عبد الحميد حمدي مهندس يعمل في محافظة سوهاج في صعيد مصر، بالتحديد داخل سكة حديد الوجه القبلي، ينتظر مولوده الأول.
لكن القدر يفاجئه هو وزوجته، بعد أن وضعت توأما من الذكور، وهو ما لم يتوقعه أحد في المنزل، ليحين بعدها وقت اختيار الاسم للثنائي.
فقررت الأم أن تطلق على ابنها الأول اسم "عبد الرحمن"، وحينما سألها الأب عن اسم الابن الثاني، ظلت تفكر ليفاجئها هو قائلا "سنسميه محمد عماد الدين".
لتبدأ رحلة عماد حمدي، أحد أهم نجوم التمثيل في مصر والوطن العربي، أول من أطلق عليه لقب "الفتى الأول" للشاشة الصغيرة، والذي روى قصته في مذكراته التي كتبتها الكاتبة إيريس نظمي واطلعت عليها "العربية.نت".
عماد حمدي منح قراء مذكراته جانبا إنسانيا هاما بحديثه عن توأمه "عبد الرحمن"، حيث كان الرابط بينهما غريبا، وامتد لسنوات طويلة، حيث دخل عماد حمدي في حالة اكتئاب بعد رحيل شقيقه، ولم تنته تلك الحالة سوى بوفاته.
وروى الفنان الراحل كواليس علاقته بتوأمه، حيث كانت والدته تختار لهما ملابس الفتيات لارتدائها في مرحلة الطفولة، حيث كانت تخشى عليهما من الحسد، وكان الجميع يعتقد أنهما فتاتان.
وأكد عماد حمدي أن المحيطين بهما كانوا يعتبرونه هو وتوأمه ظاهرة غريبة تستحق الاهتمام، حيث كانا معا في نفس السنة الدراسية، وينجحان معا، أو يرسبان معا.
والمفارقة تمثلت في حصولهما على نفس الترتيب الدراسي، فحينما كان عبد الرحمن يحصل على الترتيب الثاني، يحصل عماد على الترتيب الثاني مكرر أو الثالث، وهكذا ظل الأمر يتكرر لسنوات، كما اتفقا في حب الرياضة، وكان كل واحد منهما قائدا لفريق داخل المدرسة.
التوأم كان متشابها بشكل متطابق، فقط بعض الكيلوجرامات كانت تفرق بين عبد الرحمن وعماد، لدرجة كانت تدفع والدهما لعدم التفريق بينهما كثيرا.
حتى إن الوالد في بعض الأحيان كان يرغب في معاقبة عبد الرحمن بالضرب، لكن لسوء حظ عماد يظهر في تلك اللحظة، فيتلقى الضرب بدلا من توأمه.
الثنائي كانا يرغبان في الالتحاق بمدرسة الطب العليا، لكن الوالد رفض بسبب مصاريف المدرسة الباهظة، واختار لهما مدرسة التجارة العليا، لأنها الأقل في المصاريف.
ويروي عماد حمدي موقفا حدث مع مدرس إنجليزي، اشتهر بعصبيته وتصرفاته الحادة، وكان من المفترض أن يخضع التوأم للاختبار الشفهي.
فدخل عبد الرحمن أولا وانتهى من اختباره، وبعده بـ 15 دقيقة حان موعد عماد، لكن المدرس نظر إليه بدهشه، وأخبره أنه رآه مسبقا، واتهمه بعدها بكونه جاء للاختبار مرة ثانية بدلا من طالب آخر، وأخذ يتوعده.
ولم يصدق المدرس ما قاله عماد أن لديه توأم في المدرسة، ليخرج عماد على الفور، ويبحث عن توأمه ويأتي به إلى المدرس الذي نظر إليهما مشدوها، وابتلع بعدها غيظه.
حتى أن عماد حمدي في إحدى المرات، كان يبحث عن صورة من أجل وضعها في كارنيه مدرسة التجارة العليا، ولم يجد صورة مناسبة له، فحصل على صورة شقيقه ووضعها بدلا منه، ولم يلاحظ أحد الأمر.
هكذا اجتمع الثنائي معا، وفرق بينهما التمثيل، الذي شارك عبد الرحمن فيه في البداية، لكنه قرر ألا يستمر ويسلك طريقا آخر، ورغم بعد المسافات بين الثنائي.
ظل عماد حمدي يرتبط ارتباطا غريبا وثيقا بتوأمه، وفي سنواته الأخيرة قبل الرحيل، فرح كثيرا بعودة أخيه من الخارج، وكانا يجتمعان معا لفترات طويلة، حيث كان عبد الرحمن يعاني من أزمات أسرية، فكان يستغل الأمر للجلوس مع شقيقه.
وحينما توفي عبد الرحمن، دخل عماد حمدي في حالة اكتئاب طويلة، فشل الجميع في إخراجه منها، وظل ينشد الموت حتى رحل عن عالمنا.