيرا من الجلود.
وعليه، أعلنت وزارة الصناعة الجزائرية قبل أيام عن إطلاق تطبيقين رقميين ذكيين لتسهيل عملية جمع جلود الأضاحي، من خلال تحديد مواقع التجميع وتسهيل التبرع بها، حيث توفر التطبيقات الجديدة حلقة وصل مباشرة وفعالة بين المواطن والمجمعين المعتمدين.
وفي السياق، أوضحت المفتشة البيطرية، ممثلة الشركة القابضة لصناعة النسيج والجلود "جيتاكس" هدى جعفري، في تصريح لـ"العربية.نت"، أن "وزارة الصناعة والمناجم الجزائرية، تشرف رفقة وزارات وهيئات أخرى، منها وزارات: الفلاحة، البيئة، الشؤون الدينية، التجارة، الداخلية وغيرها، على الحملة الوطنية لجمع جلود أضاحي العيد، تحت شعار "نضحي، نسلخ، نملح ونساهم بهيدورة تصلح".
كما أضافت المتحدثة أن "هذه الحملة تنطلق بداية من توعية المواطنين بضرورة توضيب وتحضير جلد الأُضحية لكي يكون صالحا للاسترجاع، حيث تم إرسال تقنيين للتوعية حول الطريقة الأمثل للسلخ".
وأشارت إلى أنه "يجب ألا يبلل الجلد بالماء، ويتم تمليحه ولا يوضع في أكياس سوداء، لأن هذه الأخيرة تشكل رطوبة على الجلود".
كما يجب أن توضع تلك الجلود في الحي الذي يسكنه صاحبها حتى يتم استرجاعها من قبل الهيئة المختصة.
أما عن الأرقام المتوفرة، فأضافت ممثلة الشركة العمومية الاقتصادية قائلة: "حسب أرقام وزارة الفلاحة فإن عدد الأضاحي بلغ 4 ملايين أضحية سنة 2023، أما نسبة الجلود المسترجعة فقد قفزت من 2 بالمائة سنة 2018، إلى 29 بالمائة سنة 2024، ونهدف إلى استرجاع 40 بالمائة السنة الجارية، خاصة أن السنة الماضية تم استرجاع 500 ألف جلد صالح".
ومن بين الإجراءات المنتظر أن تساهم في تسهيل عملية الجمع، لفتت هدى إلى وجود "تطبيقين ذكيين، الأول اسمه مريغل هيدورة، والذي يعرف من خلاله المواطن عبر نقرة زر جميع الأماكن المخصصة لجمع الجلود، في حين أطلق تطبيق آخر يسمى مستفيد، والذي يمكن المواطن من توجيه الهيئة الجامعة إلى المكان الذي وضع فيه الجلد".
أما عن أهمية الجلود المسترجعة، فقالت "يتم استعمال هذه الجلود والصوف في التصنيع من قبل شركة "جيتاكس"، في الألبسة أو حتى لتصنيع الأسمدة العضوية، خاصة أن هناك مشروعا مصنعا للأسمدة يرتقب افتتاحه بالشراكة مع شريك إيطالي هذه السنة".
ومن بين التطبيقات التي ستتم الاستعانة بها، تطبيق مستفيد، حيث أوضح مسيره إسماعيل كحلوش لـ"العربية.نت" أن العديد من العائلات الجزائرية أصبحت تتخلى عن جلود الأضاحي ولا تستعملها رغم أنها ثروة هامة وكبيرة، فعدم استغلالها جيدا يؤدي الى خسارة قيمتها وتأثير سلبي على البيئة.
كما أضاف أن "العدد الكبير من الجلود التي ترمى لا يتم تنظيمها إلا برقمنة العملية بشكل سريع وآني، حيث إن تطبيق مستفيد منصة رقمية تجمع بين ثلاثة أطراف: الأوَّل وهم المستخدمون من الأفراد، المؤسسات، البيوت، الأسر، أصحاب المحلات، الإدارات وغيرهم، أما الطرف الثاني فهم المحترفون، المشرفون عن نقل النفايات أو تحويل النفايات ورسكلتها".
ولفت إلى أن دور "مستفيد"، في هذا الإطار "يربط بين هذه الأطراف والتنسيق فيما بينها، حيث إن أي متبرع بالجلد يمكنه التسجيل في التطبيق، على أن تتنقل الهيئات المختصة في أول أو ثاني يوم على الأكثر من أجل جمعها".
يشار إلى أن شركة "جيتاكس" كانت تعمل في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، تحت اسم شركتين هما: سونيتاك وسونيتاكس، قبل أن تفلسا بعد تبني الجزائر سياسة اقتصاد السوق، حيث صارت المواد المستوردة أرخص من تلك المحلية، قبل أن يتم إعادة بعث المجمع تحت تسمية "جيتاكس" بداية من سنة 2015 والذي ينتظر أن يفتتح 5 مصانع قبل نهاية السنة الجارية، و10 أخرى السنة المقبلة.