إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كشفت عن خطة سلام طموحة مؤلفة من 21 بنداً، تهدف إلى تحقيق وقف شامل لإطلاق النار في قطاع غزة، وإعادة ترتيب الإدارة الداخلية للقطاع بعيداً عن نفوذ حركة حماس. الخطة تدعو إلى إشراك جهات فلسطينية ودولية لضمان أمن سياسي واستقرار طويل الأمد.
ومع ذلك، تواجه الطموحات الأمريكية سلسلة من "الخطوط الحمراء" الراسخة التي وضعتها الدول العربية والإسلامية. تتركز هذه الخطوط حول رفض أي شكل من أشكال الضم أو الاحتلال، الحفاظ على الوضع القائم في المسجد الأقصى، وضمان وصول عاجل وكافٍ للمساعدات الإنسانية للسكان في القطاع.
في ظل ذلك، يطرح التساؤل حول إمكانية تطبيق هذه الخطة عملياً، خاصة في سياق المراوغات الإسرائيلية المتكررة والتعقيدات الداخلية على الساحة الفلسطينية. التحليلات المقدمة من الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية، إلى جانب الرؤية المصرية والدعم العربي، تشير إلى تحديات متعددة تواجه صناع القرار، بين حاجة لضمانات فلسطينية موحدة وسلوك سياسي إسرائيلي متباين، مع ضرورة تمويل عربي ودعم دولي لإنجاح أي اتفاق محتمل.
من أجل التعمق في هذا الملف، يقدم التقرير قراءة موسعة تجمع بين استعراض بنود الخطة الأمريكية، المواقف العربية الحاسمة، تقييم المحللين الوطنيين والدوليين، ورؤية القاهرة الواضحة التي قدمتها قيادات بارزة. كما تعرض البرنامج التلفزيوني "الظهيرة" على سكاي نيوز عربية مداخلات تحليلية من سلمان أبو دقة، نضال كناعنة، وخالد عكاشة، لإثراء النقاش حول هذا التحول الكبير.
**خطة ترامب للسلام في غزة**
كشف المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف عن تفاؤل الإدارة الأمريكية بتحقيق تقدم ملموس خلال الأيام المقبلة لإنهاء الأزمة في غزة. تضم الخطة 21 بنداً وتتميز بمحاولة معالجة المخاوف الإسرائيلية ومتطلبات الاستقرار الإقليمي بطريقة شاملة.
أبرز ركائز الخطة:
- الإفراج عن كافة الرهائن المحتجزين لدى حماس، وتطبيق وقف شامل ودائم لإطلاق النار.
- انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من القطاع وإنشاء آلية حكم جديدة خالية من سيطرة حماس، مع ضمانات أمنية واضحة لمنع عودة الحركة إلى السلطة.
- تشكيل قوة أمنية مشتركة تجمع بين عناصر فلسطينية وقوات من دول عربية وإسلامية تعمل على ضمان الأمن الداخلي.
- إشراك محدود للسلطة الفلسطينية في الترتيبات المستقبلية، مع تخصيص دعم مالي عربي وإسلامي لإدارة الأوضاع في غزة وإعادة إعمارها.
تسعى الخطة لجمع الأمن والسياسة تحت إدارة متماسكة، بحيث لا يكون التنفيذ مفوضاً بالكامل لإسرائيل. الإدارة الأمريكية تؤكد على أهمية وجود شراكة محلية وإقليمية لضمان نجاح التنفيذ ولإكسابه الشرعية.
**المواقف العربية وخطوطها الحمراء**
الدول العربية والإسلامية وضعت شروطاً صارمة لتأييد أي مبادرة أمريكية في غزة، شملت النقاط الرئيسية التالية:
- رفض قاطع لعمليات الضم الإسرائيلية وعدم تغيير الوضع الديمغرافي في
الضفة الغربية أو غزة.
- منع الاحتلال الكامل لأي جزء من القطاع أو إقامة مستوطنات جديدة فيه.
- الالتزام بالحفاظ على الوضع القائم في المسجد الأقصى وحماية حقوق المسلمين فيه.
- تقديم مساعدات عاجلة لسكان القطاع للتخفيف من آثار الأزمة الإنسانية.
وفي إطار موقف واضح عبر عنه رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، جددت القاهرة استعدادها للمساهمة في جهود إعادة إعمار غزة بالتنسيق مع المجتمع الدولي. كما شدد مدبولي على ضرورة أن يكون القطاع جزءاً لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية، مع مطالبة بامتلاك السلطة الفلسطينية الحق الحصري في السلاح وتسليم الفصائل المسلحة أسلحتها لهذه السلطة.
تشير هذه التوجهات العربية إلى تركيز كبير على ضمان الشرعية الفلسطينية والدولية لأي تسوية مستقبلية. كما تعكس رغبة في منع أي تدخل خارجي قد يفرض واقعاً جديداً على الأرض يهدد السيادة الفلسطينية أو يحرف مسار حل الدولتين بشكل مستدام.