في كرة القدم هناك دوما قصص لا تروى فقط بالأهداف أو الألقاب، بل بالدموع والأمل والانهيار في أوج المجد.
قصة دي لاريد هي واحدة من هذه القصص النادرة، وتتعلق بلاعب ظن الجميع أنه في طريقه ليكون من أعظم نجوم جيله، قبل أن تخونه الحياة في لحظة خاطفة وتضع حدا لمسيرة كانت تبشر بالكثير.
ولد روبن دي لاريد عام 1985 في العاصمة الإسبانية مدريد وتدرج في أكاديمية ريال مدريد، وخرج منها كلاعب وسط متكامل، وكانت بداياته تبشر بمستقبل مشرق، لكنه احتاج إلى بيئة تمنحه المساحة للتألق، فكان الانتقال إلى خيتافي في موسم 2007-2008 نقطة التحول الكبرى.
مع خيتافي وتحت قيادة مايكل لاودروب تحول دي لاريد إلى أحد أفضل لاعبي الوسط في الدوري الإسباني، إذ سجل 9 أهداف وصنع 4 وأصبح القلب النابض للفريق، وفي تلك الفترة لم يكن أحد يشك في أنه سيكون لاعبا محوريا في مستقبل الكرة الإسبانية.
أما على الصعيد الدولي فقد استدعاه المدرب لويس أراغونيس إلى تشكيلة منتخب إسبانيا في يورو 2008 رغم وجود أسماء لامعة مثل تشافي وإنييستا وفابريغاس وألونسو، وقد سجل بالفعل هدفا رائعا أمام اليونان.
وبدا أن مستقبل دي لاريد سيكون مرصعا بالألقاب، خاصة مع عودته إلى ريال مدريد في الصيف نفسه وتحقيقه لقب كأس السوبر الإسباني بهدف لا ينسى ضد فالنسيا من مسافة بعيدة.
وتحت قيادة المدرب الألماني بيرند شوستر بدأ دي لاريد يفرض نفسه مستغلا غياب غوتي وشنايدر بسبب الإصابات، إذ لعب أدوارا متعددة في خط الوسط وسجل أهدافا وصنع أخرى وترك انطباعا قويا في كل مباراة كان يشارك فيها.
ومع مرور الوقت بدأت أندية كبرى -أبرزها أرسنال- تسعى إلى ضم اللاعب المتألق، لكنه اختار البقاء في الفريق الملكي.
وردا على تلك العروض قال دي لاريد بكل ثقة "قلبي مع ريال مدريد"، وكان مستعدا للقتال من أجل قميصه الأبيض.
لكن في لحظة واحدة تغيّر كل شيء، ففي 30 أكتوبر/تشرين الأول 2008 وخلال مباراة في كأس الملك سقط دي لاريد فجأة على أرض الملعب.
لم تكن إصابة في الركبة أو التواء كاحل، بل كان الأمر أخطر من ذلك بكثير، انهيار مفاجئ، نظرة فارغة، صدمة على وجوه زملائه، وقلق أصاب كل من شاهده.
ورغم استعادته الوعي لاحقا فإن الفحوصات الطبية كشفت عن مشكلة غامضة في القلب، وأمضى دي لاريد العامين التاليين متنقلا بين الأطباء محاولا إيجاد إجابة أو أملا في العودة، لكن الإجابة كانت صادمة: لا يمكنه الاستمرار لاعبا محترفا.
في عمر 25 أعلن دي لاريد الاعتزال، ولم يكن بكاؤه في المؤتمر الصحفي فقط على نهاية مسيرته، بل على كل اللحظات التي كان من الممكن أن يعيشها ولم يُتح له ذلك.
كان دي لاريد يحلم بالمشاركة في كأس العالم 2010 ويورو 2012، والتوقعات تشير إلى قدرته على التألق لـ10 سنوات على الأقل، لكن كل ذلك انهار في اللحظة التي أعلن فيها اعتزاله.
ديلاريد (لحظة إعتزاله كرة القدم) : قد أعاني من مشاكل في القلب ، لكن قلبي مازال ينبض حباً لريال مدريد. pic.twitter.com/m32AQK08O1
— شبكة RM4Arab (@RM4Arab) June 5, 2015
ورغم كل شيء فإنه لم يغضب ولم ينهزم، وقال وقتها "اضطررت للاعتزال بسبب مشكلة في قلبي، لكن قلبي لا يزال ينبض لريال مدريد، أريد أن أبدأ بدعم جميع الرياضيين الذين عانوا مثلي، والذين تبددت أحلامهم قبل الأوان أنصحهم بالتطلع إلى المستقبل كما أفعل".