كثيراً ما حدث اقتتال بين فصائل فلسطينية في مخيم عين الحلوة بالقرب من صيدا جنوب لبنان، وكثيراً ما حدثت مشاكل في مخيمات أخرى في ضواحي بيروت وفي شمال لبنان، ولم نسمع يوماً عن زيارة رئيس سلطة رام الله لهذه المخيمات للاطلاع على أحوال الفلسطينيين هناك، لا في زمن السلم ولا في زمن الحرب، وكأن هذه المخيمات لا علاقة لها بمحمود عباس الذي يحمل (نظريا) صفة "الرئيس" الفلسطيني. لكن عملياً لو أردنا الواقع، فإن محمود عباس هو رئيس سلطة فلسطينية محدودة الجغرافيا ومحدودة المهام، بمعنى هو رئيس (جزء) فلسطيني بصلاحيات شبه معدومة وليس رئيس (الكل) الفلسطيني.
محمود عباس زار لبنان الأسبوع الماضي وبقي فيه ثلاثة أيام، ولم يكلف نفسه بزيارة مخيم واحد من المخيمات الاثنتي عشر في لبنان ولو عن طريق رفع العتب. وانطلاقاً من باب المسؤولية والحس الوطني، كان من المفترض برئيس سلطة رام الله على الأقل أن يزور مخيم عين الحلوة أكبر مخيمات لبنان وأكثر مخيم يشهد مشاكل بين الفصائل الفلسطينية فيه. لكن عباس لم يفعلها.
إذاً ما الذي يريده عباس من زيارته الى لبنان؟ الأخبار الرسمية الواردة من لبنان تقول أن عباس تلقى دعوة من الرئيس اللبناني جوزيف عون لزيارة لبنان. ما شاء الله على هذا الشوق اللبناني العوني للفلسطيني العباسي. القصة فيها "إن". لأن الحقيقة تكمن في مكان آخر، وهي أن جوزيف عون الذي (انتخب؟!) رئيساً للبنان بمباركة أمريكية فرنسية هو أيضاً ينفذ أوامر أمريكية لأن من يصبح رئيسا بدعم أمريكا عليه تنفيذ ما يطلب منه وبدون نقاش.
قد يتساءل البعض كيف؟ نحن ليس بصدد الحديث عن جوزيف عون، لكن يجب أن يعرف القارئ الحقيقة. تصوروا أن عون الذي كان قائدا للجيش اللبناني، زار واشنطن وحيدا عدة مرات، وبعد الزيارات تم "اختياره؟!" رئيساً للبنان. ليس هذا فقط. فقد منحت أمريكا 95 مليون دولار للجيش اللبناني بدون مرافقة . والمقابل؟ الشاطر يفهم. القضية ليست قضية نزع سلاح المخيمات الفلسطينية بل هي أكبر من ذلك.، لأن ملف تجريد مخيمات لبنان من السلاح يمثّل مطلباً أمريكياً – إسرائيلياً، كما أن المعنيين بهذا الملف يعرفون انه من المشاريع التصفوية المطروحة الآن.
ليس مهما ما يريده عباس وما يريده عون. فهناك نبض الشارع الفلسطيني له كلمته أيضاً وهي كلمة مهمة. وهذا الشارع بكافة أطيافه متفق على رفض تسليم السلاح كونه الوحيد لديهم للدفاع عن نفسهم.
الهدف الرئيس هو مخيم عين الحلوة كونه أكبر مخيم سكانا وتأثيرا ويوجد فيه العديد من الفصائل "فلسطينية وغير فلسطينية" المتنوعة الاتجاهات. وبعد اتفاق عون وعباس على سحب سلاح المخيمات فلا بد من وضع سيناريو للتمكين من ذلك. وليس من المستبعد إشعال فتنة معينة على شكل اقتتال بين فصائل معينة داخل المخيم يسمح للجيش اللبناني باقتحامه وهنا ستكون الكارثة والتي ستقود حتماً إلى حمام دم جديد، على شاكلة ما حصل في مخيم نهر البارد عام 2007. هذا مجرد تكهن.
وأخيراً... مدينة الناصرة المشهورة عالمياً بمكانتها الدينية، أصبحت الآن مشهورة أكثر لأنها تقترب من دخول موسوعة "غينيتس" لحمل اسم "مدينة الزبالة" التي تنتشر في شوارعها بشكل لا يتصوره العقل البشري. مبروك للبلدية والمعارضة.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com