د. غزال أبو ريا لبكرا: السلم الأهلي والحصانة المجتمعية مسؤولية جماعية

مع اقتراب انعقاد مؤتمر الحصانة المجتمعية في سخنين، تحدث د. غزال أبو ريا، مدير مركز الوساطة القطري، لموقع بكرا حول أهمية تعزيز السلم الأهلي والحصانة المجتمعية في ظل تصاعد التحديات والعنف في المجتمع العربي.

وأشار د. أبو ريا إلى أن مجتمعنا يحتوي على الكثير من الخير، لكنه يمر بأزمة تعكسها حالات العنف المتزايدة. وقال: "العنف ليس مجرد ظاهرة عابرة، بل هو انعكاس لأزمة اقتصادية وثقافية وسياسية، وتراكم تأثير ثقافات مختلفة. نحن بحاجة إلى مشروع عملي يترجم الأقوال إلى أفعال، ويعمل على بناء مجتمع متين وآمن."

وحول سبل مواجهة العنف، شدد أبو ريا على ضرورة تظافر الجهود بين جميع الأطراف، بما في ذلك الأسرة، المدارس، لجان الصلح، المؤسسات السياسية، الجمعيات النسوية، الهيئات الشعبية، السلطات المحلية، علماء الدين والإعلام. وأضاف: "تجنيد الموارد المادية والمعرفية وبناء خطط عملية مشتركة هو المدخل الحقيقي لتغيير حال مجتمعنا نحو الأفضل."

وتطرق إلى أسباب العنف في المجتمع، مشيرًا إلى أن العوامل متعددة وتشمل العولمة، التغيّر في البنية المجتمعية، سياسات الدولة التمييزية، ضائقة الأرض والمسكن، تفشي العصابات والاقتصاد الأسود، والتراجع القيمي والأخلاقي. وأوضح أن هذه الأسباب وردت بوضوح في "المشروع الاستراتيجي لمكافحة العنف والجريمة في المجتمع العربي" الصادر عن لجنة المتابعة العليا واللجنة القطرية عام 2019، حيث شارك أبو ريا في ثلاثة قطاعات أساسية: الإعلام، اللجان الشعبية، والمؤسسات الثقافية، وخرج كل قطاع بتوصيات عملية.

وفي ما يخص دور المدارس والأطر التربوية، أكد د. أبو ريا أن المدارس ليست مجرد أماكن لتعليم المهارات الأكاديمية، بل مؤسسات تربوية يمكنها غرس القيم الاجتماعية وإعداد الطلاب ليكونوا مواطنين صالحين. وشدد على أهمية خطة تربوية عملية، تتضمن تشكيل لجان للسلم الأهلي، ورشات عمل، فعاليات أسبوعية، وإذاعات مدرسية، بالإضافة إلى إشراك الأهالي وممثلين من المجتمع.

وختم د. أبو ريا حديثه بالقول: "مواجهة العنف مسؤولية جماعية تبدأ من المدرسة والأسرة، لكنها لا تنتهي عندهما. وحده تظافر الجهود بين المؤسسات التربوية والاجتماعية والسياسية والشعبية هو الكفيل بأن يُغيّر واقعنا نحو الأفضل، ويبني مجتمعًا متماسكًا يتمتع أفراده بالأمن والكرامة والاستقرار."