الإعلامي احمد حازم
هكذا يعيد التاريخ نفسه. في شهر مايو/ أيار عالم 1948 أقام الأمريكان جسراً جوياً مع برلين لتقديم المواد الغذائية لأهلها بسبب الحصار السوفييتي لها. لالميدالية لها وجهان: الوجه الآخر وفي نفس الفترة الزمنية كان الأمريكان يساعدون الميليشيات اليهودية على تأسيس إسرائيل في فلسطين وتهجير شعبها. ما أشبه اليوم بالأمس.
هم الإسرائيليون يقولون وبالتحديد وزارة الدفاع الإسرائيلية تقول أن اسرائيل تلقت أكبر شحنة أسلحة في تاريخها من أمريكا. المدير العام لوزارة الدفاع اللواء (احتياط) أمير برعام اعترف بنفسه أن أمريكا أقامت جسراً جوياً وبحريا مع إسرائيل ووصفه بـ"أكبر قطار جوي وبحري في تاريخ إسرائيل، حيث نقل أكثر من 100 ألف طن من المعدات العسكرية عبر 870 رحلة جوية و144 بارجة كل ذلك لتدمير ما تبقى من غزة. المدير العام لم يخجل ولم يستح من القول أمام العالم:" أن المعدات ستستخدم لتعزيز قدرات الجيش الإسرائيلي خلال الحملة الحالية على قطاع غزة، واستعدادا لاحتياجات العقد المقبل." وماذا بقي من غزة حتى يحضرون هذا الكم الهائل من العتاد لتدمير ما تبقى فيها؟
نعم التاريخ يعيد نفسه. الأمريكان ساعدوا أهل برلين بشحنات غذائية للبقاء على قيد لحياة في وقت تهجير الشعب الفلسطيني من بلده، واليوم هم الأمريكان يدعمون إسرائيل بشحنات عسكرية لقتل أهل غزة. التاريخ لا يرحم ولا يكذب وهو الشاهد على كل شيء وميناء حيفا شاهد على وصول شحنة ضخمة من المعدات العسكرية الأمريكية، تشمل عشرات الجرافات من طراز D9;I; HGAHI* UGN ÖG ADX، رغم أن الرئيس الأمريكي السابق بايدن منع توريدها لاستخدامها في تدمير قطاع غزة. وكانت إدارة بايدن قد جمدت في نوفمبر الماضي صفقة تشمل 134 جرافة كاتربيلر D9، على خلفية تصاعد الاحتجاجات في الولايات المتحدة ضد استخدامها في الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة،
تناقض كبير واضح في السياسة الأمريكية: فمن جهة يريد ترامب التوصل الى اتفاق سلام بين اسرائيل وغزة لمدة ستين يوما على الأقل، ويقول للعالم انه يعمل على اتفاق سلام دائم بين الجانبين، ومن جهة ثانية يرسل لإسرائيل آلاف الأطنان من المعدات العسكرية لتدمير غزة. فأي نوع من البشر هذا "الترامب"؟ وهو نفسه ترامب "مش عارف على أي خازوق بدو يقعد." مرة يعلن عن تهجير أهل القطاع الى الأردن ومصر، ومرة يريد أن يحول غزة الى "ريفيرا" سياحية ومرة يريد فتح باب الهجرة للغزيين لكندا وأستراليا وكأن أهل قطاع غزة دمية بيده.
التناقض واضح أيضا في الموقفين الأمريكي والإسرائيلي. ففي الوقت الذي يروج فيه الأمريكان لقرب اتفاق سلام في غزة يتحدث موقع صحيفة "إسرائيل اليوم" عن عودة نتنياهو مبكراً يوم غد الجمعة من واشنطن مما يعني ضمنياً عدم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وأخيرا...
التاريخ لكل الناس وليس لفئة معينة من الناس، وتعلمنا من هذا التاريخ أن لا بقاء للظالمين والاحتلال مهما طال الزمن. فالشمس لم تغب في فترة ما عن مستعمرات بريطانيا لكنها بالتالي غابت عنها وتحررت. فهل تعلم نتنياهو التاريخ؟