آخر الأخبار

أمير مخول: نتنياهو سيسعى لتأجيل الانتخابات حتى عام 2027!

شارك

رجح الباحث والكاتب أمير مخول، من مركز تقدم للسياسات أن نتنياهو يسعى إلى تأجيل الانتخابات حتى عام 2027 والتذرع بحالة الطوارئ لذلك.

وكتب مخول:

بعد أن تجاوز معظم العقبات التي تقف في طريقه، تزداد المؤشرات إلى نية نتنياهو بتأجيل انتخابات الكنيست إلى العام 2027، وهو يحتاج من اجل هذه الغاية، الى حالة طوارئ أمنية أو الى تعديل قانوني يتعلق بالانتخابات. وفقا للمحلل الوازن حنان كريستال في راديو ” كان ب.” (15 نيسان) فإن نتنياهو مهتم بتأجيل الانتخابات. في الكنيست، يحتاج تغيير قانون الانتخابات إلى مصادقة 80 نائبا من أصل 120، وهو ما لا يتوفر له، ولذلك يحاول إعلان “حالة طوارئ أمنية” تمنع إجراء الانتخابات. كي يتمكن من هذا الأمر فهو يحتاج إلى أن يكون رؤساء الاجهزة الأمنية موالين تماما له، ليعلنوا حالة الطوارئ. ولذلك فهو بحاجة لتغيير رئيس الشاباك بعد تغيير قائد الأركان، وإلى تقييد دور المحكمة العليا. ويمكن العثور على إشارة إلى نيته تأجيل موعد الانتخابات في طلب الليكود من لجنة الانتخابات المركزية، بعد وقت قصير من تشكيل الحكومة الحالية، تحديد موعد الانتخابات المقبلة في أكتوبر/تشرين الأول 2027، أي بعد خمس سنوات من انتخابات 2022، وليس أربع سنوات كما ينص القانون، رفض رئيس لجنة الانتخابات المركزية القاضي نوعم سولبرغ هذا المسعى.

تحت عنوان “كيفية ترجيح كفة الانتخابات” نشر افيعاد هومينر روزنبلوم رئيس معهد بيرل كاتزنلسون في التاسع من نيسان 2025 وعلى منصة “تيلم للحوار السياسي” بحثا مقارنا في مخاطر تلاعب اليمين بقيادة نتنياهو بالانتخابات القادمة والسيطرة على نتائجها مسبقا مع استكمال الانقلاب القضائي ومواصلة الحرب على غزة، وتغيير هوية المنظومات والسيطرة على التشريعات في الكنيست. إذ تمحور البحث على الحالة الإسرائيلية إلا أنه استند إلى دراسة حالات مقارنة في عدة أنظمة في العالم المعاصر ومنها الولايات المتحدة وهنغاريا وتركيا وروسيا وفنزويلا، ويصل الى نتيجة مفادها بأن تحركات نتنياهو داخليا وخارجيا تأتي ضمن مسعاه الى “البقاء في السلطة بكل ثمن”.

يتحكم نتنياهو بخياري إجراء انتخابات في موعدها 2026 أو انتخابات مبكرة في حال ضمان تماسك اليمين واعاقة توحيد المعارضة؛ وهناك خيار ثالث وهو سعيه لتأجيل الانتخابات ويبدو ان هذا الاخير هو خياره المفضل ويتجه نحو الحسم فيه.
يستعيد الكاتب نصيحة مستشار ترامب العقائدي الشعبوي في ولايته الاولى ستيف بانون، لاتخاذ أكبر قدر ممكن من الخطوات السياسية في أقل وقت ممكن، لإرباك الجمهور وتضليله، والهيمنة على وسائل الإعلام. كذلك اعتبار الفوز في الانتخابات مجرد حدث مفصلي لتدمير السلطة وتغيير هويتها وإزاحة كل المنظومات المعوقة له لتمرير سياساته واستبدالها بمنظومات مختلفة تمنحه “شرعية” القرار. فعليا، تغيير الحكم من خلال إنهاء مبدأ فصل السلطات واستبداله بمبدأ إخضاع معظم السلطات للسلطة التنفيذية.

1. المشروع هو تفكيك هوية المنظومات وتجيير الدولة عقائديا

ما يقوم به نتنياهو صاحب أطول فترة حكم في اسرائيل هو ليس “تفكيك الدولة” بل تفكيك الديمقراطية وفقا لتعريف الدولة لذاتها. فعليا لم تتفكك إلى الآن أية دولة نتيجة الانتقال الى دكتاتورية الشعبويين. في هذا المضمار يعدد جوناثان ليفي الباحث من معهد “مولاد” في مسألة الشعبوية اليمينية ثماني خطوات يتخذها اليمين ذو النزعة الدكتاتورية لتفكيك النظام القائم وهي؛ الفوز في انتخابات حرة ونزيهة كما حدث في نوفمبر/تشرين الثاني 2022؛ وتفكيك الآليات التي تحد من السلطة التنفيذية؛ والسيطرة على البرلمان أو تهميش دوره؛ إخضاع المحكمة والجهاز القضائي للسلطة التنفيذية من خلال “الانقلاب القضائي” وتعيين القضاة بناء على الولاء لرئيس الحكومة؛ تعيين الموالين في مناصب رئيسية في الجهاز البيروقراطي؛ تغيير الخارطة الإعلامية بحيث تصبح وسائل الإعلام منبراً لرسائل الحكومة وموالية ؛ نزع الشرعية عن أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني وتقييد أنشطتها.
كما يتوقف الباحث من مركز مولاد عند مفهوم “التجيير الانتخابي المطلق” وهو مصطلح شامل لمجموعة متنوعة من الممارسات، والتي تشترك في أنها محمية بموجب مظلة القانون ومنظومات الدولة، ولكنها تُفرِّغ إمكانية إجراء انتخابات حرة ونزيهة من مضمونها. تستخدم الحكومة القائمة أدوات قانونية لمنع المنافسة، وللسيطرة على نتائج الانتخابات، بهدف البقاء في السلطة ومنع ظهور معارضة قوية.
بالإضافة الى الاستراتيجيات الثماني المذكورة، فإن في حوزة اليمين الحاكم قوة شبه مطلقة في السيطرة على الجانب الإجرائي السياسي للانتخابات ويسعى الى استخدامها بالحد الأقصى؛ ومن أهمها التحكم بلجنة الانتخابات المركزية وهي الهيئة المركزية ذات طابع سياسي حزبي المسؤولة عن عملية الانتخابات بعد إعلانها بما فيه المصادقة على قوائم المرشحين أو شطبها قبل الالتماس للمحكمة العليا التي يتراجع دورها نتيجة حملة نزع شرعية وتغيير هويتها؛ التلاعب بموعد الانتخابات بتبكيرها أو إجرائها في موعدها أو السعي لتأجيلها بذريعة “حالة الحرب” المعلنة. حاليا يسعى الائتلاف الحاكم الى تغيير هوية اللجنة من خلال سحب مهمة ترؤسها من المحكمة العليا لصالح رئيس الكنيست من الحزب الحاكم وعلى أساس ولائه لهذا الحزب ورئيسه.

2. تشجيع التصويت في حاضنة اليمين اليهودي وقمعه بين العرب الفلسطينيين:

في 12/9/2019 وفي سبق صحفي آنذاك، كشف الإعلامي اوهاد حيمو من القناة 12 عن وضع لافتات ضخمة باللغة العربية في مشارف البلدات العربية تدعو الى مقاطعة الانتخابات والامتناع عن التصويت للكنيست، بالإضافة إلى حملة دعائية في عدد من وسائل الإعلام، ليتبين أن هذه الحملة يتم تمويلها من قبل يهودي من إحدى المستوطنات في الضفة، الذي عبر عن سعيه لتخفيض عدد المصوتين العرب. جاءت هذه الحملة في أعقاب مشروع قانون كاميرات التعقب الذي بادر اليه حزب الليكود لتثبيت نحو 1200 كاميرا مراقبة في مراكز الاقتراع العربية وذلك لترهيب المصوتين وثنيهم عن الإقدام على الاقتراع، وإذ صدر قرار عن المحكمة العليا ببطلان قانونية هذا الكاميرات، إلا أن مفعولها لم يتضرر، وقد أعلنت شركة العلاقات العامة “كيزلر عنبار” الشريكة في زرع الكاميرات، أنها نجحت في خفض نسبة التصويت في الوسط العربي إلى مستوى منخفض غير مسبوق. وإذ فشلت محاولات تشريع زرع الكاميرات في المقار الانتخابية العربية، فإن تسييس الشرطة وتوقع تسييس لجنة الانتخابات والمحاكم من شأنه أن يسهل مبادرات مماثلة في المستقبل والأجواء الراهنة في ظل الحرب على غزة مواتية تماما.
حدث سابق في هذا المضمار جرى في السابع من اذار/مارس 2015 وفي خضم يوم الانتخابات للكنيست العشرين، خرج نتنياهو الى جمهور اليمين في فيديو مسجّل، يستحثهم على التوافد إلى صناديق الاقتراع والتصويت. جاء في نداء نتنياهو: “يتهافت المصوتون العرب وبأعداد هائلة على صناديق الاقتراع”. فعليا كان هذا النداء العنصري لنشر الهستيريا داخل أوساط اليمين الاسرائيلي حصريا، ليحصل على نتيجتين؛ ترهيب العرب لثنيهم عن الاقتراع، ودفع اليهود الى تكثيف مشاركتهم في الانتخابات ز”إنقاذ الدولة” تحت ذريعة الانتخابات الوجودية لليمين.

في تقريره عن الفلسطينيين مواطني اسرائيل وانتخابات الكنيست القادمة، يشير الصحفي بكر زعبي في موقع سيحا مكوميت (28/1/2025) الى مصادقة الكنيست في أواخر تشرين/أكتوبر 2024 بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون يوسع نطاق الأسباب التي بموجبها يتم منع الترشح للكنيست. يمنع القانون الحالي الترشح للكنيست لكل من يدعم “الكفاح المسلح” ضد إسرائيل بشكل منهجي ولا لبس فيه، بينما يوسّع مشروع القانون المذكور دائرة المنع لتشمل حتى من تماثل مع “حدث واحد” او مع “فعل واحد” ضد اسرائيل كزيارة اسير محرر على سبيل المثال لا الحصر.
مع بداية التلويح بقرب الانتخابات القادمة المتوقعة أواسط 2026، وسعيا لكسب الشرعية بين الاسرائيليين، كرر كل من رئيس المعارضة لبيد ورئيس الحكومة السابق نفتالي بينيت التصريحات برفض اي تحالف مع أي حزب عربي. بما فيه القائمة العربية الموحدة التي استند ائتلافهما الحاكم لنحو عام على دعمها.

3. استراتيجية التيئيس تخطي عتبة الدولة في الملاحقات السياسية:

منذ السابع من أكتوبر 2023 جرت مئات الاعتقالات والاف حالات الملاحقة السياسية. شملت هذه الاعتقالات قيادات سياسية ونواب وموظفين كبار وأساتذة جامعيين وفنانين ونشطاء ميدانيين والأطباء الفلسطينيين العرب في المستشفيات الاسرائيلية والمحامين، والطلاب العرب في الجامعات، ويكاد لا يوجد قطاع سكاني او تشغيلي إلا وتمت ملاحقته شرطيا وقضائيا.
بخلاف حملات الاعتقالات التي سبقت الحرب، فإن معظم الاعتقالات منذ بداية الحرب جرت نتيجة حملات ملاحقة وتتبّع قامت بها جمعيات ومنظمات يمينية اسرائيلية ومنها “ام ترتسو” وحركة “رجابيم” و”حونينو” و”شورات هدين”. وهي التي تتبعت كل ما صدر من منشورات على صفحات التواصل الاجتماعي وبعضها يعود للعام 2017 وقدمتها للشرطة لتقوم بالاعتقال وتقديم لوائح اتهام عشوائية بالتعاون مع النيابة العامة.
خصخص الدولة الملاحقات السياسية وأشاعت إمكانية استباحة حقوق المواطنين الفلسطينيين العرب، وباتت الجمعيات المذكورة وغيرها أو اي موظف يعملون بروح المليشيات الترهيبية الافتراضية، ويلاحقون المحامين في جلسات المحاكم وهم متحالفين مع الإعلام، إذ ينشروا على الملأ معلومات شخصية عن المحامين والملاحقين وحتى عناوين شخصية.
يكاد يكون غير مسبوق شعور الفلسطيني أو الفلسطينية في اسرائيل بالاستهداف الوجودي والتعرض للملاحقة من عدة أطراف وبالتزامن، وقد يدفع باتجاهين نقيضين، فإما الى العزوف عن المشاركة السياسية وفي الانتخابات، أو في المقابل الى المشاركة الواسعة سعيا للتخلص من هذه الحكومة. بينما الذهنية المنتشرة بين فلسطينيي 48 مواطني اسرائيل في سياق سطوة الجريمة المنظمة العربية الفلسطينية وترهيبها والقتل شبه اليومي وبالسلاح الإسرائيلي المهرّب من قواعد الجيش، لتلتقي مع جريمة المؤسسة السياسية والشرطية التي تتيح لها المجال واحيانا توفر الحماية لرؤساء العصابات، فإن مؤداها هو تفتيت المجتمع الفلسطيني الذي يشعر بالعجز أمامها وتدفع نحو الهجرة الى خارج البلاد وحصريا الهجرة الشبابية وأصحاب وصاحبات المهارات والمهن المستقلة وحصريا الأطباء ومهندسي الهايتك، وإلى الهجرة الداخلية من البلدات العربية الى المدن الاسرائيلية، كما ويقلل من الاكتراث للشأن الوطني والاجتماعي العام وللوعي السياسي والمشاركة السياسية.

4. السيطرة على الرواية: استحواذ وسائل الإعلام والتأثير الأجنبي:

يشكل الانقلاب اليميني في خارطة وسائل الاعلام الاسرائيلية النموذج الناجح لدى نتنياهو وشركائه في اعتماد “الاستراتيجية القمعية الناعمة” للانتقال إلى الانقلاب السلطوي الأوسع والمطلق. في هذا الصدد تشكل القناة 14 التي تتبنى هوية أقصى اليمين الاستيطاني العقائدي نموذجا في الاستحواذ على الصوت الإعلامي، وإذ تأسست في البداية كمحطة تراثية يهودية باتت الصوت الإخباري والتحليلي الاول في إسرائيل لصالح العقيدة المذكورة. حدث ذلك بعد سلسلة من التشريعات والإجراءات لخصخصة الإعلام وكسر الهيمنة التاريخية واستبدالها بهيمنة اقصى اليمين، ليتم من خلال ذلك التحكم اليميني بالرواية والسردية الإسرائيليتين، بما فيه إضعاف شرعية القضاء والمنظومة الامنية في نظر الإسرائيليين ومساندة أي إجراء يقوم به نتنياهو.

يرعى نتنياهو مصالح هذه الفضائية من خلال الاعلانات الحكومية والتي تدر عليها أموالا طائلة وكذلك باعتمادها عنوانا لتسريب الأخبار والقبول بإجراء مقابلات صحفية على شاشتها. يقوم بذلك ايضا لأنه حسم قراره بأنه يخاطب الرأي العام اليميني وغير مكترث للرأي العام الواسع. الغاية هي الترويج لسردية إسرائيلية مهيمنة تخدم عقيدته، وتقوم بنزع شرعية ما يسمى “الدولة العميقة” من محكمة عليا والمنظومة الامنية ومنظومات الضبط القضائية، وباعتبار ان اي صوت سياسي نقدي للحكومة يشكل “خدمة للإرهاب ولأعداء إسرائيل”. كما وتقوم بشيطنة الفلسطينيين في اي ظرف والترويج لاستحالة الحل السياسي وللحرب الدائمة. وفقا لروح هذه القناة الاخبارية فلا مكان للنواب العرب في الكنيست الاسرائيلي، بل انهم في خدمة اعداء اسرائيل، مما يعني خلق جو عام يشرعن شطب الأحزاب والمرشحين العرب. ويشرعن التضييق على القوى الليبرالية الإسرائيلية، كما ويشرعن المساعي الدؤوبة لنزع شرعية محكمة الجنايات الدولية والأمم المتحدة والأونروا وهذه المهمة بدعم من المعارضة.

للخلاصة:

• احتمالية إلغاء نتنياهو انتخابات الكنيست لعام 2026 واردة ويتم العمل على تحقيقها في حال سنحت الفرصة بإطالة أمد حالة الحرب المعلنة وتحت ذريعة حالة الطوارئ الأمنية.
• معظم الإجراءات والتغييرات الجوهرية الجارية في اسرائيل هي وليدة تراكم لتغييرات لعقد من الزمن على أقل تقدير
• معظم الإجراءات القانونية وتغيير هوية المنظومات، لها بعد وظيفي يجعل الائتلاف الحاكم وحصريا نتنياهو قادراً على تطبيق عقيدته دونما معوقات منظوماتية أو قانونية وجل هذه العقيدة مرتبط بالفلسطينيين
• اعتماد نتنياهو مبدأ الحسم المنظوماتي والقانوني الداخلي اسرائيليا كأساس للحسم مع الفلسطينيين، وتغيير الواقع السياسي ومنع دولة فلسطينية وشرعنة الاحتلال والضم والتطهير العرقي.
• الأحزاب العربية مستهدفة ضمن استهداف الفلسطينيين، والمسعى من نتنياهو وائتلافه هو إخراجها بالكامل من مساحات الشرعية الانتخابية، وذلك كي يضمن بقاء حكم اليمين لأمد غير محدود. فيما تعزيز وتوسيع وحدتها من شأنه أن يشكل عائقا أمام مخططات نتنياهو بما فيه بقاؤه في الحكم.
• وقف الحرب بأسرع وقت وادارة غزة وإعادة إعمارها مع بقاء أهلها، وتعزز المساعي العربية وضمنها الفلسطينية كل ذلك من شأنه أن يجعل رهانات نتنياهو واقصى اليمين مخفقة.
• ما يبدو وكأنه شأن داخلي هو في جوهره إعداد خطط عدوانية غايتها القضاء على قضية فلسطين وحتى التخلص الوجودي من الفلسطينيين في وطنهم إذا سنحت الظروف.
• الدور العربي بما فيه الفلسطيني والدولي في مواجهة مخططات الحرب ونحو حل قضية فلسطين له أثر قد يكون حاسما في منع اطالة امد حكومة أقصى اليمين الاسرائيلي وقبل ان تحقق سيطرتها المطلقة.

بكرا المصدر: بكرا
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا