في مقابلة لموقع "بكرا"، أكد الدكتور حسين الديك، الخبير في الشؤون السياسية، أن الجهود الأمريكية الحثيثة لوقف الحرب على قطاع غزة لم تحقق أي تقدم فعلي حتى الآن، مشيرًا إلى أن مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، اصطدم بجدار صلب تمثّل في مقاربة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يسعى إلى هدنة مؤقتة فقط بهدف إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، دون نية لإنهاء الحرب بشكل دائم.
وأوضح د. الديك أن الاستراتيجية الفلسطينية تقف على النقيض تمامًا، إذ تطالب بوقف شامل ودائم للحرب، وإعادة إعمار قطاع غزة، بالإضافة إلى إطلاق مسار سياسي واضح يُفضي إلى حل عادل. وأكد أن هذا التباين في الرؤى هو جوهر المأزق السياسي الحالي، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية تمارس ضغوطها على الطرف الفلسطيني – باعتباره "الأضعف" – وتتجنب في الوقت نفسه الضغط على نتنياهو.
الإدارة الأمريكية توازن بين ملفات المنطقة
وأشار الديك إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية تسعى لتخفيف الضغط على إسرائيل من خلال مقايضة ملفات المنطقة الأخرى، مثل سوريا، وإيران، ولبنان، واليمن، وذلك في إطار استراتيجية تعتبر مصالح إسرائيل أولوية، على حساب حل عادل للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وهو ما يضعف موقفها التفاوضي أمام الحكومة الإسرائيلية.
حماس أبدت مرونة... ونتنياهو يواصل التصعيد
وحول موقف حركة "حماس"، أشار د. الديك إلى أنها أبدت مرونة كبيرة، واستجابت لضغوط الوسطاء القطريين والمصريين، لكن المعضلة الأساسية تظل في تعنّت الحكومة الإسرائيلية التي تواصل سياسات التصعيد العسكري في غزة والضفة الغربية، إضافة إلى ممارسات أحادية الجانب مثل مصادرة الأراضي وقرارات الضم، خصوصًا في مناطق "ج"، ما يهدد أي كينونة فلسطينية مستقبلية.
وأضاف أن استراتيجية إسرائيل ليست جديدة، بل تقوم على الجمع بين استمرار المفاوضات والاحتفاظ بخيار الحرب، كما حدث بعد اتفاق أوسلو، حيث تواصل إسرائيل التفاوض دون أي التزام حقيقي بإنهاء العدوان أو الانسحاب من الأراضي المحتلة.
هدف التهجير يتقدم على وقف الحرب
وفي تحليله للمشهد العام، يرى د. الديك أن التفاوض الجاري قد يستمر لسنة أو أكثر، بينما الحرب مستمرة على الأرض، في إطار مراوغة إسرائيلية منهجية تهدف إلى تحقيق هدف مركزي يتمثل في تهجير سكان غزة. وأوضح أن هذا الهدف يحظى بتأييد شعبي واسع في المجتمع الإسرائيلي، وفق استطلاعات رأي حديثة.
المزاوجة بين التفاوض والحرب خيار إسرائيل الاستراتيجي
واختتم د. حسين الديك حديثه بالتأكيد على أن إسرائيل، كدولة مؤسسات، تُزاوج بين مختلف الخيارات – المفاوضات، الحرب، والضم – لتحقيق مصالحها القومية، وهو ما يجعل الوصول إلى اتفاق عادل أمرًا معقدًا، خاصة في ظل الدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل، وغياب أي رافعة دولية مقابلة للطرف الفلسطيني.
واعتبر أن المزاوجة بين المفاوضات والحرب الممتدة ما تزال هي السياسة السائدة، لكنها حتى الآن لم تحقق أي إنجاز حقيقي للطرفين، لا سياسيًا ولا عسكريًا، مما يُبقي مستقبل غزة والمنطقة بأكملها رهينة لهذه المعادلة المعقدة.