آخر الأخبار

إسرائيل 2025 : يقتلون الاطفال ويضحكون / بقلم: النائب د. أحمد الطيبي

شارك

كل واحد وواحدة منا، كل مشاهد، كل مستمع، كل من يصمت، وكل من يُسكت، كل من يُعطي شرعية حتى لو بصمته — شريك. ولكل واحد وواحدة منكم القدرة على الرفض.

هذا الشهر، مشهدان حدثا في قاعة الكنيست أمام الجميع وسُجلا في بروتوكول التاريخ، سيبقيان محفورين في ذاكرتي لسنوات طويلة.

الأول وقع في 9 أيار، يوم النصر على النازية.

وقفت على المنصة وتحدثت، كما أفعل كل عام، عن الدروس التاريخية التي يجب علينا تذكّرها في هذا اليوم تحديدًا: عن انتصار الحياة على آلة الإبادة، وعن هزيمة الإيديولوجيات العنصرية واللا إنسانية، وعن الاختبار الأخلاقي الذي نفشل فيه في أيامنا هذه: قتل الآلاف من الفلسطينيين في غزة، من بينهم عشرات الآلاف من الأطفال.

طرحت حقيقة بسيطة أطفال أبرياء، ناعمين، قُتلوا، ليسوا “مخربين”، ولا “دروعًا بشرية”، ولا “متورطين”، بل أطفال. بشر صغار، من لحم ودم. 18 ألف طفل، بحسب بيانات الأمم المتحدة، دُفنوا حتى الموت، احترقوا وهم أحياء، والعديد غيرهم يُقصفون، يُجوعون، يمرضون، وما زالوا يُدفنون تحت الأنقاض، يومًا بعد يوم، ليلة بعد ليلة.

عند انتهائي، وقفت النائبة ميخال وولدغير، من قلب الائتلاف، وقالت:

“ما يحدث في غزة، مؤسف أنه لم يكن أسوأ. لا يوجد أبرياء. نعم، يجب قتل الأطفال. لأنهم يُستخدمون كدروع بشرية”.

المشهد الثاني وقع الأسبوع الماضي، عندما تم إنزال زميلي النائب أيمن عودة بالقوة من المنصة لمجرد أنه قال:

“هناك حدود للأكاذيب. إنكار النكبة لن يُلغيها. لا تدركون كم تبدون ضعفاء. سنة ونصف من الحرب، 19 ألف طفل قُتلوا، 53 ألف مواطن قُتلوا — وليس لديكم حتى إنجاز سياسي واحد. فقط قتل، فقط قصف، فقط حرب ضد المدنيين”.

اندلعت الفوضى في القاعة، وتم استدعاء حراس الكنيست لإنزاله، وهو مشهد نادر حتى في سنواتي الطويلة في الكنيست.

الحقيقة المحزنة هي أن النائب اليهودي الوحيد الذي أدان قتل الأطفال قبل تصريح يائير غولان، كان عوفر كسيف. وحتى هذا الأسبوع، بعد الكارثة الرهيبة التي ألمّت بعائلة الأنجر — مقتل تسعة أطفال وإصابة الأب والطفل آدم (11 عامًا) بجروح بالغة — لم يُسمع أي صوت إدانة.

لم تُسمع أي دعوة لإيقاف هذه الفظائع.

يحيى (12 عامًا)، راكان (10)، إيڤ (9)، جبران (8)، نجار (7)، روان (5)، سادين (3)، لقمان (سنتان) وسيدار (7 أشهر) — أطفال عائلة الأنجر قُتلوا/أُبيدوا بقصف من طيار إسرائيلي، والعالم كعادته يمضي قدمًا.

في إسرائيل 2025، هذا هو “الطبيعي غير الطبيعي”: دعم علني وفخور لقتل الأطفال. ليس زلة لسان — بل تصريحات واضحة تدعم جرائم حرب تُقال علنًا وبكل فخر. وبدلًا من أن يثور الرأي العام أو يُطالب بوقف إطلاق النار، يُقابل ذلك بالضحك، أو بالصمت المدوي.

والمفارقة أن التصريح “البسيط” ليائير غولان بأن “الدولة العاقلة لا تقتل الأطفال كهواية” هو ما أثار العاصفة.

هل يستطيع أحد أن يدعي أن قتل الأطفال عمل عقلاني؟

في نوفمبر 2023 كتب بنيامين نتنياهو:

“قاتلنا دائمًا أعداءً أرادوا إفناءنا… المعركة الحالية ضد حماس هي فصل آخر في ملحمة الصمود”.

ثم صرّح:

“قواتنا تسيطر على المزيد من أراضي غزة، وفي نهاية العملية، ستكون كل أراضي القطاع تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية”.

تصريح يتعارض تمامًا مع القانون الدولي الذي يحظر احتلال الأراضي بالقوة.

الدعوات للإبادة والطرد وجرائم الحرب في غزة ليست هواية — بل سياسة رسمية، تحظى حتى بدعم المعارضة.

في الأسابيع الأخيرة، أدلى وزراء ونواب كثيرون بتصريحات علنية تدعم جرائم الحرب.

نائب رئيس الكنيست، نيسيم فاطوري (ليكود):

“من بريء في غزة؟… يجب فصل النساء والأطفال وقتل الكبار. نحن نتساهل كثيرًا”.

وأضاف: “سنحوّل جنين إلى غزة”.

النائب موشيه سعده (ليكود):

“نعم، سأجوع الغزيين… هذا واجبنا”.

بِتسلئيل سموتريتش، وزير المالية، دعا إلى ترحيل السكان وقال: “سنهدم ما تبقى من غزة”.

إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي، يعلن باستمرار أنه “لا يوجد أبرياء في غزة”، ويُبرّر ضرب المدنيين.

وحتى المعارضة ليست بريئة.

بيني غانتس قال مؤخرًا في مؤتمر في نيويورك:

“لدينا فرصة فريدة في غزة لترويج خطة ترامب للهجرة الطوعية”.

تخيلوا لو أن نائبًا في ديمقراطية غربية أعلن دعمه لقتل الأطفال كانت ستندلع فضيحة كبرى.

لكن هنا؟ لا شيء تقريبًا. لا عناوين، لا تحقيقات، لا غضب عام.

بل العكس وسائل إعلام تنشر “استطلاعات” حول تأييد تجويع المدنيين وتُطبع ذلك.

هل ترون بالفعل إلى أين نحن ذاهبون؟

نحن على حافة هاوية الإبادة الجماعية — تجويع، تهجير، إبادة.

هذا ليس مجرد خطاب على الإنترنت، ولا شعارات انتخابية، بل سياسة رسمية، تُغسل لغويًا وتُعرض كشأن أمني، لكنها في جوهرها تُمثل سحقًا تامًا لكل حدّ أخلاقي.

والأسوأ؟ أن من يندد بهذه الجرائم يُتهم بالتحريض.

نُهاجَم، نُشهر، نُعتقل، نُسكت، ونُلاحق بلجان الأخلاقيات.

نفس اللجنة التي حكمت هذا الأسبوع بأن تصريح النائب فاطوري “يجب حرق غزة” هو مجرد “تعبير سياسي يعكس أيديولوجيته” — قرار يُظهر أن لا علاقة بين الأخلاق وهذه الكنيست.

عندما يُسمح بتبرير قتل الأطفال والتجويع والطرد، وبالأخص في يوم ذكرى النصر على النازية — هذا يعني أن الدرس لم يُتعلم.

هذه إساءة استغلال للتاريخ، للتروما، وتشويه أخلاقي وإنساني.

وكيف ننسى الكذبة الكبرى: “الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”.

أي أخلاق؟ أي جيش يقتل آلاف الأطفال ويجوع الملايين؟

هذه دعاية فارغة هدفها تخدير الضمير العام وإسكات كل من يجرؤ على الانتقاد.

تعلمت من بريمو ليفي، الناجي من المحرقة:

“شيء واحد فقط بقي لنا لنفعله ويجب أن نحاول فعله بكل قوتنا، لأنه آخر شيء متبقٍّ لنا:

يمكننا أن نرفض أفعالهم”.

أنا شخصيًا أرفض التعود.

نحن نرفض الصمت.

نرفض الخضوع لهذا الجنون السياسي.

نرفض تطبيع العنف.

كل واحد وواحدة منكم شريك.

ولكل منكم القدرة على الرفض.

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا