آخر الأخبار

كهانا وزبانيته: خطر التطرف في إسرائيل

شارك

مئير كاهانا كان حاخاماً أميركياً إسرائيلياً دعا إلى رؤية ثيوقراطية إثنو-قومية لإسرائيل. في نظره، لا يمكن للدولة أن تكون “يهودية” وديمقراطية في الوقت نفسه؛ فالمساواة المدنية بين المواطنين تعني، بحسب منطقه، محو الطابع اليهودي للدولة. لذلك طالب بأن تُحكم إسرائيل وفق الشريعة اليهودية (الهلاخاه)، وأن تُقام على أساس تفوق اليهود الدائم وفصلهم عن العرب.

في كتابه They Must Go، دعا كاهانا إلى ترحيل جماعي للفلسطينيين والعرب من إسرائيل والأراضي المحتلة، سواء “طوعاً” أو بالقوة. اقترح سحب الجنسية ممن يرفضون الخضوع لفكرة التفوق اليهودي، وفرض اختبارات ولاء، وسن قوانين للفصل بين اليهود والعرب في الحياة اليومية، بما في ذلك حظر الزواج المختلط والعلاقات الحميمة. من خلال “رابطة الدفاع اليهودية” وحركة “كاخ”، شرعن العنف كأداة سياسية، ومجّد المواجهة، واعتبر الترهيب شكلاً من أشكال “الدفاع عن النفس”.

لم يكن هذا مجرد خطاب متطرف؛ بل اعتبرته السلطات الإسرائيلية والسلك القضائي آنذاك عنصرية صريحة. بعد فترة قصيرة في الكنيست في الثمانينيات، تم حظر حركة “كاخ” بموجب القانون الأساسي المعدّل بسبب العنصرية. لاحقاً، صنّفت الولايات المتحدة وحكومات أخرى “كاخ” و”كهانا حي” كمنظمات إرهابية. جوهر مشروع كاهانا، إذا نُزع عنه غلاف التدين، هو مشروع إثنو-قومي ثيوقراطي، يقوم على الفصل والسلطوية، ويقوّض أي نظام يسعى إلى المواطنة المتساوية تحت القانون.

ما كان يُعتبر في الماضي خارجاً عن القانون تسلل اليوم إلى قلب السياسة الإسرائيلية. تصريح نائب رئيس الكنيست عن حزب الليكود، نيسيم فاتوري، بأن “كاهانا لم يكن إرهابياً، وكاهانا كان على حق”، يكشف مدى تغلغل الفكر الكهاني في الحزب الحاكم. هذا ليس مجرد رأي فردي؛ بل إشارة إلى أن الكهانية لم تعد هامشية، بل باتت جزءاً من التيار المركزي في الليكود تحت قيادة بنيامين نتنياهو.

الديمقراطية لا يمكن أن تتعايش مع مشروع كهاني يقوم على التفوق العرقي، الفصل العنصري، وإلغاء المساواة. قبول هذه الأفكار يعني السير نحو دولة سلطوية دستورية، تُقصي مليوني مواطن، وتحوّلهم إلى غرباء في وطنهم. إن مواجهة الكهانية ليست خياراً سياسياً فحسب، بل واجب أخلاقي بحت.

إن مواجهة التطرف ليست معركة سياسية فقط، بل معركة على روح المجتمع نفسه. الكهانية مشروع إقصائي يجب أن يُرفض بوضوح، والديمقراطية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن تفرض نفسها.

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا