في أجواء ممزوجة بمشاعر الفخر، والامتنان، والتأثر، ودّعت مدرسة التسامح – الجناحان الإعدادي والثانوي – يوم أمس الثلاثاء، أحد أعمدتها التربوية، ونائب مدير الجناح الإعدادي، الأستاذ باسم محمد محاميد (أبو محمد)، بمناسبة خروجه إلى التقاعد بعد مسيرة حافلة امتدت لأكثر من 45 عامًا من العمل التربوي والإداري، تميزت بالتفاني، العطاء اللامحدود، والالتزام الصادق.
وقد أقيم حفل تكريم مؤثر وكبير في مطعم الجاردنز، بحضور جميع معلمي ومعلمات الجناحين الإعدادي والثانوي، بالإضافة إلى طاقم الإدارة، حيث اجتمع الجميع على مائدة محبة ووفاء، تقديرًا لمسيرة الأستاذ باسم الحافلة، ولشخصيته التي زرعت الاحترام والمحبة في قلوب كل من عرفه.
وفي كلمته التي عبّر فيها عن مشاعر الشكر والتقدير، قال الأستاذ أحمد إغبارية: "نقف اليوم أمام قامة تربوية شامخة، كانت وما زالت نبراسًا يُحتذى به في المسؤولية والقيادة والتفاني. لقد كان الأستاذ باسم مثالاً للرجل الذي لا يكل ولا يمل في متابعة كل كبيرة وصغيرة في المدرسة، وكان دائمًا العون والسند لكل من احتاجه. المربي باسم لم يكن فقط نائب مدير... بل كان الأب الروحي للجميع، من معلمين وطلاب على حد سواء. باسمي وباسم كل الزملاء، أتقدم لك بأسمى آيات الشكر والعرفان، متمنيًا لك دوام الصحة والتوفيق في حياتك القادمة."
أما مدير الجناح الإعدادي الأستاذ نجيب محاميد، فقد عبر عن مشاعر الاعتزاز والأخوة قائلاً: "يصعب اختصار أعوام من البذل والعطاء في كلمات. لقد كان الأستاذ باسم زميلًا مخلصًا، وركيزة أساسية في بناء هذا الصرح التربوي. كان يتابع كل طالب وكأنه ابنه، ويهتم بكل زاوية في المدرسة كأنها بيته. نودعك اليوم بجسَدك فقط، أما حضورك، وبصمتك، وذكراك، فستبقى في أروقة هذه المدرسة إلى الأبد. نشكرك من القلب، ونهنئك بتقاعدك الذي تستحقه عن جدارة، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية والسعادة."
وقد تخلل الحفل أيضًا كلمة مؤثرة ألقاها السيد ناصر فايق محاميد – رئيس لجنة الآباء المدرسية، عبّر فيها عن امتنانه الكبير للأستاذ باسم، قائلًا: "هذا الرجل ليس مجرد معلم، بل هو معلّمي الأول في المرحلة الابتدائية، الذي علّمني القيم قبل العلوم، وغرس فيّ المبادئ التي أحملها حتى اليوم. ومن بعدي علّم أولادي، وكنت أتمنى أن يحظى أحفادي أيضًا بشرف التتلمذ على يديه، لكنه قد زرع ما يكفي من الخير، وما أثمره سيبقى في الأجيال.
باسمي، وباسم لجنة الآباء، أتقدم لك بأسمى آيات الشكر والعرفان على كل ما قدمته من جهود جبارة وتفانٍ حقيقي في تبليغ رسالة التربية والتعليم، وتربية أجيال بأكملها على القيم والأخلاق والانتماء."
وقد كانت كلمات السيد ناصر فايق محمّلة بصدق التجربة وحرارة المشاعر، وعكست مكانة الأستاذ باسم في نفوس كل من عرفه وتعامل معه، ليس فقط كمعلم، بل كقدوة إنسانية وتربوية نادرة. لقد شكّل حضور لجنة الآباء والعائلة لهذا الحفل أروع تجلٍ للعلاقات الأصيلة التي نسجها الأستاذ باسم على مدار العقود. هو ليس فقط معلمًا، بل رمزًا للعطاء الأسري والمجتمعي والتربوي، وكان تكريمه احتفاءً بجيل كامل من القيم النبيلة التي جسّدها قولًا وفعلًا.
وما زاد من عمق اللحظة ودفئها، تلك الكلمة العائلية المؤثرة التي ألقَتها كل من ابنته دانية وحفيدته لوزان، حيث عبرتا فيها عن فخرهما الكبير به، ليس فقط كأب وجد، بل كقدوة ومعلّم ومربٍ نادر المثال، خاصة أنهما كانتا من الطالبات اللاتي تتلمذن على يديه في نفس المدرسة التي خدم فيها بكل حب وإخلاص. "لقد كنت لنا الأب، والمربي، والمعلم، والقدوة في كل مراحل حياتنا. تعلمنا منك المعنى الحقيقي للالتزام، والصدق، والحب غير المشروط. واليوم نقف أمامك، فخورين، ممتنين، ومفعمين بالحب، ونقول لك من كل القلب: نحن محظوظون لأنك والدنا، ومحظوظون أكثر لأنك قدّمت الكثير من حياتك لأجل الآخرين دون انتظار مقابل."
لقد لامست كلماتهما مشاعر الحاضرين، وكانت لحظة صادقة ودافئة، اختلطت فيها الدموع بالابتسامات، ومُلئت القلوب بالفخر والامتنان.
لقد اجتمع الجميع من كل زاوية في حياة الأستاذ باسم ليقولوا له:
"شكرًا... لأنك لم تكن مجرد مربي أجيال، بل كنت أمانًا، وضميرًا، ونورًا في دروب الكثيرين."
وفي لحظة عاطفية لا تُنسى، وقف الأستاذ باسم محاميد أمام الحضور، وقد ارتسمت على وجهه علامات التأثر والامتنان، وقال:
"لا تسعفني الكلمات لأعبر عن مدى امتناني لهذا اللقاء الدافئ. لقد عشت في هذه المدرسة لسنوات كانت مليئة بالحب، بالعمل، بالجدّ، وبالتجارب الجميلة التي لن تُمحى من ذاكرتي. أنتم عائلتي، كل واحد وواحدة منكم، وأنا فخور بكل لحظة عمل جمعتني بكم.
سأبقى دائمًا إلى جانبكم، وسأبقى سندًا لكل معلم ومعلمة، بابي سيبقى مفتوحًا، وهذه المدرسة ستبقى بيتي الذي أعود إليه دائمًا، فهي جزء من كياني.
شكرًا من القلب لكل من ساهم في هذا الحفل، شكرًا لإدارة المدرستين، شكرًا للمعلمين والمعلمات، شكرًا على كل لحظة محبة عشتها بينكم. دمتم بخير، ودمتم ناجحين ومخلصين في أداء رسالتكم التربوية العظيمة.
وأضاف: أتقدم بجزيل الشكر والامتنان من أعماق قلبي لكل زملائي وزميلاتي الأعزاء، من الجناحين الإعدادي والثانوي، وإلى إدارة المدرسة التي كانت دومًا الحضن الداعم والموجّه، وأخص بالشكر مديريّ الجناحين، الأستاذ أحمد إغبارية، والأستاذ نجيب محاميد، على كلماتهم التي لامست قلبي.
هذا التكريم سيبقى وسامًا أعلّقه في قلبي وذاكرتي، وما من كلمات تكفي لأرد بها هذا الجميل.
أتمنى لكم جميعًا دوام الصحة، وأن تحققوا كل ما تطمحون إليه في مسيرتكم المهنية والإنسانية، وسأبقى، كما عهدتموني، رفيقًا وداعمًا ومحبًا."
رغم أجواء الفرح التي عمّت الحفل، لم يخفِ أحد من الحاضرين شعوره بالحزن لوداع قامة بحجم الأستاذ باسم، الذي حظي بمحبة الجميع، واحترامهم، لما عُرف عنه من صفاء نفس، وصدق نية، وأخلاق عالية، وحضور مميز.
لقد عبّر الحضور عن فخرهم وسعادتهم بهذا اللقاء التكريمي، الذي جمع الطاقمين الإداري والتدريسي في لحظة استثنائية، توّجت مسيرة رجل استثنائي، وأثبتت أن التقدير الحقيقي لا يُشترى ولا يُفرض، بل يُزرع في القلوب ويُحصد حبًا ووفاء.
ولا يمكن الحديث عن نجاح هذا الحفل المميز دون الإشادة بمن قامت بإدارته بكل مهنية واقتدار، المعلمة هبة بشير أبو فرج، التي أبدعت في تنسيق فقرات الحفل وتنظيمها، بأسلوب راقٍ ولمسات أنيقة، أضفت جوًا من الدفء والبهجة على المناسبة. لقد أدارت الحفل بروح محبة، وصوت يحمل التقدير، لتترك بصمة جميلة في ذاكرة الجميع، وكانت خير من يمثل روح مدرسة التسامح في مثل هذه اللحظات المؤثرة.
في الختام، تم تقديم درع تكريم للأستاذ باسم قدمه الأستاذ نجيب محاميد - مدير الجناح الإعدادي والأستاذ أحمد إغبارية مدير الجناح الثانوي في مدرسة التسامح، وأبى بدوره الأستاذ باسم إلا أن يقدم هدية رمزية لجميع المعلمين والمعلمات ثم غادر الجميع الحفل وهم يحملون في قلوبهم ذكرى وفاء ستُخلّد في صفحات مدرسة التسامح، التي لم تكن فقط مكانًا للتعليم، بل عائلة متماسكة، لا تنسى أبناءها المخلصين.
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة