قال الباحث والمحاضر في الجامعة العبرية أساف دافيد، في تصريح خاص لموقع "بكرا"، إن اغتيال الصحافي في شبكة الجزيرة أنس الشريف، إلى جانب أربعة من أفراد طاقمه قرب مستشفى الشفاء في غزة، يكشف حجم التدهور في المعايير المهنية والأخلاقية للعمل الصحافي داخل إسرائيل، وتحويل الإعلام إلى ذراع دعائي بيد السلطة.
وأوضح دافيد أن الشريف، الذي كان آخر مراسلي الجزيرة في القطاع، حظي بمتابعة واسعة داخل غزة وخارجها، رغم الانتقادات الموجهة للقناة بسبب عدم نشرها انتقادات مباشرة لحركة حماس. وأشار إلى أن الشريف تجرأ في أوقات سابقة على مطالبة الحركة بتحمل المسؤولية عن مصير السكان وإبداء مرونة أكبر في المفاوضات لإنهاء الحرب، قبل أن تردده شائعات عن تعرضه لتهديدات دفعته لتخفيف نبرته.
وبحسب دافيد، أظهرت وثائق نشرها الجيش الإسرائيلي أن الشريف كان ناشطاً في حماس في سن المراهقة، والتحق عام 2013 بكتائب شرق جباليا، وأصيب في تدريب عام 2017، ثم توقف عن النشاط العسكري وتحوّل للعمل الإعلامي حتى انضمامه إلى الجزيرة. وأكد أن الجيش اعتقله خلال الحرب وأفرج عنه لاحقاً، "ومع ذلك، قررت إسرائيل تصفيته في أغسطس 2025، بعد أكثر من 22 شهراً من الحرب على غزة".
تعاطي الإعلام الإسرائيلي
وانتقد دافيد تعاطي الإعلام العبري الذي تبنى الرواية الرسمية ووصَف الشريف بـ"الصحافي-المخرب" دون بذل الحد الأدنى من الجهد للتحقق، في حين نقلت وسائل الإعلام الدولية صورة أكثر شمولية وعمقاً.
وأضاف: "حين تُبرر الدولة قتل صحافي بسبب ماضٍ عسكري أو انتماء قديم، فهي عملياً تفتح الباب لاعتبار دم أي صحافي خدم في الجيش مباحاً إذا عارض الحكومة. ما نشهده في غزة يثبت أن إسرائيل تقترب في سلوكها مما تدّعي محاربته".
وختم دافيد بالتأكيد على أن استمرار الإعلام الإسرائيلي في ترديد خطاب الحكومة وأذرعها، بدلاً من القيام بدوره الرقابي، يفاقم الأزمة الأخلاقية والمهنية، داعياً الصحافيين إلى استعادة استقلاليتهم والعمل وفق المعايير الحقيقية للمهنة.