المشهد الأول: غزة والضفة… جراح لا تلتئم..
منذ اندلاع الحرب الأخيرة، يعيش قطاع غزة واحدة من أعنف الأزمات في تاريخه الحديث. آلاف الشهداء والجرحى، ونزوح قسري لمئات الآلاف، وانهيار شبه كامل في البنية التحتية الأساسية من مستشفيات وطرق ومياه وكهرباء. لم تعد الحياة هناك سوى صراع يومي من أجل البقاء، في ظل حصار خانق وعجز دولي عن وقف المأساة.
وفي الضفة الغربية، لا يقلّ المشهد توترًا، إذ تتسع دائرة المواجهات والاقتحامات، وتتصاعد الاعتقالات اليومية، مما يحول الضفة إلى برميل بارود إضافي. هذه الجراح المفتوحة في الضفة وغزة تعكس أن القضية الفلسطينية لم تعد محصورة بجغرافيا ضيقة، بل أصبحت مركز ثقل إقليمي ودولي يفرض نفسه على أجندات العالم.
المشهد الثاني: جبهات الشمال والجنوب..
شمالًا، يظل التوتر على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية على حافة الانفجار، حيث يواصل حزب الله وإسرائيل تبادل الضربات في معادلة دقيقة، توازن بين الردع وحسابات الحرب
الشاملة.
أي انزلاق في هذه الجبهة قد يفتح الباب أمام مواجهة لا يريدها أحد، لكنها تبقى محتملة في أي لحظة خطأ.
في سوريا، تتكرر الضربات الإسرائيلية ضد مواقع إيرانية وميليشيات موالية، ما يجعلها ساحة مفتوحة لاحتمالات التصعيد، حتى وإن فضلت دمشق البقاء في موقع المتفرج المباشر.
أما جنوبًا، فقد أضاف الحوثيون بعدًا جديدًا عبر هجماتهم في البحر الأحمر وباب المندب، مما أضر بحركة الملاحة العالمية ورفع تكلفة التجارة، وأدخل قوى دولية إضافية على خط الصراع. هكذا اتسع نطاق الحرب من شواطئ غزة إلى ممرات بحرية استراتيجية، ربطت النزاع الفلسطيني بتوازنات الاقتصاد العالمي.
المشهد الثالث: مواقف القوى الإقليمية..
المحاور العربية والإسلامية الكبرى تتحرك بحذر شديد. السعودية تؤكد أن أي محاولات لتغيير الوضع القانوني في الضفة الغربية خط أحمر، لكنها تراعي في الوقت نفسه أجندتها التنموية الداخلية ورغبتها في الحفاظ على استقرار المنطقة. مصر تنظر إلى غزة بعين الأمن والإنسان معًا، إذ تدرك أن انهيار القطاع بشكل كامل سينعكس مباشرة على سيناء والحدود الجنوبية.
تركيا من جهتها ترفع خطابًا سياسيًا عالي النبرة، داعية إلى حماية المدنيين وتدويل القضية الفلسطينية، من دون الانزلاق إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل.
أما إيران، فهي اللاعب الأكثر إثارة للجدل؛ تدير أوراقها عبر حزب الله والحوثيين وفصائل عراقية وسورية، محافظة على خيط رفيع بين الضغط المتواصل وتجنّب حرب شاملة مع الولايات المتحدة وإسرائيل. هذا التوازن الدقيق هو ما يبقي المنطقة حتى اللحظة عند حدود “التصعيد المحسوب” لا الانفجار الكامل.
المشهد الرابع: سيناريوهات المستقبل..
المشهد الراهن يفتح الباب أمام ثلاثة احتمالات رئيسية:
هدنة مؤقتة:
عبر وساطات دولية وإقليمية (مصر، قطر، تركيا)، تسمح بإدخال المساعدات وربما إبرام صفقة تبادل أسرى، لكنها تظل هشة ما دامت القضايا الجوهرية بلا حل.
تصعيد إقليمي محدود:
وهو السيناريو الأكثر واقعية، حيث تستمر الضربات المتقطعة على أكثر من جبهة، من دون انزلاق إلى مواجهة شاملة.
حرب إقليمية واسعة:
احتمال أقل، لكنه قائم، إذا وقع حدث استثنائي كاغتيال قيادات بارزة أو تدمير منشآت استراتيجية، بما يجر المنطقة كلها إلى مواجهة مفتوحة قد تتدحرج إلى أزمة دولية.
المشهد الخامس: بين الأمل والخطر..
المنطقة اليوم عالقة بين بصيص أمل هش وخطر اتساع مدمّر. التهدئة ليست مستحيلة، لكنها تحتاج إلى إرادة سياسية تفوق إرادة السلاح، وإلى إدراك بأن استمرار النزيف سيقود الجميع إلى هاوية يصعب الخروج منها. لقد تحولت غزة من حرب محلية إلى عقدة إقليمية معقدة، وفكّ خيوطها يتطلب حلولًا شاملة تحفظ الأمن، وتعيد الاعتبار للإنسان، قبل أن يبتلع الخراب مستقبل المنطقة بأسرها..
اللهم اني كتبت فقرأت وحللت واستنتجت..
وان كنت على خطأ فيقوموني..
انتهى..