آخر الأخبار

لبنان على حافة الانفجار: بين سلاح المقاومة وشبح الحرب الأهلية

شارك

بقلم: محمد دراوشة

منذ انتهاء الجولة الأخيرة من الحرب مع إسرائيل، يعيش لبنان حالة من التوتر السياسي والأمني غير مسبوقة، على خلفية الاتفاقية التي تنص على سحب سلاح حزب الله وتسليمه إلى الدولة اللبنانية. الحكومة تطالب بتنفيذ الاتفاق، فيما يرفض الحزب ذلك رفضًا قاطعًا، متمسكًا بأن سلاحه هو “سلاح المقاومة”، لا يمكن التخلي عنه في ظل استمرار التهديدات الإسرائيلية.

هذا الخلاف لا يتعلق فقط ببند في اتفاقية، بل يضرب في عمق مفهوم السيادة الوطنية. هل يمكن لدولة أن تمارس سيادتها فعليًا في ظل وجود فصيل مسلح خارج مؤسساتها؟ أم أن هذا السلاح هو ما يمنحها القدرة على الردع؟ هذا السؤال يقسم اللبنانيين بين من يرى أن سلاح حزب الله بات عبئًا على الدولة، وبين من يعتبره ضمانة أمنية لا غنى عنها.

في خطابه الأخير، صعّد أمين عام حزب الله لهجته، معتبرًا أن الحديث عن نزع السلاح هو “خيانة وطنية”، ومهددًا بأن الحزب لن يقف مكتوف الأيدي أمام أي محاولة لفرض هذا القرار بالقوة. هذا التصعيد لا يمكن فصله عن السياق الإقليمي، حيث تتشابك خيوط النفوذ الإيراني، والمفاوضات الدولية، والتوترات المتكررة في الجنوب اللبناني.

لبنان اليوم يقف عند مفترق طرق مصيري. فإما أن ينجح في إعادة ضبط العلاقة بين الدولة والمقاومة ضمن إطار مؤسساتي واضح، أو أن ينزلق نحو مزيد من الانقسام والتفكك. ومع تصاعد الخطاب المتشنج وغياب الثقة بين الأطراف، يلوح في الأفق شبح الحرب الأهلية من جديد، وهي حرب يجب أن تُستبعد تمامًا من الخيارات المطروحة، لما تحمله من دمار شامل لا يقتصر على البنية التحتية، بل يمتد ليطال النسيج الاجتماعي والهوية الوطنية.

لقد دفع اللبنانيون أثمانًا باهظة في العقود الماضية من حروب داخلية وخارجية، وانقسامات طائفية، وتدخلات إقليمية ودولية جعلت من لبنان ساحة لتصفية الحسابات بدلًا من أن يكون وطنًا لجميع أبنائه. أي انفجار داخلي جديد لن يكون مجرد أزمة عابرة، بل كارثة وجودية قد تعيد البلاد إلى نقطة الصفر، وتفتح الباب أمام سيناريوهات لا يمكن التنبؤ بعواقبها.

المطلوب اليوم ليس فقط حوارًا داخليًا، بل إرادة سياسية حقيقية لإعادة تعريف مفهوم “المصلحة الوطنية”، بعيدًا عن الاصطفافات الإقليمية والحسابات الفئوية. فلبنان يستحق أن يُنقذ، لا أن يُستهلك في صراعات الآخرين. الوقت لا يسمح بالمزيد من التردد، فكل تأخير هو خطوة نحو الهاوية.

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا