بعد مرور ستة أشهر على تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سدة الحكم، يتضح جليًا أنه لم يحقق أي إنجازات تُذكر على الصعيد الدولي. فبدلاً من تقديم مبادرات دبلوماسية أو تطوير العلاقات الأمريكية الخارجية، دخل ترامب في صراعات متعددة مع حلفاء تقليديين، وفرض تعريفات جمركية على عدد كبير من الدول، وفتح جبهات خلاف مع الصين، كندا، وحلف شمال الأطلسي (الناتو). كما لم يتمكن من تقديم أي تقدم ملموس في ملفين روسيا وأوكرانيا.
ورغم وعوده بالتدخل الفعال في الأزمات الإقليمية، لا سيما في غزة، إلا أنه لم يفعل شيئًا يُذكر لوقف الاحتلال أو التوصل لوقف إطلاق نار. بل دعم إسرائيل بشكل مطلق، مما عزز موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يعاني من أزمة سياسية وعسكرية في غزة وفي الداخل الاسرائيلي.
أضف الى ذلك تعثره في الساحة الداخلية الامريكية ونشوب صراعات حول ملف الهجرة الغلاء والصراع الداخلي والمظاهرات لصاخبة في لوس أنجلوس ومدن اخرى
في هذا السياق، ومع تعثر نتنياهو في تحقيق أهداف عسكرية في غزة، قام نتانياهو في 13 يونيو/حزيران بشن هجوم جوي واسع النطاق على إيران، مستغلًا دعم ترامب المطلق له ولسياسته، لتحقيق مكاسب استراتيجية. ورغم الدمار الذي لحق بالبنية التحتية الإيرانية، لم يتمكن هذا الهجوم من إحداث نصر قاطع، ما جعل إسرائيل تطلب دعمًا عسكريًا أمريكيًا إضافيا ومباشرًا.
وفي الأيام الأخيرة وبعد 7 أيام من الهجوم الإسرائيلي على ايران والرد الصاروخي الإيراني على إسرائيل نرا ان ترامب ما زال حائرا في قرارته وعلى الرغم من انه ياييد إسرائيل بكل ما يستطيع الا انه لا يملك الإرادة الواضحة والمباشرة للمشاركة جنبنا الى جنب مع الجيش الإسرائيلي في ضرب اهداف إيرانية وتنفيذ هجوم واسع يهدف لتدمير المنشآت النووية الإيرانية وإضعاف النظام الإيراني سياسيًا وعسكريًا بحيث ان هذا الخيار يخدم الاستراتيجية الإسرائيلية، ويعزز مكانة ترامب لدى اليمين الأمريكي المؤيد لإسرائيل، لكن هذا القرار يحمل مخاطر جسيمة على المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، ويحتاج إلى قرار من الكونغرس.
قد يكتفي ترامب بتقديم دعم عسكري غير مباشر (معلومات استخباراتية، أسلحة دقيقة، دعم لوجستي)، دون التورط المباشر. وهذا قد يرضي الجناح الانعزالي في الداخل الأمريكي.
خاصة أن هناك تيارات أمريكية (مثل حركة "أمريكا أولًا") ترفض الانخراط في حروب جديدة في الشرق الأوسط. فهؤلاء يرون أن مثل هذا التدخل قد يؤدي إلى استنزاف أمريكا عسكريًا واقتصاديًا.
وفي حال شنت الولايات المتحدة هجومًا عسكريًا مباشرًا ضد إيران، فإن طهران، المعروفة بقدرتها على الرد غير المتناظر، لن تقف مكتوفة الأيدي، بل من المتوقع أن تلجأ إلى ضرب القواعد الأمريكية في الخليج
حيث تمتلك إيران القدرة على استهداف قواعد أمريكية في قطر، البحرين، الإمارات، والسعودية، وحتى الأردن والعراق. هذه القواعد الامريكا تُعدّ أهدافًا رئيسية في حال نشوب حرب شاملة.
إضافة الى استهداف السفن والمصالح الأمريكية في البحر الأحمر ومضيق هرمز
الامر الذي قد يؤدي إلى شلل في التجارة العالمية وارتفاع أسعار النفط، مما سيؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمي.
كما يمكن ان يحاول الطرف الإيراني تفعيل أذرعه العسكرية في المنطقة
مثل "حزب الله" في لبنان، "الحشد الشعبي" في العراق، و"أنصار الله" الحوثيين في اليمن، للرد على المصالح الأمريكية ، وخلق حالة من الفوضى الإقليمية.
ويتواجد في العراق وسوريا أكثر من 2500 جندي أمريكي في العراق و1000 في سوريا، وهؤلاء الجنود معرضون للخطر مع كل تصعيد جديد. كما تواجه واشنطن ضغطًا كبيرًا من الداخل العراقي لتفكيك القواعد الأمريكية، وسط وعود بانسحاب خلال عشرة أشهر القادمة.
ويعتبر قرار الحرب لا يزال معلقًا بين مطرقة الحليف الإسرائيلي وسندان الداخل الأمريكي، يجد ترامب نفسه أمام قرار مصيري: هل ينجرّ إلى حرب شاملة تخدم طموحات نتنياهو وتثبت قوته كرئيس حازم، أم يرضخ لمعادلة التوازنات الإقليمية ويعتمد سياسة "الردع دون مواجهة"؟
وفي المقابل، فإن إيران – التي ترفض الإذعان – تملك أدوات قوية للرد قد تجعل أي مغامرة أمريكية مكلفة للغاية، وقد تعيد رسم خارطة النفوذ في المن