كشف تحقيق استقصائي عن تحوّل مواقع مدنية في جنوب قطاع غزة، من بينها مطعم بحري على شارع المواصي في خان يونس، إلى نقاط انطلاق لرحلات خروج فلسطينيين من القطاع، ضمن آليات منظمة تعتمد على وسطاء رقميين وشبكات لوجستية عابرة للحدود.
وبحسب التحقيق، يتلقى فلسطينيون رسائل عبر تطبيق واتس آب من جهات تدّعي تقديم مساعدات إنسانية أو فرص خروج آمن من الحرب، مقابل مبالغ مالية كبيرة. ويُعرض على الراغبين مغادرة القطاع دون توقيع تعهدات رسمية بعدم العودة، في إطار ما يُقدَّم على أنه “خروج طوعي”، بينما تشير المعطيات إلى تنظيم محكم تقوده جهات إسرائيلية رسمية عبر ما يُعرف بـ“مديرية الهجرة الطوعية” التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية
التحقيق يبيّن أن العملية لا تبدأ ميدانيًا، بل رقميًا، من خلال إعلانات ومواقع إلكترونية تحمل أسماء ذات طابع إنساني أوروبي، تبيّن لاحقًا أن كثيرًا منها مسجّل حديثًا ويعتمد على عناوين وهمية وصور مولّدة أو مسروقة. كما أظهرت البيانات أن بعض الكيانات المسجّلة في أوروبا، ومنها شركات صغيرة في إستونيا، لعبت دورًا مركزيًا في تنسيق استئجار الطائرات وتنظيم الرحلات، رغم غياب نشاط تجاري فعلي لها.
وتشير التفاصيل إلى أن المغادرين يُنقلون عبر معبر كرم أبو سالم، ثم إلى مطار رامون، قبل ترحيلهم على متن طائرات مستأجرة إلى دول مختلفة، بينها المجر وكينيا وجنوب أفريقيا. وفي بعض الحالات، وصل ركاب دون وثائق إقامة واضحة، ما أثار تساؤلات رسمية في دول الاستقبال وفتح تحقيقات محلية.
ويقدّر التحقيق أن الفلسطينيين دفعوا ما بين 2000 و6000 دولار للفرد، غالبًا من مدخراتهم أو عبر بيع ممتلكاتهم، لتتحول العملية إلى نشاط اقتصادي واسع النطاق، تديره شركات واجهة وتُحوَّل عائداته عبر مسارات مالية معقدة، بما في ذلك العملات الرقمية.
ويخلص التحقيق إلى أن هذه الآليات تمثل نمطًا جديدًا من التهجير غير المباشر، يعتمد على أدوات رقمية وواجهات إنسانية، ويجري تنفيذه دون إعلان رسمي مباشر، في سياق سياسات تهدف إلى تقليص الوجود السكاني الفلسطيني في قطاع غزة، تحت مسمى “الخروج الطوعي”
المصدر:
بكرا