في مشهد غير مألوف أعاد إلى الأذهان كلمات الأغنية اللبنانية الشهيرة "معقولة تشتي بآب"، فوجئ سكان القدس مساء الثلاثاء بأمطار صيفية غزيرة في بعض الأحياء، وذلك بعد ساعات فقط من تسجيل درجات حرارة لاهبة وصلت إلى 41.3 مئوية في المدينة. المشهد بدا وكأنه تناقض مناخي صارخ، إذ لم تهدأ موجة الحر القياسية التي تضرب المنطقة حتى تسللت الغيوم وأفرغت حمولتها فوق العاصمة.
الأجواء الماطرة المفاجئة تزامنت مع تسجيل أرقام قياسية في مناطق أخرى، إذ بلغ مؤشر "الإزعاج الحراري" في كيبوتس غلغال بغور الأردن 38.5 وحدة، وهو الأعلى منذ بدء القياسات، مع حرارة وصلت إلى 47.2 مئوية ورطوبة نسبتها 26%، متجاوزًا الرقم القياسي السابق المسجل في أغسطس الماضي. في مناطق أخرى مثل عمق الحولة وشبه سهل بيت شان، لامست الحرارة 46.3 و45.7 مئوية على التوالي، ما جعل الظاهرة المناخية أشبه بمزيج بين الصيف الحارق والمطر الاستوائي.
تفسير
الخبراء وصفوا ما حدث بأنه نموذج واضح للطقس المداري النادر في المنطقة، حيث يؤدي تزامن الحرارة الشديدة مع كتل هوائية رطبة إلى تشكل غيوم رعدية وأمطار موضعية. هذه الحالة، التي عادة ما تُرى في مناطق جنوب شرق آسيا أو أميركا الوسطى، أصبحت تظهر بين الحين والآخر في شرق المتوسط، في إشارة إلى اضطراب أنماط الطقس بفعل التغير المناخي.
ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي تنوعت بين الدهشة والمرح، حيث تناقل مستخدمون مقاطع فيديو للأمطار وهم يرددون لازمة الأغنية "معقولة تشتي بآب" وكأنها تعليق طبيعي على المشهد غير المتوقع. البعض وصف الأمطار بأنها "هدية سماوية" وسط حرارة خانقة، بينما أشار آخرون إلى أن هذه الظواهر الجوية، رغم جمالها، هي إنذار إضافي بمدى خطورة التحولات المناخية.
التوقعات الجوية تشير إلى أن موجة الحر ستشتد الأربعاء قبل أن تبدأ بالانحسار تدريجياً من الخميس، مع بقاء الأجواء حارة ورطبة على طول الساحل، واحتمال هطول أمطار محلية متفرقة في الجنوب، مع تحذيرات من سيول في بعض الأودية. لكن، سواء كانت هذه الأمطار مجرّد صدفة مناخية أو انعكاساً لتغيرات أكبر، فإن مشهد المطر في آب سيظل هذه المرة مرتبطًا في ذاكرة المقدسيين بصوت فيروز وهي تسأل: "معقولة تشتي بآب؟".