في حياتنا محطات مركزية تُلقي بظلالها على مستقبلنا، مثل اختيار المهنة، الجامعة، السكن، ومكان الإقامة. ومن بين هذه المحطات، تبرز الحياة الزوجية بما تحمله من مسؤوليات وتحديات.
في هذا المقال، أشارككم بعض الإرشادات والتجارب التي اكتسبتها خلال مسيرتي المهنية، حيث قمت بتمرير دورات استكمال في موضوع “التربية للعائلة” في معهد جفعات حبيبة، وبنيت على مدار السنوات سيرورة عملية تُرافق المقبلين على الزواج.
وأشعر بسعادة غامرة لما أراه اليوم من مبادرات متزايدة تهدف إلى تأهيل الأزواج المستقبليين.
الزواج ليس مجرد يوم عرس، قاعة، فستان وبدلة، بل هو مؤسسة اجتماعية تشمل الجوانب النفسية، الاقتصادية، الثقافية، والدينية.
تتأثر الحياة الزوجية بالمتغيرات الاجتماعية والانكشاف الثقافي العالمي، وهنا يُطرح السؤال:
كيف نحافظ على القيم الأسرية في ظل هذا الانكشاف؟ وكيف نصل إلى استقرار عاطفي وشعوري؟
عند تمريري للدورات، أحرص أن تكون اللقاءات أكثر من مجرد محاضرات؛ بل مساحة آمنة للتعبير، تبادل المشاعر، وتمارين عملية مثل:
• تحليل محاكاة حياتية،
• تمثيل أدوار واقعية،
• نقاشات جماعية،
• وتقاسم التجارب.
وفي نهاية كل لقاء، نطرح السؤال:
“ماذا أخذتَ من هذا اللقاء؟ وكيف ستُوظف ذلك في حياتك الزوجية؟”
هذا النهج يُساعد في بناء وعي مشترك، وتعزيز التواصل بين المشاركين، ويُهيّئهم لتحمّل مسؤوليات الحياة الجديدة.
⸻
إرشادات تطبيقية للمقبلين على الزواج
• عندما تحدث مشكلة، تروَّ وتجنب التصعيد، فالغضب لحظي والندم طويل.
• لا توجد حبوب سحرية للسعادة، ضع نفسك مكان شريكك.
• عند الخلاف، لا تتخذ قرارات نهائية، بل تحدث بصدق وهدوء.
• ركّز على ما هو موجود في حياتك، لا على ما ينقصك.
• عالج المشكلات في بدايتها، ولا تؤجّلها بـ”نتركها للزمن”.
• لا تقارن نفسك بالآخرين، فالسعادة الظاهرة قد تُخفي صراعات داخلية.
• لا تُدخل أطرافًا خارجية دائمًا في مشاكلكم، خصوصيتكم مهمة.
• خصّصوا وقتًا لبعضكم رغم انشغالات العمل.
• حافظوا على التوازن بين الذات، العائلة، العمل والمجتمع.
• لا تجعلوا من البيت مكتبًا للعمل، افصلوا بين المساحات.
• استمعوا بانتباه، وكرّروا ما سمعتموه لتأكيد الفهم.
• لا تدخلوا في ديون، فالدَين يُطفئ الحب: “على قد فراشك مد رجليك.”
• درّب نفسك على رؤية الإيجابي في شريكك.
• لا تقل: “انظري إلى أصدقائنا كم هم سعداء” – تجنّب المقارنات.
• تحمّلوا مسؤولية حياتكم، وتوقّعوا ما هو واقعي، لا مثالي.
• اعتذر عند الخطأ، وفكّر بإيجابية، وتذكّر لحظات السعادة.
• لا تتوقع أن يكون شريكك نسخةً عنك، فالتفاهم يحتاج إلى تسويات.
• تذكّر: ما يزعجك اليوم في شريكك قد يُصبح يومًا جزءًا محبّبًا من حياتك.
• في النقاش، الهدف ليس الانتصار، بل فهم حاجات الآخر.
• كونوا صريحين بشأن وضعكم المادي، فالشفافية تحمي من الإحباط.
• لا تُحمّلوا أنفسكم التزامات مالية كبيرة قبل الزواج، فهذا يُهدد الاستقرار بعده.
⸻
الزواج ليس مجرد ارتباط بين شخصين، بل هو شراكة لبناء بيت، أسرة، ومستقبل.
النجاح فيه يتطلب صدقًا، محبة، صبرًا، وتفاهمًا.
وأتمنى لكل مقبل ومقبلة على الزواج حياةً مليئة بالتفاهم، الاحترام، والمودة.