آخر الأخبار

"مجبر أخاك لا بطل": قراءة في مشهد تبادل الأسرى ووقف الحرب بين إسرائيل وحماس

شارك

في لحظة سياسية مشحونة، تتجسد مقولة “مجبر أخاك لا بطل” كعنوان دقيق للمرحلة الراهنة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث لا منتصر حقيقي، بل طرفان أُجبرا على القبول بتسوية مؤقتة، تحت ضغط دولي متزايد، ووساطة أمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب، الذي يحاول تسويق هذه التسوية كإنجاز تاريخي.

تسوية بلا نصر… بل رضوخ

عملية تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار لم تكن ثمرة إرادة سياسية حقيقية من الطرفين، بل نتيجة استنزاف عسكري وإنساني، وضغوط إقليمية ودولية. حماس، التي واجهت دماراً هائلاً في غزة، وجدت نفسها أمام خيار صعب: الاستمرار في المواجهة مع كلفة بشرية باهظة، أو القبول بوقف إطلاق نار لا يحقق أهدافها السياسية. أما إسرائيل، فرغم تفوقها العسكري، لم تستطع تحقيق “صورة نصر” واضحة، بل واجهت انتقادات داخلية وتراجعاً في ثقة الجمهور بقيادتها.

ترامب… راعٍ للسلام أم مسوّق لصفقة؟

الرئيس ترامب، الذي أعاد طرح فكرة “مؤتمر سلام شامل”، يسعى لتسجيل إنجاز دبلوماسي في ملف ظل عصياً على الحل لعقود. لكن خلف هذا الخطاب، يبرز سؤال جوهري: هل يسعى ترامب فعلاً لحل جذري وعادل، أم أنه يروّج لتسوية تخدم مصالح إسرائيل وتُفرض على الفلسطينيين كأمر واقع؟ إشراك وسطاء جدد لا يعني بالضرورة حيادية، بل قد يكون محاولة لتوسيع دائرة الضغط على الطرف الفلسطيني.

حكومة نتنياهو… لا نية لحل دائم

في المقابل، لا تُبدي حكومة نتنياهو، المدعومة من تحالف يميني متطرف، أي استعداد حقيقي للانخراط في مسار سياسي يؤدي إلى حل الدولتين. بل على العكس، تتصاعد التصريحات التي تدعو إلى استغلال اللحظة التاريخية لتوسيع الاستيطان، وفرض السيادة الإسرائيلية على مناطق واسعة من الضفة الغربية، في إطار ما يُعرف بـ”أرض إسرائيل الكبرى”. هذه الرؤية لا تترك مجالاً لأي تسوية عادلة، بل تُكرّس واقعاً استعمارياً جديداً.

ما بعد التهدئة… إلى أين؟

المرحلة القادمة ستكون اختباراً حقيقياً لجدية الأطراف في تحويل التهدئة إلى مسار سياسي. لكن المؤشرات الحالية لا تبعث على التفاؤل. فطالما بقيت إسرائيل ترفض الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية، وتُمعن في سياسات التوسع والضم، فإن أي حديث عن سلام سيكون مجرد وهم.

أما الفلسطينيون، فعليهم إعادة ترتيب بيتهم الداخلي، وتوحيد صفوفهم، لمواجهة التحديات القادمة برؤية استراتيجية، لا بردود فعل آنية. فالصراع لم ينتهِ، بل دخل مرحلة جديدة من التعقيد، تتطلب وعياً سياسياً، وصموداً شعبياً، وتحركاً دبلوماسياً فاعلاً.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا