كن كما أنت.
بقلم: غزال أبو ريا
من أهم أسباب غياب السعادة عن حياتنا، أن نُقحم أنفسنا في مقارنات مستمرة مع الآخرين:
ما يملكون، منازلهم، رحلاتهم، نمط حياتهم، وحتى التفاصيل الصغيرة في يومياتهم.
وما يفاقم الأمر أكثر هو حين تدخل هذه المقارنات إلى داخل الأسرة.
عندما يقارن الزوج أو الزوجة وضعهم المعيشي بمن حولهم – سواء أكانوا جيرانًا أو أصدقاء – يبدأ التوتر بالتسلل إلى العلاقات، وتبدأ النعَم الموجودة تُنسى، والإنجازات تُهمل، لنجد أنفسنا في دائرة من الأزمات والشعور بالنقص.
المقارنة… بداية الانهيار
المقارنة تقتل الحب، وتفتح الباب للتفكير بالاقتراض وربما اللجوء إلى السوق السوداء.
يُرهن البيت، وتبدأ مرحلة العذاب النفسي والمادي، وقد ينتهي الأمر بتفكك الأسرة.
ننسى أن الغِنى الحقيقي هو غِنى النفس، وأن القناعة سلوكٌ عاقل يُبقي الإنسان في حالة رضا وسلام داخلي.
كيف نتجنب المقارنة؟
السؤال الجوهري هنا هو:
كيف نفكر؟
في لقاءاتي العائلية ومع أصدقائي، أُشدد دائمًا أن طريقة تفكيرنا ومفاهيمنا هي الأساس في بناء سعادتنا.
أحيانًا نبحث عن أشياء وهي في أيدينا. مثل من يسأل: “أين مفتاح السيارة؟” والمفتاح في يده!
علينا أن نُفكر بوعي ويقظة، أن نرى ما هو جميل في حياتنا، ونُعزز هذا الإدراك باستمرار.
نظرة تغير المسار
كان هناك شخص حزين لأنه لا يملك “حذاء”، وخلال تجواله، التقى بإنسان بلا قدم.
عندها أدرك كم هو محظوظ، وتغيّرت نظرته للحياة.
استمتع بحياتك. لا تُحوّلها إلى حالة طوارئ دائمة.
إذا كنت بصحة جيدة، فاشكر الله، وكن حريصًا على أسلوب حياة صحي.
“الصحة تاج على رؤوس الأصحاء، لا يراه إلا المرضى.”
لا تنخدع بالمظاهر
القصور والسيارات الفارهة لا تعني السعادة.
لا تدخل دوامة البذخ والتبذير. عش حياتك بطريقتك، لا بطريقة غيرك.
درس من غاندي
في أحد الأيام، دخل غاندي إلى مقهى وسط الأشجار، وطلب كأس شاي.
حين أحضر له النادل إبريقًا، بدأ بصبّ الشاي حتى امتلأ الكأس وفاض.
تعجب الناس وقالوا: “ما الذي يفعله غاندي؟!”
فقال لهم:
“نحن البشر مثل هذا الكأس. عقولنا ممتلئة بآراء ومواقف وتجارب…
والمطلوب هو أن نُفرغ منها ما لا ينفع، ونعيد ملأها بأفكار تساعدنا لنعيش بمعنى.”
كن كما أنت
اجلس مع نفسك، مع عائلتك، مع أصدقائك.
تحاور، راجع، اسأل: ما الذي يُسعدني؟
اسعَ إلى حياة فيها استقرار وتوازن عاطفي.
حكمة تُلخص المسار
“وما السعادة في الدنيا سوى شبحٌ
يُرجى، فإن صار جسما ملهُ البشر
كالنهرِ يركض نحو السهل مكتدحًا
حتى إذا صار بحراً ملهُ البحرُ.”
– جبران خليل جبران
في النهاية، حتى تعيش في سلام داخلي:
كن أنت، لا تكن غيرك.
توقّف عن مقارنة نفسك بالناس… وابدأ بمراقبة ذاتك.