آخر الأخبار

"العنف المجتمعي في العالم العربي... بين غياب الردع وتفكك القيم"

شارك

"العنف المجتمعي في العالم العربي... بين غياب الردع وتفكك القيم"
********
بقلم: "مرعي حيادري"

لا يمكن تناول ظاهرة الجريمة بمنأى عن العنف المجتمعي المتنامي في بلداننا العربية، فقد بات العنف لغةً للتواصل، وأسلوبًا لحلّ الخلافات، بل ووسيلة لإثبات الذات والهيمنة في مجتمع مأزوم. فما بين غياب الدولة الرادعة وتفكك القيم المجتمعية، يُولد العنف كحصاد مرّ لعقود من الإهمال، والتهميش، والانحدار الثقافي.
حين يغيب الرادع وتُغيَّب العدالة
في بيئات تغيب فيها سلطة القانون الفاعل، ويتراجع دور القضاء العادل، ويتفشى الإفلات من العقاب، يصبح العنف وسيلةً مبررة في عيون البعض لتحقيق ما لا يُنال بالقانون. بل كثيرًا ما تتحوّل الدولة نفسها إلى خصم لا حكم، فتكون مؤسساتها إما غائبة عن المشهد أو متواطئة مع أصحاب النفوذ.

وهكذا، يولد شعور بالظلم، فتتكاثر ردّات الفعل الغاضبة، ويُبرَّر فيها كلّ تطرف، من ضرب، وقتل، وتخريب. ويصبح العنف سلوكًا جماعيًا يُنقَل من جيل إلى جيل.

مصدر الصورة

تفكك القيم وخراب البيت الداخلي
العنف لا يُولد من فراغ، بل يتغذّى من التفسّخ القيمي داخل الأسرة والمجتمع. لقد تراجع دور الأبوين كمربّين، وغابت هيبة المعلّم، وتحولت وسائل الإعلام من منابر تنوير إلى ساحات تحريض وشحن غرائزي.
العنف العشائري... دولة داخل الدولة
في العديد من المناطق العربية، ما تزال العشيرة أو الطائفة أو العائلة تشكل المرجعية الأولى والأخيرة للردّ على الخلافات. ويُهمّش فيها القانون لصالح "قانون الدم" و"الصلح العرفي"، لتتحوّل الجريمة إلى شأن خاصّ، لا تُراد معالجته بمسطرة العدالة، بل بـ"الصلح" و"التنازل"..!

وهكذا تُفرّغ الجرائم من مضمونها الأخلاقي والقانوني، وتُكرَّس ثقافة "أخذ الحق باليد"، وهي أخطر المقدمات لانهيار أي مجتمع.

العنف المؤسسي... حين يصبح القمع سياسة لا يمكن إغفال العنف الذي تمارسه الأنظمة ذاتها ضد شعوبها.
عنف القمع، والتجويع، والتضييق على الحريات، والتمييز الطبقي والمناطقي، كلها تغذي العنف الشعبي كردّ فعل على السياسات الظالمة. فكما أن العنف يولّد عنفًا، كذلك الاستبداد يولّد الثورة أو الانفجار..
(فهل من مخرج)..؟
لا يمكن احتواء العنف دون إعادة الاعتبار لسلطة القانون وحياد القضاء.
لا يمكن محاربة الجريمة دون إعادة بناء القيم داخل البيت والمدرسة والمجتمع.
لا يمكن الحد من الفوضى دون تفكيك بنية الولاءات القَبَلية والطائفية لصالح دولة المواطنة.
ولا يمكن أن ينهض المجتمع، ما دام العقلاء مبعدون عن مواقع القرار، والجهلاء يُشرّعون سلوك البلطجة بثقافة الاستقواء.


في نهاية المطاف، العنف ليس مجرّد جريمة ضد الضحية، بل هو جريمة ضد المجتمع بأكمله. ومتى أصبح العنف لغة شعب، صمتت فيه لغة الحضارة، وانهارت أسس التقدّم.
"الفساد الإداري: جريمة مُغطاة بالقانون..
"""""""""""""""""""""""""""""
في مجتمعات تعاني من هشاشة المؤسسات وضعف الرقابة، لا يكون الفساد مجرّد سلوك شاذ، بل يتحوّل إلى منظومة راسخة، تُغطّي نفسها بالقانون، وتتحصّن خلف المناصب، وتُطوّع الأنظمة لحماية الجناة بدل محاسبتهم.
الفساد الإداري، حين يتغلغل في أوصال الدولة، يُفقدها المعنى الحقيقي للسلطة العادلة، ويحوّلها إلى أداة لخدمة المتنفذين، لا المواطنين. ومن هنا تبدأ رحلة الجريمة المقنَّعة... شرعًا وقانونًا.!

من الرشوة إلى الفساد البنيوي
"""""""""""""""""""""""""""""""""
لم يعد الفساد يُقاس فقط بالرشوة أو

المحسوبيات، بل بات ظاهرة مركّبة
تُطال:
التعيينات والمناقصات.
القضاء والمؤسسات الرقابية.
التعليم والصحة.
توزيع الثروات والموارد.
وما يُفاقم المشكلة، أن الفساد أصبح في بعض الدول سلوكًا "شرعيًا" يُمارَس تحت ستار القوانين المُفصّلة لخدمة المصالح، بحيث لا يُحاسب الفاسد لأنه ببساطة... لم "يخرق" القانون، بل صنعه على مقاسه!

الدولة الفاسدة: حاضنة للظلم ومولّدة للجريمة..
"""""""""""""""""""""""""""""""""
حين تُدار الدولة بعقلية "الغنيمة" لا "الخدمة"، يُقصى الشرفاء وتُكافأ الولاءات. فالمواقع تُباع، والمناصب تُقسّم، والقرار يُصنَع في الظل لا في البرلمان. وحين يتحوّل المال العام إلى غنيمة، تُشرعن السرقة ويُغتال الضمير.
هذا الجو من الإحباط واليأس يفجّر نقمة الشارع، ويزيد من نسبة الجريمة، لأن الناس يفقدون الثقة في العدالة، ويشعرون أنهم في معركة خاسرة ضد شبكة فساد لا تُهزم.

تواطؤ القضاء... وخيانة العدالة
""""""""""""""""""""""""""""""""""
أسوأ ما في الفساد، حين يصيب قلب منظومة العدالة: القضاء.
فالقاضي الفاسد لا يظلم فردًا فقط، بل ينسف الإيمان بالقانون. وعندها، تصبح الدولة بلا ميزان، والمواطن بلا حماية، والمجرم بلا عقاب.
كم من ملفات فُتحت ثم أُغلقت بقرار من فوق؟ كم من "رؤوس كبيرة" ظلّت في مناصبها رغم الفضائح؟
كل ذلك يُشعِر الناس أن القانون مطبّق على الضعفاء فقط، وأن "العدالة في إجازة مفتوحة".

الفساد المعولم... والتحالف مع الجريمة المنظمة..
"""""""""""""""""""""""""""""""""
في عالم اليوم، لم يعد الفساد محليًا. فقد تحالفت شبكات الفساد مع الجريمة المنظمة، وغسل الأموال، وتهريب الثروات، لتكوّن اقتصادًا خفيًا يتحرك خارج الرقابة، لكنه يؤثّر مباشرة في الاقتصاد الرسمي والسياسة العامة.
وفي بعض الحالات، تغضّ الدول الغربية الطرف عن فساد الدول النامية طالما تؤمّن لها مصالحها الاستراتيجية.

الحل يبدأ من كسر الحلقة المغلقة..
"""""""""""""""""""""""""""""""
بناء مؤسسات مستقلة فعليًا، لا صورية، وخاصة في القضاء والرقابة.
تشريع قوانين تحمي المبلّغين عن الفساد بدل التنكيل بهم.
تفعيل دور الإعلام المهني لكشف الفساد لا تلميعه.
إقصاء الفاسدين من الحياة العامة ولو كانوا ذوي نفوذ سياسي أو اقتصادي.
الفساد ليس مجرد خلل إداري، بل هو سرطان سياسي وأخلاقي.
وإذا لم تتم مواجهته بشجاعة، فسيتحوّل الوطن إلى مزرعة...
والشعب إلى قطيعٍ تحت رحمة
الذئاب...!

اللهم اني كتبت ، حللت ،واستنتجت وأن كنت على خطأ فصححوني..

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا