آخر الأخبار

"غزّة... حرب لا تنتهي وصمت العالم المربك"

شارك

المشهد في غزّة لم يعد مجرد عنوانٍ لحرب عابرة، بل بات رمزًا للجوع والدمار، ولتجرد السياسة من إنسانيتها. ومنذ أشهر، يعيش المدنيّون الفلسطينيّون تحت وطأة عدوان لا يعرف هوادة، تغذّيه عقيدة أمنية وعسكرية لدى حكومة إسرائيل وجيشها، وهي عقيدة تُحيل كلّ ما يتحرّك إلى هدف مشروع، وكلّ بناء إلى "خطرٍ محتمل".

بين هبّة الشعوب وتخاذل الأنظمة
في المقابل، وبينما خرجت الشعوب في الغرب والشرق بمظاهرات داعمة لوقف الحرب، رفعت الأصوات في لندن، وباريس، وشيكاغو، وحتى في تل أبيب، تطالب بوقف سفك الدماء وإنهاء الحصار. هذه الهبّات الجماهيرية تعكس وجدانًا إنسانيًا حيًّا، لكنّها تصطدم بجمودٍ سياسيّ دوليّ، وصمت عربيّ رسميّ يتراوح بين الخجل والحياد.

وإن دلّت هذه التظاهرات على شيء، فإنما تدلّ على أنّ الشارع العالمي بات أكثر وعيًا من حكوماته، وأكثر جرأة في تسمية الأمور بمسمياتها: ما يحدث في غزة ليس دفاعًا عن النفس، بل مجازر ممنهجة بحقّ المدنيين.

انقسام إسرائيلي داخلي... خطر استراتيجي..

اللافت أنّ الأزمة لا تنحصر في ساحة غزة وحدها، بل تتفجر داخل البيت السياسي والعسكري الإسرائيلي ذاته. فهناك خلاف آخذ بالتوسع بين حكومة نتنياهو وقيادة الجيش، حول جدوى استمرار الحرب وأهدافها، ومدى قدرة إسرائيل على فرض "نصرٍ" غير موجود.

الجيش، الذي بات يدرك كلفة الاستنزاف، يضغط للانسحاب أو إعادة التموضع، بينما يصرّ المستوى السياسي على المضيّ في الحرب حتى الرمق الأخير، ولو على حساب مصداقية الدولة ومكانتها الدولية. هذا الانقسام يُضعف صورة إسرائيل خارجيًا، ويكشف أزمة عميقة في إدارة القرار.
أمريكا... التصريحات المربكة بين بايدن وترامب..

الولايات المتحدة، التي لطالما كانت الراعي الأول للسياسة الإسرائيلية، تعاني من تردد كبير. تصريحات متباينة بين إدارة بايدن التي تتحدث عن "ضبط النفس" دون فعل حقيقي، وبين تصريحات ترامب المتقلبة التي تتعامل مع الملف الفلسطيني كأنّه خبر عابر في نشرة الطقس.
هذا التباين الأمريكي يفتح المجال لأوروبا لتأخذ دورًا أكبر وأكثر جدّية، وهو ما تبلور مؤخرًا في اجتماعات أوروبية تدعو إلى الاعتراف الرسمي بدولة فلسطينية كخطوة نحو الحل النهائي، وإنهاء الحرب.

أوروبا تتقدّم خطوة... لكن هل تُحدث الفرق؟

الدعوات الأوروبية المتزايدة للاعتراف بفلسطين، تُعد تطورًا مهمًّا على المستوى الرمزي والسياسي، لكنها تفتقد حتى الآن إلى آلية تنفيذ حقيقية، ولا تملك وسائل ضغط فعّالة على إسرائيل. ومع ذلك، فإن هذا التحول قد يشكّل بداية زحزحة للموقف الدولي التقليدي، وقد يضع أمريكا في زاوية حرجة بين التزاماتها الأخلاقية وتحالفاتها الاستراتيجية.

المنطقة على صفيح ساخن: لبنان سوريا، إيران... والعالم العربي

في ظلّ هذا الانسداد، يزداد القلق من امتداد الحرب إلى جبهات أخرى: لبنان وجنوب سوريا هما في مرمى التصعيد، وإيران تراقب المشهد دون أن تغيب عن الحسابات. والشرق الأوسط كلّه يعيش حالة ترقب حذر.

العالم العربي، الذي التزم الحياد في معظمه، قد يجد نفسه مُجبَرًا على الخروج من صمته، خاصّة إذا تحوّلت الحرب من صراعٍ محدود إلى حرب إقليمية شاملة. فهل ستبقى العواصم العربيّة تكتفي بإدانة خجولة بينما يتساقط الأبرياء؟ أم أنّ النزيف الفلسطيني سيعيد ترتيب الأولويات عربيًا؟

خلاصة وتحليل مستقبلي:
إنّ استمرار الحرب في غزة لا يخدم سوى منطق الدمار، ويغذّي الفوضى الإقليمية. وكل تأخير في وقفها، يزيد من احتمالات التوسّع والتدويل. أمّا الحل الحقيقي، فلن يأتي من حسابات عسكرية، بل من اعترافٍ عالمي بحقّ الشعب الفلسطيني في الحياة، وفي دولة، وفي كرامة.

يبقى السؤال مفتوحًا: هل سيولد من تحت الركام فجرُ سلامٍ حقيقيّ؟ أم أنّ العالم سيواصل فرجه على مسلسل الدم، حتى يسقط الجميع في نيران لا تُبقي ولا تذر؟

(اللهم اني حللت واستنتجت وان كنت على خطأ فصححوني..)

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا