حذر مركز مساواة من أن اقتراح قانون الجمعيات الذي تنظر فيه لجنة الدستور البرلمانية اليوم، لا يشكل مجرد تقييد إداري أو مالي على مؤسسات المجتمع المدني، بل هو استهداف مباشر للناس الذين تُنتهك حقوقهم، من خلال تجفيف الأدوات التي تدافع عنهم وتُرافقهم في معاركهم ضد التمييز والانتهاكات.
القانون، الذي يحظى بدعم حكومي ضمن "الانقلاب القضائي"، ينص على فرض ضريبة بنسبة 80% على التبرعات القادمة من "جهات سياسية أجنبية" إلى الجمعيات، ويمنع هذه الجمعيات من التوجه إلى القضاء في قضايا تتعلق بنشاطها. ومع ذلك، يُستثني من القانون التمويل الخاص (الفردي) الذي تعتمد عليه في المقابل جمعيات يمينية عديدة، ما يجعل القانون أداة انتقائية بامتياز لضرب صوت نقدي واحد فقط: المجتمع المدني المستقل، وخصوصًا الجمعيات العربية والحقوقية.
وقال مركز مساواة في ورقة موقف رسمية أعدّتها نبال أبو عردات، منسقة وحدة المرافعة البرلمانية والقانونية في المركز، وُزّعت على أعضاء الكنيست، خصوصًا من الأحزاب العربية، حيث يشارك قسم منهم في الجلسة:"هذا القانون لا يستهدف المنظمات فقط، بل يستهدف أولئك الذين تُنتهك حقوقهم يوميًا – النساء، الأقليات، العمال، السكان العرب، وضحايا العنف المؤسساتي. إنه يسعى إلى شلّ قدرة هذه الفئات على الدفاع عن نفسها عبر إضعاف الجهات الوحيدة التي تُمثلهم وتُرافقهم قانونيًا ومجتمعيًا."
وأشار المركز إلى أن هذا القانون يُكمّل سلسلة من السياسات الحكومية التي تهدف إلى خنق المجتمع المدني المستقل، وتشويه صورة المنظمات الحقوقية عبر وصمها بأنها "عميلة للخارج"، بينما تُمنح الجمعيات السياسية اليمينية حرية التمويل والدعم دون أي قيود. وأضاف: "القانون يقنّن التمييز السياسي عبر أدوات ضريبية وقضائية، ويقوض مبدأ المساواة أمام القانون. فهو يسمح للجمعيات الموالية للسلطة بالعمل بحرية، بينما يعاقب الجمعيات المستقلة، وخصوصًا العربية، على مجرد تلقي دعم دولي لمشاريعها الحقوقية."
فرض ضرائب تعجيزية تهدف إلى تفكيك الجمعيات المستقلة
وأكد مركز مساواة أن القانون يضرب ثلاثة أعمدة أساسية لأي نظام ديمقراطي، حرية التنظيم – عبر فرض ضرائب تعجيزية تهدف إلى تفكيك الجمعيات المستقلة. حق اللجوء إلى القضاء – عبر منع الجمعيات من التوجه للمحاكم الإسرائيلية. مبدأ المساواة – من خلال التمييز بين التمويل "المسموح" (الخاص/اليميني) والممنوع (الحقوقي/الدولي).
وأوضح المركز أن القانون يتناقض مع القوانين الأساسية في إسرائيل، وخاصة "قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته" و"قانون أساس: القضاء"، ويشكل خرقًا للمعايير الدولية لحرية التنظيم والتمويل العادل للعمل المدني.
وجاء في ورقة الموقف "منذ الحرب العالمية الثانية، أصبحت حماية حقوق الإنسان مسؤولية دولية، وليست شأنًا داخليًا للحكومات فقط. هذا القانون يهاجم هذه القيم، ويُعيدنا إلى منطق ما قبل الكارثة، حيث كانت الدول تسحق الأصوات الحقوقية باسم السيادة والمصلحة."
واختتم مركز مساواة بالدعوة إلى إسقاط القانون، والعمل على وقف حملة التشريعات التي تستهدف المجتمع المدني، مؤكدًا أن السكوت عن هذا القانون سيُفرّغ الحيّز الديمقراطي، الضيق أصلا من مضمونه، ويترك الأفراد الذين يُنتهك حقهم دون أي حماية أو صوت.