في لقاء خاص مع موقع "بكرا"، تحدث الكاتب والمحلل السياسي ماهر أبو طير عن تطورات المشهد في فلسطين، خصوصاً ما يتعلق بقطاع غزة والضفة الغربية، إضافة إلى الأوضاع الإقليمية المرتبطة بالصراع المستمر، رغم ما يبدو من توقف مؤقت للمعركة.
"النهايات لا تزال مفتوحة"
وقال أبو طير إن ما نراه اليوم ليس نهاية الحرب في فلسطين أو في المنطقة، بل هو نهاية "لحظة صعبة فقط"، مشيرًا إلى أن النهايات لا تزال مفتوحة، وأن ما جرى في غزة كان فصلاً مؤقتًا في مشهد أوسع وأعقد.
وأضاف: "الحديث عن نهاية الحرب بعد وقف القتال في غزة سابق لأوانه. غزة تحتاج لأكثر من 80 مليار دولار لإعادة الإعمار، وهو رقم ضخم يعكس حجم الدمار. أغلب السكان سيعيشون فوق الأنقاض لسنوات طويلة، بلا مشاريع، ولا فرص عمل أو تعليم أو حتى حياة مستقرة".
"أجيال غاضبة قادمة"
وحذر أبو طير من العواقب الاجتماعية والإنسانية العميقة لما جرى، قائلاً: "نحن أمام أجيال قادمة ستكون غاضبة وممتلئة بالإحباط. لا يمكن أن نتحدث عن استسلام أو هزيمة نفسية، بل عن غضب سيتحول إلى فعل لاحقًا".
وأشار إلى تقارير دولية تتوقع وفاة أكثر من 200 ألف شخص إضافي في غزة، بسبب نقص الرعاية الطبية، وانتشار الأمراض المزمنة والخطيرة مثل القلب والسكري والكلى، إضافة إلى مئات آلاف الجرحى والمتضررين جسديًا ونفسيًا.
"الفقد والتشظي الاجتماعي سيترك أثرًا هائلًا في بنية المجتمع الغزي، وهو ما سيُعيد إنتاج موجات جديدة من الغضب والمعارضة"، أضاف أبو طير.
"الضفة ليست بعيدة عن المخطط"
وتابع حديثه بالإشارة إلى أن ملف غزة لا يمكن فصله عن الضفة الغربية والقدس، مؤكدًا أن إسرائيل تستغل اللحظة السياسية والعسكرية للتركيز على الضفة، قائلًا: "الضفة الغربية تتعرض لتخطيط ممنهج من قبل إسرائيل، وكل ما يجري هناك من عمليات استيطان وهدم واعتقالات، يتم وسط صمت دولي. نحن أمام مشروع يستهدف تقويض السلطة الفلسطينية نفسها، في ظل رفض إسرائيل لقيام دولة فلسطينية".
وأكد أبو طير أن ما حدث خلال الحرب لا يمكن اختزاله بمجرد عمليات يومية، بل له تأثيرات استراتيجية عميقة، وستظهر هذه التأثيرات بشكل أوضح بعد أن يخرج سكان غزة من صدمة الحرب ويبدأوا بإحصاء خسائرهم.
"الملف الإقليمي ليس بعيدًا"
وعن الأوضاع الإقليمية، أشار أبو طير إلى أن الحرب في غزة كانت مرتبطة بشكل أو بآخر بملفات أوسع في المنطقة، موضحًا: "ما نراه من لبنان إلى سوريا، مرورًا بالعراق وإيران واليمن، هو جزء من تصفية إقليمية تسعى إسرائيل لتحقيقها. هذا المشروع لا يواجه أي ردع حقيقي، خصوصًا في ظل الدعم الأميركي والصمت الغربي".
وأضاف أن إسرائيل، بعد ما وصفه بـ"جرأتها على المدنيين" في غزة، ستسعى إلى استكمال مشروعها التوسعي في المنطقة، قائلاً: "نحن أمام شرق أوسط جديد تريد إسرائيل رسم معالمه، وستعود فور التقاط أنفاسها إلى بقية الجبهات المجدولة".
"علينا قراءة المشهد بعمق"
وختم أبو طير حديثه بتحذير من التركيز على اللحظة الحالية فقط، داعيًا إلى قراءة أعمق للمشهد، وقال: "صحيح أن الحرب العسكرية في غزة توقفت الآن، وربما تعود في أي لحظة، لكن التداعيات لم تنتهِ. إسرائيل لم تُكمل مشروعها، وستتحرك نحو جبهات أخرى قريبًا، ما يفرض علينا أن نكون على وعي استراتيجي، لا نكتفي بردة الفعل، بل نستبق الحدث بالتحليل والاستعداد".