في مثل هعذا اليوم، في الحادي عشر من شهر نوفمبر عام 2004 (توفي؟!) الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مستشفى بيرسي العسكري في العاصمة الفرنسية باريس. ولا يزال سبب وفاته نقطة جدل، لأن البعض من القادة الفلسطينيين يرى أن سبب الوفاة، ليس "تليّف في الكبد" كما ذكرت تقارير المستشفى الفرنسي، بل السبب الحقيقي، هو تعرض عرفات للسم، بمعنى أنه مات مسموما. ومهما تعددت الأسباب والروايات عن سبب غيابه (قتلاً أم وفاة) فالرجل غادر الحياة. رحل عرفات صاحب الألقاب المتعددة، الذي عرفته عن قرب، والتقيته في عواصم عربية وأوروبية.
قالوا في تصنيف قادة منظمة التحرير ان ياسر عرفات هو الرجل الأول، وأبو أياد هو الرجل الثاني وأبو كتب في العام 1993 كتبت مقالاً قلت فيه: ان التصنيف الحقيقي لقادة منظمة التحرير هو: ياسر عرفات الرجل الأول وأبو عمار هو الرجل الثاني والختيار هو الرجل الثالث.
في كتابه " سورية: سقوط العائلة..عودة الوطن" يروي الصديق الزميل حسن صبرا، ان سيد عطا الله مهاجراني وهو نائب رئيس جمهورية أسبق و وزير ثقافة وارشاد أسبق أيضا في إيران، كتب في جريدة "الشرق الأوسط" في 5/3/2012: "كنت في الهند لحضور جنازة راجيف غاندي، حينما التقيت بياسر عرفات واقمنا في فندق قصر تاج محل. سألني عرفات عن رأيي فيه. كان هذا سؤالاً عويصاً بالنسبة لي، فأجبته: كأخ اصغر، في رأيي انك أذكى تلميذ للشيطان".
وعلى ذمة المحلل "عوفر اديرت" الكاتب في صحيفة "هآرتس" فإن، وزير الخارجية الاسبق شمعون بيريز، قال عن عرفات "نحن نتعامل مع ثعلب". بدون شك، مهما قيل من أوصاف بياسر عرفات، ثعلباً كان أم تلميذ شيطان، فإنه عرفات الذي بقي في قيادة منظمة التحرير 35 سنة (1969/2004 وهو السياسي الفلسطيني الذي عرف كيف يتعامل مع هكذا أنظمة عربية.
هذا الرئيس الفلسطيني، الذي أعلن عن دولة فلسطينية من الجزائر في شهر نوفمبر عام 1988 وآمن بالكفاح المسلح، هو نفسه عرفات، الذي أعلن في التاسع من سبتمبر عام 1993 الاعتراف بـ "إسرائيل." فقد بعث برسالة الى رئيس وزرائها الأسبق إسحاق رابين جاء فيها:" أن منظمة التحرير الفلسطينية تعترف بحق دولة إسرائيل في الوجود في سلام وأمن"
رابين لم يتأخر في الرد، الذي كان سريعا وفي اليوم نفسه، حيث ورد في رسالته لعرفات:" أود أن أؤكد لكم أن حكومة إسرائيل قررت في ضوء التزامات منظمة التحرير الفلسطينية الواردة في رسالتكم أن تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية بوصفها ممثلة للشعب الفلسطيني". هل قرأ نتنياهو هذه الرسالة؟
الرئيس عرفات كان حقاً "تلميذ الشيطان" وإلاً كيف استطاع أقناع رابين العدو الرئيس للفلسطيني، بالاعتراف بشرعية منظمة التحرير كممثل للشعب الفلسطيني، حيث كان هذا الأمر من المستحيلات في السابق.
قالوا لياسر عرفات ذات يوم:" لم نسمعك مرة تلعن الشيطان " فأجاب بحنكته المعروف بها:" ربما أحتاجه يوماً ما." وقد احتاجه بالفعل، خلال تفاوضه مع رابين، أو كان هو الشيطان بنفسه. واحد وعشرون عاماً مرت على "تغييب" صاحب الألقاب المتعددة، لكنه عاش ومات: محمد عبد الرؤوف عرفات القدوة الحسيني. رحمك الله "أبو عمار".
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com
المصدر:
كل العرب