آخر الأخبار

نداء إلى الأغلبية الصامتة: الكفاءات، المعلمون، والمؤثرون… حان وقت بناء حزبنا الجديد

شارك

الصحفي عبد المطلب الأعسم- لم تكن نسب التصويت المتدنية في مجتمعنا العربي مجرّد “عزوف” أو لا مبالاة، بل كانت فعلًا سياسيًا صامتًا، و”تصويتًا بحجب الثقة” عن منظومة حزبية فقدت بوصلتها. لقد عبّر الناس، من خلال صمتهم، عن احتجاج عميق ضد واقع سياسي متآكل، لم يعد يرى المواطن فيه نفسه ولا صوته ولا أمله.

وعندما يفقد الرأس الثقة بالجسد، وحين تنفصل القيادة عن قاعدتها الشعبية، فإننا لا نواجه أزمة انتخابية عابرة، بل انهيارًا بنيويًا يتطلب إعادة تفكير شاملة — بل هدمًا وبناءً جديدًا.

مجتمع في عين العاصفة

يقف مجتمعنا العربي اليوم، وخاصة شبابه المهمش والمضطهد، أمام واحدة من أعقد المراحل في تاريخه الحديث:
فوضى السلاح التي تخطف أرواح أبنائنا كل يوم، آلة الهدم التي لا تعرف توقفًا، البطالة التي تستنزف الطاقات، وغياب الأفق الاقتصادي والتخطيطي.

لكن الأخطر من ذلك كله، هو الإحباط الصامت، ذلك الإحساس الجماعي بأن لا أحد يمثلنا حقًا، ولا أحد يصغي لنبضنا الحقيقي.

تشخيص الفشل: موت الديمقراطية الداخلية

ما نراه من فشل خارجي سياسي وميداني — من العجز أمام الجريمة إلى انهيار “القائمة المشتركة” — ليس إلا انعكاسًا لمرض داخلي عميق: غياب الديمقراطية الداخلية في أحزابنا.

لقد تحولت هذه الأحزاب إلى أطر مغلقة تُدار بلجان مركزية وغرف محصّنة، حيث تُتخذ القرارات في الظلام، بعيدًا عن القاعدة الشعبية.
النتيجة كانت واضحة: محاصصة عائلية، ومقايضات حزبية، تضمن بقاء نفس الوجوه على حساب الكفاءة والتجديد.

كما أشار الدكتور مهند مصطفى، مدير مركز مدى الكرمل، فإن مشروع “القائمة المشتركة” لم يفشل فحسب، بل “ترك جراحًا سياسية عميقة سنحتاج إلى سنوات لتضميدها”.
وقد وثّقت وسائل الإعلام (“كل العرب”، “بانيت”، “الصنارة”) هذا الانحدار من نقاش فكري حول البرامج إلى صراع مَرَضي حول المقاعد، وكأن المقعد أهم من المبدأ.

النداء: إلى من نبني هذا المشروع؟

البديل ليس “حزبًا آخر” من ذات الطينة، بل نهج جديد وروح جديدة.
نهج يبنيه أصحاب الضمائر الحية في مجتمعنا، أولئك الذين ظلوا في الظل وهم الأغلبية الصامتة.

1. إلى جيش المربين والمعلمين

أنتم، أيها المعلمون والمعلمات، لستم موظفين فحسب. أنتم حراس القيم وصُنّاع العقول. أنتم تشهدون بأعينكم كل يوم كيف يسرق العنف واليأس مستقبل طلابنا.
أنتم القاعدة الفكرية لأي نهضة حقيقية، وصوتكم يجب أن يعود إلى مقدمة المشهد.

2. إلى صُنّاع الرأي والمؤثرين

الإعلام الجديد أصبح اليوم ساحة المعركة الأساسية.
أنتم، المؤثرون والصحفيون الأحرار، من يملكون القدرة على إعادة تعريف الرواية. أنتم لستم مجرد ناقلي أخبار، بل صُنّاع وعي.
استخدموا منصاتكم لبناء البديل، لا فقط لفضح الفشل.

3. إلى جيل التغيير (جيل 17 وما فوق)

أنتم أول جيل لا يدين بالولاء لأي حزب تقليدي، ولا يحمل عبء الماضي. أنتم أبناء الأزمة الاقتصادية وأزمة السكن وأزمة الأمل.
صوتكم الأول يجب أن يكون من أجل الحق في المستقبل، لا من أجل العائلة أو الولاء العاطفي.

4. إلى القامات والكفاءات الصامتة

إلى الأكاديميين المستقلين أمثال البروفيسور أسعد غانم والبروفيسور إسماعيل أبو سعد، الذين نبّهوا مبكرًا إلى خطورة ما نحن فيه.
وإلى رؤساء السلطات المحليين المستقلين مثل الدكتور سمير محاميد في أم الفحم، الذين أثبتوا أن النزاهة والكفاءة يمكن أن تنتصر على التحزب والعائلية.

الحل: حزب الكفاءة لا العائلة

ما نحتاجه ليس مجرد حزب، بل حركة وعي جديدة تقوم على ثلاث مبادئ مركزية:
• ديمقراطية مفتوحة: البرايمريز هو الفيصل، والقرار للقاعدة.
• شفافية مطلقة: لا غرف مغلقة ولا “لجان وفاق” في الخفاء.
• كسر العائلية: الانتماء للبرنامج والمبدأ، لا للقب العائلة أو التحالفات الوراثية.

كلمة أخيرة

أكتب هذا النداء بصفتي صحفيًا من أبناء هذا المجتمع، لا من برج عاجي، بل من قلب الميدان.
أكتب لأن السكوت صار خيانة للأمل، ولأن التغيير لن يأتي من فوق، بل منكم أنتم — من المعلمين والمثقفين والشباب والكفاءات التي لم تأخذ فرصتها بعد.

لقد آن الأوان أن نكفّ عن التفرج، وأن نبني أداتنا السياسية بأنفسنا.
إننا نستحق تمثيلًا يليق بنا، وبصوتنا، وبكرامتنا.

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا