تقرير جديد: الإهمال في توفير الحماية في المجتمع العربي – تقصير خطير يهدد الأرواح
نشرت جمعية "بمكوم – تخطيط وحقوق الإنسان" ورقة موقف جديدة تسلّط الضوء على واقع الحماية المدنية في البلدات العربية والبدوية وفي
القدس الشرقية، وتكشف عن تقصيرات خطيرة وسياسات تخطيط تمييزية أدّت إلى نقص حاد في وسائل الحماية، مما يعرّض حياة مئات الآلاف من السكان للخطر.
في النقب، يعيش نحو 100,000 مواطن بدوي في حوالي 35 قرية غير معترف بها، داخل مبانٍ مؤقتة لا تلبّي الحد الأدنى من معايير السلامة، وغالبًا ما تُبنى من الصفيح أو البلوك دون غرف محصّنة أو ملاجئ، ما يجعلها مكشوفة تمامًا أمام خطر الصواريخ.
أما نحو 200,000 مواطن بدوي آخر يقيمون في بلدات معترف بها في النقب، فيسكن معظمهم في مبانٍ غير مرخّصة، على الرغم من أن الأراضي مخصّصة للتطوير. غياب التنظيم الرسمي يمنع إقامة وسائل حماية مطابقة للمعايير، ويعرّض السكان لخطر دائم في حالات التصعيد.
ورغم الحاجة الملحّة، لم تُنشأ في النقب منذ أكتوبر 2023 سوى نحو 250 نقطة حماية، نصفها فقط بمبادرة الدولة، في حين أن النصف الآخر أُقيم بمبادرات خاصة أو منظمات مجتمع مدني، ما يسلّط الضوء على قصور خطير في استجابة الحكومة.
في البلدات العربية في شمال ووسط البلاد، يشكّل غياب المخططات التفصيلية القابلة للتنفيذ عقبة أمام بناء محصنات نظامية. البناء غير المرخّص الذي شيده السكان بأنفسهم يفتقر إلى البنية التحتية اللازمة لتعزيز الحماية، بسبب تحديات هندسية واقتصادية وتخطيطية.
وفي القدس الشرقية، حيث يقطن نحو 400,000 فلسطيني، لا يوجد سوى حوالي 60 ملجأ – معظمها داخل المدارس – مقارنة بمئات الملاجئ والغرف المحصّنة في القدس الغربية، سواء في المباني العامة أو السكنية الجديدة والمجددة، ما يعكس فجوة كبيرة في مستوى الحماية بين شطري المدينة.
ويزداد الوضع سوءًا عندما نعلم أن معظم المباني السكنية في القدس الشرقية شُيّدت دون تصاريح، أو تم الاعتراف بها فقط لأنها سابقة لتطبيق القانون الإسرائيلي، وبالتالي لا تحتوي على وسائل حماية مناسبة، ما يترك معظم السكان في خطر.
المخطط الهيكلي القطري للحماية (תמ”א 40 א/1/1)، الذي أُقر بسرعة بعد أكتوبر 2023، يهدف إلى تسهيل إجراءات ترخيص بناء غرف محصنة في المباني الخاصة والعامة. إلا أنه لا يوفّر أي تمويل حكومي ولا يقدّم دعمًا لتطبيقه، خاصة في البلدات الفقيرة اقتصاديًا.
أما آلية תמ”א 38، المصممة لتدعيم المباني ضد الزلازل وتُستخدم أحيانًا لتحصينها، فتعتمد على منطق السوق الحرة، وبالتالي تُطبَّق فقط في المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية – وهو أمر نادر الحدوث في البلدات العربية أو البعيدة عن المركز.
تدعو جمعية "بمكوم – تخطيط وحقوق الإنسان" الحكومة الإسرائيلية والسلطات المحلية إلى التحرّك الفوري والمسؤول لسد فجوات الحماية المدنية، عبر تخطيط بعيد المدى، تخصيص ميزانيات حكومية مخصصة، تقديم الدعم الفني والاقتصادي للسكان، وضمان التنفيذ والمراقبة لإقامة وسائل الحماية في جميع البلدات المستحقة.وقالت الجمعية: "التمييز في التخطيط ضد المجتمعين العربي والبدوي يفاقم هشاشة هذه الفئات في مواجهة تهديدات أمنية حقيقية. الإهمال البنيوي يُلحق ضررًا غير متناسب بأضعف المواطنين، ويجب وقفه فورًا". وأضافت: "نشهد في الأيام الأخيرة موجة من التصريحات العنصرية الفجّة على خلفية التطورات الأخيرة، وندعو الحكومة والسلطات إلى اتخاذ خطوات عاجلة وجدية للقضاء على هذه الظواهر من جذورها".