تستعد مدينة القدس الخميس والجمعة من هذا الاسبوع 8-9.5 لاحتضان حدث غير مسبوق تحت عنوان "اجا الوقت - المؤتمر الشعبي للسلام"، الذي ينظمه "تحالف السلام" والذي يضم عدد من المنظمات والحراكات الديمقراطية، بينها حراك حراك "نقف معًا"، بمشاركة شخصيات يهودية وعربية، ومواطنين من جميع الخلفيات، في دعوة موحّدة لوقف الحرب والسعي نحو حل سياسي عادل وشامل.
ويأتي انعقاد المؤتمر بعد أكثر من عام ونصف من الحرب المستمرة في غزة، وفي ظل تصاعد أزمات الثقة والانقسام، وفي ظل اعلان الحكومة الاسرائيلية عن تجنيد المزيد من جنود الاحتياط استعدادًا لتوسيع الحرب على غزة تزامنًا مع تزايد الأصوات المعارضة لهذا الأمر والداعية لوقف الحرب، ليرفع المؤتمر شعارًا واضحًا: "الحروب ليست قدرًا، والسلام هو الخيار الوحيد".
وحول هذا الموضوع تحدث موقع بكرا مع د.أمير فاخوري - عالم اجتماع سياسي، معهد فان لير، والذي قال خلال حديثه:
"في الوقت الذي تُمعن فيه حكومة إسرائيل في تجويع مليوني فلسطيني في غزة، وتهجير السكان في الضفة الغربية، وقمع حرية التعبير للفلسطينيين المواطنين في إسرائيل عبر "عنف قانوني" وإجراءات شرطية قمعية، وفي هذه اللحظة من الانحدار الأخلاقي العميق ومن حرب إبادة تستهدف الوجود الفلسطيني ذاته — يصبح عقد مؤتمر للسلام فعلًا تحريضيًا بحد ذاته".
حرب إبادة منهجية تُنفَّذ في قطاع غزة
وأضاف: "تقف إسرائيل، ومعها المجتمع اليهودي داخلها، عند مفترق طرق تاريخي وسياسي. الخيار الذي كان يُعرف سابقًا بـ"إدارة الصراع" قد انهار، ولم يتبقَّ أمامنا سوى طريقين: إما طريق السلام والعدالة (حتى وإن كانت نسبية) والمصالحة، أو طريق "الحسم". وقد اختارت الحكومة الحالية بشكل علني طريق الحسم، عبر تبنٍ صريح لسياسات التطهير العرقي، والتجويع، والإرهاب، كجزء من حرب إبادة منهجية تُنفَّذ في قطاع غزة".
وتابع: "في ظل هذه الظروف، يشكّل عقد اللجنة الشعبية للسلام من قبل ائتلاف "آن الأوان" نافذة تُفتح في حيّز نقاش تم إغلاقه منذ زمن — نافذة تُعيد إمكانية الحديث عن السلام والمصالحة. فكل من يتجاهل هذا الخيار، يُسهِم — سواء بالفعل أو بالإهمال — في ترسيخ خطاب الحسم وتبعاته الكارثية".
واكمل حديثه: "ومع ذلك، لا بد من التوضيح: لا يجوز أن يتحوّل خطاب السلام إلى مهرب من الواقع. لا ينبغي أن تكون الدعوة للسلام وسيلة لتجنّب المواجهة الأخلاقية مع الجرائم التي تُرتكب أمام أعيننا. لا يمكن للسلام أن يكون ستار دخان، بل يجب أن يكون أداة حقيقية لوقف هذه الجرائم".
وأشار كذلك: "ولكي لا ينفصل هذا الخطاب عن الواقع، من الضروري، من بين أمور أخرى، مطالبة المجتمع اليهودي في إسرائيل برفض المشاركة في هذه الجرائم. هذه أيام حالكة، أيام نكبة — لكن، من أجل من قُتلوا، ومن جُرحوا في أجسادهم ونفوسهم، ومن أجل مستقبل أطفالنا، أطفال الشعبين — لا يحقّ لنا أن نيأس. لن نسمح بإبادة الوجود الفلسطيني في وطنه. لن نسمح بإبادة العدالة. علينا أن نمنع وطننا من الانحدار إلى هاوية الشرّ الإنساني".
وتابع: "هذه مسؤولية جماعية تقع على عاتقنا جميعًا".