خطة "التحول الثقافي الشامل" لمكافحة أزمة العنف في أوساط الشباب تتطرق الى 5 محاور أهمها الدور السياسي المنهجي والتربوي القيمي والمجتمعي
د. عزام تنسب تفاقم ظاهرة العنف الى التغيرات العميقة التي شهدها المجتمع العربي، بما في ذلك الانتقال من مجتمع تقليدي إلى مجتمع حديث ومتفكك مما أضعف الإطار الجماعي والمسؤولية المتبادلة، وبروز أنماط من الفردية وفقدان سلطة الأب والمعلم والمدير
في مواجهة التصاعد الخطير لحوادث العنف، التي وصلت في الآونة الأخيرة إلى حد العنف والقتل داخل المؤسسات التعليمية وفي أوساط الشبيبة دون سن الـ 18، أعلن حزب "معًا ننجح" - قائمة عربية يهودية مشتركة عن خطة عمل شاملة وممنهجة تهدف إلى معالجة هذه الظاهرة من جذورها الثقافية والتربوية والاجتماعية. وتأتي هذه الخطة استناداً إلى تحليل معمق قدمته الناشطة في الحزب، د. منى عزام المتخصصة في التربية والتعليم، والذي يؤكد أن العنف في المدارس العربية يعكس أزمة اجتماعية وثقافية وتربوية أوسع، ولا ينبع فقط من سلوك الطالب الفردي.
وقالت د. عزام في هذا السياق ان الأزمة هي مزيج من أزمة ثقافية (تقويض سلطة الكبار والقيم)، فشل تعليمي (نقص في البنية التحتية العاطفية وأنظمة الدعم)، وتأثيرات اجتماعية خارجية (تعدد الأسلحة، والفقر، والشعور بالإقصاء). وتتفاقم هذه الظاهرة وفق د. عزام بسبب التغيرات العميقة التي شهدها المجتمع العربي، بما في ذلك الانتقال من مجتمع تقليدي إلى مجتمع حديث ومتفكك أضعف الإطار الجماعي والمسؤولية المتبادلة، وبروز أنماط من الفردية وفقدان سلطة الأب والمعلم والمدير. كما يساهم في ذلك تراجع ثقافة الحوار في المنزل، والضغوط الاقتصادية التي تزيد من القلق والإحباط الذي ينقله الطفل إلى النظام المدرسي، والتعرض المستمر لثقافة العنف عبر وسائل الإعلام الرقمية التي تقدمه كوسيلة مشروعة لتحقيق السلطة أو "الحفاظ على الشرف" في الثقافة الذكورية الأبوية.
ولمعالجة هذه الظاهرة، طرحت د. عزام خطة عمل قائمة على خمسة أدوار محورية تهدف إلى إحداث تغيير ثقافي، تربوي واجتماعي شامل:
الدور السياسي المنهجي (وضع سياسة تعليمية اجتماعية) بحيث يتعهد الحزب بالعمل على تغيير سياسة الدولة بدمج العوامل المجتمعية والثقافية في السياسة التعليمية. ويشمل ذلك تخصيص موارد فريدة لتعزيز معايير المرشدين النفسيين، المستشارين والاخصائيين النفسيين والمراكز المجتمعية في المدارس العربية، وتشريع ورصد ميزانيات لبرامج التربية العاطفية والوساطة، وتعزيز سياسة عدم التسامح المطلق مع العنف، مع التركيز على العلاج والدعم وإعادة التأهيل وليس العقاب فقط.
الدور التربوي القيمي (تعزيز برامج الوقاية وثقافة الحوار): سيعمل الحزب على إطلاق برامج تعليمية تركز على الوساطة وحل النزاعات والتواصل المسالم واللاعنفي. وتعتبر هذه البرامج ضرورية لسد غياب ثقافة العاطفية في النظام التعليمي، الذي ينقصه التربية العاطفية منذ الصغر لتعلم مفاهيم مثل الغضب والإحباط. كما سيعمل على إنشاء منظومة مدارس "محبة للسلام" تكون نموذجاً للتربية الحوارية والمجتمعية.
الدور المجتمعي (بناء جسور التواصل): لمعالجة انعدام التواصل بين المدرسة والمجتمع، سيعمل الحزب على بناء تعاون دائم بين المدارس وأولياء الأمور والجمعيات، مع تعزيز مشاركة أولياء الأمور عبر ورش عمل حول التربية العاطفية ووضع الحدود. ويسعى الحزب لإنشاء منتديات مجتمعية لمنع العنف، والمساهمة في استعادة قيمة "كلنا مسؤولون عن أطفالنا" في المجتمع.
الدور الثقافي الواعي (تغيير الخطاب العام): سيقوم الحزب بطرح قضية العنف في الخطاب العام والإعلامي كمسألة عدالة اجتماعية وتربوية، وليس مجرد مسألة أمنية. ويهدف هذا الدور إلى تشجيع الشعور بالمسؤولية الجماعية وتعزيز ثقافة المصالحة والحوار كجزء من الهوية الثقافية العربية المتجددة.
الدور العملي (الاستجابة والتدخل): على الصعيد العملي، سيبادر الحزب بـ إنشاء مراكز استجابة سريعة في بؤر العنف المجتمعي حول المدارس، وتطوير برنامج وطني للرصد المبكر لحالات العنف، مع تعزيز التعاون الآمن وغير المُهدد مع شرطة إسرائيل.
إن المنظومة التربوية العربية لا ينقصها "برامج" فحسب، بل "ثقافة تعليمية جديدة" تركز على التواصل، والحوار، والوساطة، واللغة العاطفية، والعدالة التصالحية التي تهدف إلى إصلاح العلاقات وترميم الروابط الاجتماعية المكسورة، وليس العقاب فقط. بهذا، يحوّل حزب "معًا ننجح" - قائمة عربية يهودية مشتركة مكافحة العنف من نضال محلي إلى تغيير ثقافي واجتماعي شامل يبدأ في المدرسة ويمتد إلى المجتمع بأكمله.
المصدر:
وازكام