التاريخ له حكايات مع رؤساء أنظمة عربية وغير عربية هربوا من شعوبهم لدول أخرى. بطشوا وقهروا وقتلوا وعندما اقترب الحبل من عناقهم هربوا مثل الكلاب الى دول أخرى طالبين الحماية. وحكاية هروب الدكتاتور السوري بشار الأسد الى روسيا بعد سيطرة المعارضة السورية على مقاليد الحكم والاختباء فيها منذ الثامن من شهر كانون الأول العام الماضي، هي واحدة من هذه الحكايات.
قاضي التحقيق السابع في دمشق أصدر مؤخراً مذكرة توقيف غيابية بحق بشار الاسد. فهل هذه المذكرة كافية لاسترجاع الأسد؟ بالطبع لا. لأن العلاقة بين بشار الأسد والزعيم الروسي بوتين لا تسمح بتسليمه للسلطات القضائية السورية. في حوار تلفزيوني مع قناة "روسيا 1"، في شهر مارس /آذار عام 2023 قال بشار الأسد: "التقيت بالرئيس فلاديمير بوتين أول مرة عام 2005، أي تقريبا منذ 18 عاما.. نفس اللغة التي تحدثنا فيها في ذلك الوقت تحدثنا بها اليوم، والرئيس بوتين وأنا واضحان وصريحان باللغة الخاصة والمعلنة".
المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، صرح في التاسع من شهر كنون الأول/ ديسمبر عام 2024 أن الرئيس فلاديمير بوتين هو من قرر منح بشار الأسد حق اللجوء في روسيا. إذاً من المستحيل تخلي بوتين عن صديقه بشار. إضافة الى العلاقة المميزة بين بشار الأسد وبوتين، علينا أن نتذكر أن الأسد حاصل من السلطات الروسية على حق "اللجوء الإنساني" المعزز بالحماية السياسية، الأمر الذي قد يبرر لتلك السلطات عدم تسليمه إلى السلطات السورية.
لكن هناك طريقة أخرى يجب استخدامها من السلطات السورية وهي الاستعانة بالبوليس الدولي (انتربول) عن طريق تقديم مذكرة توقيف بحق الأسد. مذكرة التوقيف هذه تعمم عبر منظمة الإنتربول، فإذا كانت الشروط المطلوبة متوفرة، يصدر هذا الجهاز الامني الدولي تعميماً بتلك المذكرة، يوزع على كل الدول الأعضاء في هذه المنظمة التي يتوجب عليها توقيف الشخص الذي ورد إسمه، أي المطلوب توقيفه، وبذلك يكون الاجراء سلك الطريق الصحيح.
والسؤال المطروح: حتى لو تم ذلك، هل تلتزم الدول بتسليم رؤساء هاربين مطلوبين؟ التاريخ يقول لا. وهناك عدة أمثلة على ذلك: ونذكر في هذا السياق لجوء الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي الذي لجأ إلى المملكة العربية السعودية التي لم تستجب لطلب بلاده استرداده.
حكام القمع والظلم يجدون دائماً من يحميهم.