تبدو أحداث المنطقة في هذه المرحلة كما لو أنها تسير فوق خيطٍ رفيعٍ بين الهدوء والانفجار. فالمشهد الإقليمي بأكمله يزداد سخونة يوماً بعد يوم، مع تصاعد اللهجة الخطابية المتبادلة، وتنامي الحشود العسكرية على أكثر من جبهة، وكأن الجميع يتهيأ لاحتمال لا يريد الاعتراف به علنًا، لكنه يلوح في الأفق بوضوحٍ متزايد.
"الجبهة الشمالية.. الترقب المجهول"
الحدود الشمالية لإسرائيل تشهد تصعيدًا متدرجًا منذ أسابيع، بين تهديدات حزب الله وردود الجيش الإسرائيلي، في وقتٍ تتكاثر فيه المناوشات اليومية بالقذائف والطائرات المسيّرة. الخطاب بين الجانبين بات أكثر حدّة، يحمل في طيّاته نُذر مواجهةٍ مفتوحة قد تخرج عن نطاق السيطرة في أي لحظة.
ومع كل جولةٍ من التصعيد، تتضح هشاشة التفاهمات غير المعلنة، ويتّسع نطاق القلق الشعبي داخل إسرائيل ولبنان على حدٍّ سواء، خشية أن تتحوّل “حرب الرسائل” إلى حربٍ شاملةٍ لا يريدها أحد، لكنها قد تفرض نفسها من بوابة خطأٍ في التقدير أو استفزازٍ ميداني.
"غزة.. هدوء مشحون بالتوتر"
في الجنوب، يستمر ما يُعرف بـ “الهدوء القلق” على جبهة غزة، بينما تتواصل الضغوط السياسية والعسكرية. فوقف إطلاق النار المؤقت لم يتحوّل إلى تهدئةٍ دائمة، بل إلى حالة من الترقب المشحون بالتوتر، إذ تلوّح إسرائيل بعملياتٍ محدودةٍ متى شاءت، وتردّ الفصائل ببياناتٍ وتحذيراتٍ متبادلة.
هذا المشهد يوحي بأن السلام لا يزال بعيد المنال، وأن الأزمة الإنسانية في غزة تبقى الجرح النازف في خاصرة المنطقة، وسط غياب رؤيةٍ سياسيةٍ واضحة تضمن الاستقرار أو إعادة الإعمار الحقيقي.
"اقتصادٌ متردٍّ ومجتمعٌ قلق"
الداخل الإسرائيلي يرزح تحت أعباء اقتصادية ثقيلة؛ ارتفاعٌ في الأسعار، وتراجعٌ في القدرة الشرائية، وتوتّرٌ متصاعد بين اليهود والعرب في ظل شعورٍ عامٍّ بانعدام الأمان واليقين. هذا الواقع الاجتماعي المتشابك يُفاقم منسوب القلق الجمعي ويضعف ثقة المواطنين بمؤسساتهم، في وقتٍ تبدو فيه القيادة منشغلة أكثر بإدارة الأزمات الأمنية من معالجة التحديات المعيشية المتراكمة.
"القوى الكبرى.. خطاب ناري ومصالح متقاطعة"
أما على الساحة الدولية، فالصراع بين الولايات المتحدة وروسيا يضيف بُعدًا أكثر تعقيدًا للأزمة. التصريحات الأمريكية الأخيرة تحمل لهجة تحذيرية شديدة تجاه إيران وحلفائها، بينما تواصل موسكو التنديد بما تصفه بـ “الازدواجية الغربية” في التعاطي مع القضايا الإقليمية.
وفي المقابل، تتحرك طهران بثقةٍ متزايدة، مستفيدةً من انشغال العالم بأزماتٍ أخرى، لتعزيز حضورها الإقليمي سياسيًا وعسكريًا، مما يجعلها جزءًا أساسيًا من أي معادلة قادمة في المنطقة.
"ختامًا.. بين التهدئة والانفجار"
كل المؤشرات تشير إلى أن المنطقة تسير على حافةٍ دقيقة من التوازن الهشّ، حيث الهدوء الظاهري يخفي تحت سطحه بركانًا من الغضب والاستعدادات. أي خطأٍ في الحسابات، أو تصعيدٍ غير محسوب، قد يفتح الباب أمام مواجهةٍ واسعةٍ تتجاوز حدود الدول والجبهات.
المنطقة اليوم لا تحتاج مزيدًا من الخطابات المتشنجة، بل إلى مبادراتٍ واقعية تُعيد البوصلة إلى مسارها السياسي والعقلاني، قبل أن يتحوّل الاحتقان إلى نارٍ تلتهم الجميع..
اللهم أني كتبت وقرأت واسنتجت وحللت..وأن كنت على خطأ فصححوني..
المصدر:
كل العرب